بين فقدان مواد غذائية اساسية من الاسواق وانقطاع مواد حيوية كالبنزين والمازوت، والتهديد المستمرّ بالعتمة الشاملة، ومواصلة الليرة انهيارها مقابل تفاقم الأزمة السياسية يومياً، وانسداد الافق بأي حلول قريبة لتأليف حكومة انقاذية تستأنف ورشة الاصلاح وتمهّد لانطلاق مرحلة جديدة لخروج لبنان من أزمته وحصوله على الدعم المالي الخارجي الذي هو في أمسّ الحاجة اليه، يبدو انّ المجتمع الدولي فقد عزيمته واهتمامه أيضاً بلبنان.
على غرار تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، نتيجة اختلاف الاطراف المعنيّة حول خطة الحكومة الانقاذية وارقامها وبنودها، يسلك ملف التدقيق الجنائي مسار الفشل نفسه اليوم، وسط التجاذبات القائمة بين مصرف لبنان ووزارة المالية، من بيانات تأكيد تقابلها بيانات نفي مطلق، والتي ستؤدي في نهاية المطاف للإطاحة بشركة «ألفاريز اند مارسال» للمرة الثانية على التوالي، تماماً كما حصل مع صندوق النقد الدولي، الذي لم يستطع القيام بعمله ومناقشة اي برنامج إنقاذ، بسبب الخلافات المحلّية بين الادارات المعنيّة.
في هذا السياق، أكّد مسؤول مالي دولي، انّ الانهيار الاقتصادي في لبنان مأساة ذات صناعة محلية، لم يشهد مثيلاً لها في العالم سوى مرات قليلة في التاريخ الحديث. معتبراً إنّ المعاناة والإذلال اللذين يتعرّض لهما الشعب اللبناني مفجع.
وذكرّ بأنّ التحذيرات منذ بدء الأزمة كانت تشير الى انّه في حال لم يتفق لبنان مع صندوق النقد الدولي على برنامج إنقاذ، فإنّ الأوضاع الاقتصادية والمالية ستتدهور بشكل كبير وسيزداد الشعب اللبناني بؤساً وفقراً، «وهذا ما وصلنا اليه اليوم».
أضاف: «هناك انهيار اقتصادي ومالي، لم تتمّ مقاربته ومعالجته منذ تشرين الاول 2019. لا بل تستمر السلطات في إضاعة الوقت».
وشدّد على انّ أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي، لن يتمّ تنفيذه في ظلّ وجود هذه الطبقة السياسية الحاكمة، «خصوصاً في حال لم تُمنح الحكومة الجديدة صلاحيات استثنائية، ما سيؤدي الى الرجوع لمجلس النواب لإقرار أي إجراء او اصلاح، ويعطّل بالتالي التنفيذ».
واستغرب عدم اعتراف السلطة الحاكمة لغاية اليوم بحجم المشكلة وعمقها، وعدم تشخيصها، من أجل وضع خطة لمعالجتها، مذكّراً بأنّ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي فشلت بسبب عدم رغبة جمعية المصارف ومصرف لبنان واللجان النيابية الاعتراف بالخسائر، «علماً انّه لو تمّ الاعتراف بتلك الخسائر في حينها، عندما كان سعر صرف العملة المحلية يبلغ حوالى 2000 ليرة مقابل الدولار، لما كانت الليرة شهدت مزيداً من الانهيار، ولما كنا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم».