يحاول الاتحاد الأوروبي منع الولايات المتحدة من استهداف قواعده الرقمية البارزة، في ظلّ خلافات بين الجانبين حول التفاصيل النهائية لبيان مؤجل سيُضفي طابعًا رسميًا على اتفاقية التجارة التي اتفقا عليها الشهر الماضي.
ويُعد قانون الخدمات الرقمية للتكتل تشريعا تاريخيًا يهدف إلى جعل بيئة الإنترنت أكثر أمانًا وعدالة من خلال إجبار شركات التكنولوجيا العملاقة مثل غوغل وفيسبوك على بذل المزيد من الجهود للتصدي للمحتوى غير القانوني.
وقال مسؤولون في الاتحاد إنّ الخلافات حول صياغة “الحواجز غير الجمركية” التي سبق أن ذكرت واشنطن أنها تشمل القواعد الرقمية الطموحة للاتحاد من بين أسباب تأخر صدور البيان المشترك، وفق ما أفادت صحيفة فاينانشال تايمز الأحد.
وكان من المتوقع صدوره في الأصل بعد أيام على إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اتفاقية بشأن الرسوم الجمركية في السابع والعشرين من يوليو الماضي في اسكتلندا.
وأفصح مسؤولان في التكتل بأنّ واشنطن أرادت إبقاء الباب مفتوحًا أمام تنازلات محتملة بشأن قانون الخدمات الرقمية للاتحاد، الذي يُجبر شركات التكنولوجيا الكبرى على مراقبة منصاتها بشكل أكثر صرامة. وتقول المفوضية إنّ تخفيف هذه القواعد يُعدّ خطًا أحمر.
قانون الخدمات الرقمية للتكتل يعد تشريعا تاريخيا يهدف إلى إجبار عمالقة التكنولوجيا على جعل بيئة الإنترنت أكثر أمانا وعدالة
لكن مسؤولا أميركيا قال “نواصل معالجة حواجز التجارة الرقمية في محادثاتنا مع شركائنا التجاريين، وقد وافق الاتحاد على معالجة هذه الحواجز عند إبرام اتفاقنا الأولي”.
وكانت المفوضية تتوقع أيضا أن يوقع ترامب أمرا تنفيذيا بخفض الرسوم على السيارات الأوروبية المُصدّرة إلى الولايات المتحدة من 27.5 إلى 15 في المئة بحلول الخامس عشر من أغسطس، إلا أن المسؤول الأميركي أشار إلى أن هذا لن يحدث إلا بعد الاتفاق على البيان المشترك.
وقال المسؤول الأميركي “ستُتخذ إجراءات لتعديل أي معدل للرسوم الجمركية، مثل رسوم المادة 232 (التي تُطبق على السيارات)، بعد الانتهاء من صياغة البيانات المشتركة مع الشركاء التجاريين الذين توصلنا إلى اتفاقيات معهم”.
ومع ذلك، وبعد أسابيع، لا تزال مسودات البيان متداولة بين بروكسل وواشنطن، ولم يُطرح أي أمر بشأن السيارات، وهو قطاع تصدير رئيسي لألمانيا.
في المقابل، نشرت الولايات المتحدة الشروط العامة لـ”اتفاقية الازدهار الاقتصادي” مع المملكة المتحدة في نفس اليوم الذي تم الاتفاق عليه في مايو الماضي، رغم أن تنفيذ أحكامها استغرق عدة أسابيع، مع استمرار المحادثات بشأن الصلب وغيره من الصادرات.
والاتفاق مع بروكسل، الذي وصفته المفوضية بأنه من أكثر الاتفاقات فائدة التي وقعها ترامب منذ أن شنّ حربه التجارية، يضع سقفا للرسوم على معظم سلع الاتحاد الأوروبي المستوردة إلى الولايات المتحدة عند 15 في المئة.
وقد مُنحت بعض صادرات الاتحاد الأوروبي إعفاءات، بما في ذلك قطع غيار الطائرات وبعض الأدوية والمعادن الأساسية.
ومع ذلك، اعتبره المحللون والسياسيون في جميع أنحاء الاتحاد نتيجة سيئة للتكتل، الذي اضطر إلى تقبّل رسوم أعلى في الوقت الذي التزم فيه بإنفاق مئات المليارات من الدولارات على صادرات الطاقة الأميركية وعلى الاستثمارات في الولايات المتحدة.
ومن العقبات الأخرى أمام توقيع البيان المشترك بين الطرفين سياسة حافة الهاوية بشأن الجداول الزمنية، وفقا لمسؤولين في بروكسل.
لكن التكتل، الذي يضم 27 دولة، جادل باستحالة تحديد جدول زمني دقيق لعمليات الموافقة الداخلية، لأسباب أبرزها أنه لم يقرر بعدُ كيفية إجراء التغييرات القانونية اللازمة لتخفيف الإجراءات البيروقراطية على المستوردين الأميركيين.
ونقلت فاينانشال تايمز عن مسؤول أوروبي، لم تذكر هويته، قوله “لقد قطعنا على أنفسنا التزامات سياسية، ونعتزم الوفاء بها، شريطة أن تفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه أولا، بهذا التسلسل”.
وصرح المسؤول الأميركي للصحيفة البريطانية بأنه “كما هو الحال مع المملكة المتحدة، اتفقت إدارة ترامب والاتحاد الأوروبي على إطار عمل لاتفاق شامل. وكان الطرفان واضحين عند التوصل إلى الاتفاق بأن العديد من التفاصيل سيتم العمل عليها لاحقا”.
وأضاف “تعمل الإدارة عن كثب مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي لوضع اللمسات الأخيرة على هذه التفاصيل في أسرع وقت ممكن لتوسيع نطاق وصول الصادرات الأميركية إلى الأسواق”.
وتخلت بروكسل في الوقت الحالي عن مسألة ضمان استثناءات التعريفات الجمركية على النبيذ والمشروبات الروحية، التي حثت عليها فرنسا وإيطاليا، أكبر مصدرين لهذه المنتجات في الاتحاد.
والخميس الماضي، أكد المتحدث باسم المفوضية أولوف جيل إعادة البيان إلى الاتحاد الأوروبي للمراجعة. وقال “نحن نركز كليا على التوصل إلى هذا البيان المشترك”، مضيفا أن “الخطوة الأخيرة هي الأصعب دائما”




