مساع لإحياء سياحة المراسي لزيادة الموارد في مصر

تسعى القاهرة لإحياء سياحة المراسي البحرية لإنقاذ مقصدها السياحي الذي أتى وباء كورونا على عوائده، ولم يعد أمام الحكومة المصرية سوى البحث عن تنويع أنماط سياحتها التي تقتصر على السياحة الشاطئية بشكل رئيسي، تليها السياحة الثقافية.

وقررت هيئة قناة السويس منح تخفيضات للسفن السياحية والركاب واليخوت ذات حمولة كلية بـ300 طن فأكثر، لتشجيع السياحة البحرية بالمراسي المصرية.

وتصل قيمة التخفيضات لنحو 50 في المئة من رسوم العبور العادية في كل من رحلتي الذهاب والعودة للسفن السياحية التي تقوم بزيارة المراسي المصرية على البحرين المتوسط والأحمر على ألا تقل مدة توقفها في المراسي عن 72 ساعة.

وتعد سياحة المراسي من أهم أنواع السياحة عالميا، وتتميز بارتفاع إنفاق السائحين، وتعتمد على التسوق بشكل كبير، خلال زيارة السائحين للمزارات الأثرية والسياحية في كل دولة.

وكشفت دراسات اتحاد الغرف السياحية المصرية أن معدل إنفاق السائح عبر المراسي البحرية يزيد على إنفاق السائح في برامج السياحة الشاطئية أو الثقافية العادية بنحو أربع مرات، ما يمنحها ميزة تفضيلية لتنشيط السوق المحلي.

وتتراوح مدة رحلة سياحة المراسي بين ثلاثة أسابيع إلى شهر، ويستحوذ البحر المتوسط على النوع الأكبر من هذه الرحلات بأسعار تتراوح بين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف دولار، حسب برنامج ورفاهية كل باخرة.

وتعد سفن “كروز” العملاقة من أشهر وسائل السفر لسياحة المراسي، وتجوب موانئ عدد من الدول التي يتم الاتفاق عليها وفق برنامج كل رحلة، وعند وصول ميناء كل دولة يمكن للسائح الذهاب إلى المزارات السياحية التي يرغب في زيارتها.

ويفضل الأثرياء هذا النمط السياحي، فيما يتراوح عدد السياح في المركب الواحد بين ألف إلى ثلاثة آلاف سائح.

ويعد المردود الاقتصادي لهذا النوع من النمط السياحي مباشرا لحركة الأسواق، على عكس أنواع رحلات السياحة الأخرى التي تُنظم من خلال شركات السياحة، حيث تعمل على تنشيط الأسواق عبر تعامل السائح مع المواطن أو المحال التجارية والمطاعم مباشرة.

وقال إيهاب عبدالعال عضو غرفة شركات السياحة، إن خفض رسوم العبور للسفن السياحية ينعش السياحة المصرية، خاصة على الرحلات التي تجوب البحر المتوسط، وتمر عبر قناة السويس، ومنه تتجه نحو شرق آسيا.

وعانت هذه السفن كثيرا من ارتفاع رسوم العبور في نقاة السويس، لدرجة باتت طاردة وكادت تدفعها لتغيير مسارها التقليدي.

وأضاف لـ”العرب” أن سياحة المراسي تعد نمطا مهمّا للمقصد المصري، لأنها تمتاز بانتظام الرحلات السياحية واستمرارها على مدار العام، لاسيما أن مصر تمتاز بتعدد المناطق السياحية التي تجذب هذا النمط.

وتعد مناطق مدن الإسكندرية وبورسعيد من أهم المقاصد السياحية على البحر المتوسط، والغردقة سفاجا وشرم الشيخ ودهب وطابا ومرسى علم أهمها على البحر الأحمر.

ويقدر عدد السياح الذين يتوافدون على سياحة المراسي بمصر بنحو 15 ألف سائح شهريا، ويمكن أن يتضاعف الرقم بشكل كبير بعد تجاوز جائحة كورونا.

ودشنت مصر مشروعا مشتركا لسياحة المراسي مع كل من اليونان وقبرص، تزامنا مع التقارب السياسي بين الدول الثلاث عقب التوقيع على اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية، وما ترتب عليها من اكتشافات غازية ضخمة بمياه البحر المتوسط

وشكلت الدول الثلاث لجنة لدراسة مسارات رحلات السفن السياحية بين موانئها لتقديم منتج سياحي متميز يضمن الاستفادة من الموروث الثقافي والحضاري.

وأكد فؤاد ثابت عضو جمعية مستثمري بورسعيد، في شمال شرق القاهرة، أن مراسي مدينة بورسعيد تستقبل نحو ألفي سائح شهريا، حيث ترسو السفن البحرية لبعض الوقت، بما يمكن السياح من إجراء الجولات في بورسعيد أو الذهاب للقاهرة لزيارة المتاحف والأماكن الأثرية ثم العودة لاستكمال رحلاتهم.

وأشار إلى أن أشهر السفن السياحية في العالم تمر بميناء غرب بورسعيد، وعلى متنها أكثر من ألفي سائح، وترسو حوالي ثماني ساعات بالميناء.

ويقوم السياح بجولات في مدينة بورسعيد أو خارجها، ما يؤكد أن الاهتمام بسياحة المراسي مهم للغاية لتعزيز حركة السياحة الوافدة إلى مصر.

ويحقق خفض رسوم العبور على السفن السياحية التي تمر بقناة السويس فائدتين؛ الأولى أنه يزيد من إيرادات هيئة قناة السويس، عبر تشجيع المزيد من السفن على العبور، ويضاعف الموارد من خلال الأنشطة المصاحبة لسياحة المراسي السياحية.

أما الفائدة الثانية لخفض الرسوم فتتمثل في زيادة الحركة السياحية الوافدة إلى المدن السياحية الأخرى في البحر الأحمر، مثل الغردقة والجونة، فالسفن البحرية تجد مجموعة من الحوافز الحقيقية التي تدفعها إلى عبور قناة السويس، والاتجاه نحو تلك المدن التي يعشقها الكثير من سياح العالم.

وتعظم هذه التخفيضات من الاستفادة أيضا بفترات الانتظار الطويلة التي قضت عليها قناة السويس الجديدة، وسرعت حركة المرور بالقناة.

وقد يكون النمط السياحي الجديد طوق النجاة للسياحة المصرية التي منيت بخسائر قدرها المركز المصري للدراسات الاقتصادية بنحو 6 مليارات دولار منذ توقفها في منتصف مارس الماضي بسبب وباء كورونا.

وتشير التوقعات إلى تحرك المياه الراكدة في قطاع السياحة خلال شهر ديسمبر الحالي، مع قدوم نحو 150 ألف سائح، وتحقيق إيراد سياحي بنحو 45 مليون دولار تزامنا مع أعياد الكريسماس ورأس السنة الميلادية.

وتحتاج هذه الخطوات استراتيجية متكاملة لتنشيط الحركة السياحية من خلال تدشين فنادق ومنتجعات وأماكن ترفيهية تحفز سياح المراسي البحرية على زيارة المقصد المصري وإنعاش هذا النمط السياحي.

مصدرالعرب اللندنية - محمد حماد
المادة السابقةأميركا تضيف شركات صينية كبرى إلى قائمة سوداء
المقالة القادمةأزمة ميناء بورتسودان تعرقل الحركة التجارية