مرسيدس تعيد ابتكار نفسها لمواجهة تحديات المستقبل

يتسلح كبير مسؤولي البرمجيات في مرسيدس – بنز ماغنوس أوستبيرج بشعار “استوعب قرنا من التراث التكنولوجي ثم قم بتكييفه لمواجهة المستقبل العاصف لصناعة السيارات”، لتنفيذ مهمته التي جاء من أجلها إلى الشركة الألمانية.

وترك الرجل مهنة استمرت عقدين من الزمن في تطوير البرمجيات والمعلومات والترفيه في أبتيف/ديلفي ليخلف سجاد خان كقائد للبنية التحتية الرقمية لمرسيدس في سبتمبر من عام 2021.

ويبدو هذا الدور يتجاوز بكثير إنشاء رسومات وتصميمات تنقّل أكثر أناقة وجعل التعرف على الصوت داخل السيارة أكثر إنسانية.

ورغم أن أوستبيرج يدرك العمل الضخم اللازم لتحقيق أقصى قدر من إمكانات أم.بي – أو.أس، فإن تجربة الأفراد الذين يجلسون في سيارات مرسيدس، التابعة لشركة دايملر، ستظل محور تركيزه.

ويرى أن تجربتهم ذات أهمية قصوى، قائلا إن “أكبر لحظة في الانتقال إلى دوره كانت إدراك قوة رؤى المستخدمين النهائيين”.

ويقول أليكس لينزي، الذي يكتب لمنصة “موتور ترند” البريطانية للسيارات، إن رؤية أوستبيرج تتمثل في وضع أساس قوي قائم على البرمجيات حتى يتمكن الجيل القادم من سيارات مرسيدس من تلبية المتطلبات الصارمة لعالم متصل ومستقل بشكل متزايد.

وتنفق مرسيدس المليارات من الدولارات لتسريع تطوير نظام التشغيل الجديد أم.بي – أو.أس الذي سيحل في النهاية محل واجهة تجربة المستخدم مبوكس الحالية التي تم إنشاؤها تحت إشراف خان.

ووفقا لأوستبيرج، فإن نظام أم.بي – أو.أس بشكل أساسي “يعيد الوقت، ويجلب الإثارة المستمرة طوال عمر السيارة، ويخلق بيئة سلسة بين الحياة الرقمية للمالك في المنزل وفي السيارة”.

ونظرا لمدى جودة عمل نظام أم.بي – أو.أس بالفعل من خلال شاشاته عالية الوضوح وواجهته القابلة للتكوين بشكل كبير والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتخصيص تفضيلات المستخدم، فإنه سيحتاج إلى تحقيق العديد من القفزات لإنشاء بيئة أكثر روعة داخل السيارة.

ودخلت مرسيدس في شراكة مع شركة تطوير محركات رسومات الألعاب يونتي تكنولوجي، والتي ستساعدها في إنشاء خرائط ملاحة ثلاثية الأبعاد واقعية للغاية، من بين ميزات بصرية أخرى.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن قدرات نظام الأوامر الصوتية الحالي “هاي مرسيدس” ستصل إلى مستويات بشرية جديدة بشكل مخيف تقريبا.

والهدف الأساسي للشركة هو إبهار عملاء مرسيدس باستمرار طوال فترة ملكيتهم، حيث سيكون تفاعل المستخدم مع أم.بي – أو.أس أمرا حاسما لنجاحه.

وأثناء تفاعل المستخدمين مع النظام، سيتتبع نظام أم.بي – أو.أس تقريبا كل نقرة على شاشة اللمس يقوم بها المستخدم، مع التعلم من الذكاء الاصطناعي لسلوكياتهم والتكيف معها.

وقال أوستبيرج “عندما نتعلم، عندما نأخذ البيانات من أنظمتنا في الميدان، سنعرف بالضبط عدد النقرات التي قام بها العميل”. وأضاف “يمكننا بعد ذلك تخصيص نظامنا ومنحهم وظائف جديدة ومعلومات جديدة وتغيير التجربة”.

وعلى سبيل المثال، يمكن أن يساعد جمع البيانات من تفاعلات المستخدم مع الأنظمة المساعدة في تحسين قدرات القيادة الذاتية المستقبلية، كما أن مراقبة سلوك القيادة في سيارات مرسيدس إي.كيو الكهربائية قد توفر طرقا أفضل لتحسين نطاق البطارية.

ويمكن أن تكون التغييرات بسيطة مثل تعديل تخطيط الأيقونة، وعندما تصبح الترقيات جاهزة سيتم تحميلها عبر استخدام التحديثات عبر الهواء، وفي نهاية الأمر هو نوع النهج المرن الذي يتمتع بإمكانيات هائلة لتحسين رضا العملاء.

ولم تهدأ وتيرة تطوير أنظمة مساعدة القيادة لجعل السيارة أكثر أمانا على الطريق والحد من وقوع الحوادث، ولقد أصبح نظام المكابح المانع للانغلاق وبرنامج تعزيز الاتزان الإلكتروني من ضمن تجهيزات السلامة الإلزامية منذ ما يقرب من عقد من الزمن.

وتنقسم أنظمة القيادة الآلية إلى عدة مستويات، وذلك تبعا لمدى تحكم نظام القيادة والمسؤولية الواقعة على عاتق السائق.

ويوضح البروفيسور ماركوس لينكامب، الأستاذ بجامعة ميونخ التقنية، أنه في المستويين الأول والثاني تقع مسؤولية القيادة على عاتق السائق، حتى لو تولت أنظمة القيادة المساعدة مسؤولية التوجيه الطولي أو العرضي.

وهنا يجب أن يكون نظر السائق منصبا على الطريق، ويمكنه رفع يديه مؤقتا عن المقود بشرط إبقاء نظره على الطريق.

وبدءا من المستوى الثالث تتولى السيارة المسؤولية، في حين يمكن للسائق التركيز على أشياء أخرى. ومع ذلك، يجب أن يكون السائق قادرا على تولي زمام الأمور مرة أخرى في غضون 10 ثوان.

وتعد مرسيدس – بنز الشركة الوحيدة التي تقدم مثل هذا النظام حاليا. ويتحمل نظام المساعدة في الازدحام المروري من الشركة المسؤولية حتى سرعة 60 كيلومترا فيساعد كحد أقصى في ظل درجة حرارة خارجية تزيد عن 4 درجات مئوية، فقط على الطرق السريعة وليس في مواقع البناء.

وهناك بعض الأنظمة التي تتطلب مواءمة من السائق، مثل مساعد السرعة الذكي المعروف اختصارا باسم “آي.أس.أي”.

وفي سيارات مثل تلك التي تنتجها مرسيدس، يتجاوز مفهوم الفخامة القيادة السلسة والمقصورة الهادئة. ويدرك كبير البرمجيات في الشركة أنه إذا تم تنفيذه بشكل غير صحيح، فحتى التكنولوجيا الأكثر تقدما يمكن أن تكون لها القدرة على قلب الهدوء العقلي للعميل.

ويتم تطوير أم.بي – أو.أس بطريقة تجعله سلسا وسهل الاستخدام قدر الإمكان. وقال أوستبيرج “يجب أن يكون العميل قادرا على الاستمتاع بالمنتج، وليست لديه أي مخاوف أو أسئلة. وهذا ما نحتاج إلى تقديمه من خلال تجربة مستخدم بديهية”.

وأضاف “لقد عملت في مجال التكنولوجيا لمدة 20 عاما في جانب الموردين هناك، ولكن في مرسيدس عندما ننظر إلى المنتج النهائي، نعمل على تشكيله، والحصول على منتجات ملموسة يهتم بها الناس، يصبح حبا من النظرة الأولى”.

ولذلك تعتقد الشركة الألمانية أن الضرورة تقتضي أن تظل البرمجيات عنصرا فاخرا عالي اللمس مثل أي مكون آخر في سيارة مرسيدس.

ويبدو جذب العملاء بميزات مستقبلية والتزام أمني لا يعني الكثير بدون أسس ممتازة، فقد كانت طرازات مرسيدس المحملة بنظام مبوكس من بين أولى طرازات العلامة التجارية التي تم توصيلها بالسحابة.

وبالمثل، تم تصميم أم.بي – أو.أس للعمل باستخدام منصة سحابية، ولكنها جديدة وأكثر قوة بكثير.

ومن المحتمل أن يستمتع العملاء بمستويات لا حصر لها من الفخامة في الجيل القادم من سيارات مرسيدس، وهو ما يحصل بالفعل، حيث يستعيدون الوقت الذي توفره وسائل الراحة الرقمية الجديدة والقدرات الذاتية.

ومع تحول سياراتهم إلى ملاذات أكثر روعة من أي وقت مضى، فإن التقارب الذي يشعرون به تجاه أجهزتهم سوف يتعمق.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالاستثمارات الخليجية تتحول إلى وجهة للصناديق الصينية
المقالة القادمةلماذا يصرّ القرم؟!