تنشغل الأوساط الرسمية والشعبية بالمساعدة التي سينالها لبنان من صندوق النقد الدولي في أيلول القادم عبر مصرفه المركزي. صحيح أن المبلغ الذي يمثل حصة لبنان من وحدات السحب الخاصة SDR في “الصندوق” زهيد، ويقدّر بـ 850 مليون دولار، إلا أن إعطاءه من دون شروط قد يفتح شهية الطبقة السياسية ومصرف لبنان لهدره سريعاً. وفي المعلومات فان المدراء التنفيذيين في الصندوق وافقوا الأسبوع الماضي على طرح المديرة العامة كريستالينا جورجيفا، مساعدة 189 بلداً حول العالم عبر تخصيصها بحقوق السحب الخاصة العائدة لها بحسب حصتها من الصندوق.
وسيجرى في أواخر آب التصويت الرسمي بالموافقة على القرار. حيث من المنتظر أن تكون المبالغ المعطاة غير مشروطة على الجميع، من بعدها تنال كل دولة حصتها من وحدات السحب الخاصة بواسطة عميلها المالي في الصندوق FISCAL AGENT”، الذي عادة ما تكون وزارة المالية أو المصرف المركزي.
في الحالة اللبنانية فان العميل هو مصرف لبنان. وبالتالي سيصله بعد آب مبلغ (633 مليون SDR) وله ملء الحرية باستبداله بالدولار في السوق العالمية، و”استخدام الأموال بطريقة لا تؤدي إلى هدرها كما هدرت مليارات الدولارات في الفترة السابقة من دون جدوى”، بحسب المدير التنفيذي السابق في بنوك وصناديق مالية عالمية صائب الزين. و”هذه العملية لن تتم إلا من خلال المجلس المركزي الجديد، الذي يعول على احترامه وتقيده بقانون النقد والتسليف على عكس ما كان يحصل في السابق، وعدم سماحه باستمرار هدر الإحتياطيات على الدعم وإقراض الدولة وتثبيت العملة”.
هذا من الناحية النظرية، إنما على أرض الواقع فإنّ “السياسيين لن يتوانوا لحظة واحدة عن استعمال هذه الأموال وغيرها، على السياسات الفاشلة لإطالة عمر النظام من دون أي إصلاح جدي”، يقول الزين. ولعل الدليل الأبرز على هذا الكلام ما جرى مؤخراً من خلال استمرار السلطة السياسية بالدعم عبر الموافقات الإستثنائية لاستخدام التوظيفات الإلزامية. وهذا ما حدث في الكهرباء والمحروقات والدواء. وبالتالي فان لا شيء سيمنعهم من مد اليد على الـ 850 مليون دولار لاستعمالها في البطاقة التمويلية لأهداف إنتخابية، الأمر الذي سيحول الأموال إلى الدعم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على طريقة “غطّ الحمام… طار الحمام”، من دون أن تترك أي أثر إيجابي في الإقتصاد على الأمدين القريب والمتوسط.
يذكر أن خطوة صندوق النقد في توزيع وحدات السحب الخاصة ليست الأولى من نوعها. فقد سبق للصندوق أن قدم مساعدات مشابهة للبلدان عقب الازمة المالية العالمية في العام 2009. وأيضاً استفاد في الفترة السابقة من ارتفاع سعر الذهب عالمياً لتسييل جزء منه ودعم الدول الفقيرة.