مستوردو المستلزمات الطبية يعانون… المصارف تقطع “الأوكسيجين”!

من الممكن أن تنزع الحكومة عنها عباءة السياسة – ظاهرياً- الا أن صبغة الانصياع الى النظام المصرفي فهي تتلبّسها. قد تنجح المصارف وجمعيّتها، بالضحك على مجلس الوزراء الى حدّ الاستغباء واسترضائه بـ 6 ملايين دولار، إلا أنها خائبة تكون إن ظنّت أن بوسعها الاستخفاف بعقول اللبنانيين، فهذه الهالة التي أحاطت نفسها بها على مدى سنوات قد سقطت. سقطت، رغم كل حملات التطبيل والتصفيق التي ترافق جمعية المصارف في حملات تبرعاتها وأعمالها الخيرية المدفوعة من جيوب المودعين. أما التلطي خلف الانغلاق الاقتصادي وحمائيّته فلا يبرر عدم البتّ بملف استيراد المستلزمات الطبية الذي بعد بقائه عالقاً بين مصرف لبنان والمصارف، ها هو اليوم يخضع لمزاجيّة المصارف.

منذ أيام، طلب البنك المركزي من المصارف التحرك وإجراء التحويلات اللازمة الا أن الاخيرة لم تعمد الى تنفيذ ذلك، حتى يتمكن مستوردو المستلزمات الطبية من شراء الادوات اللازمة والتي تعاني المستشفيات من نقص فيها، خصوصاً تلك الضرورية لتخطي الوباء الكوروني ولا سيما منها المتصلة بأجهزة الأوكسجين. فالمصارف لم توافق بعد على طلب البنك المركزي ولا التفتت أيضاً إلى مراجعات المستوردين ولا حتى الى حاجات الشعب اللبناني، الذي لم يعد يسعى الا الى قليل من الاوكسجين وفتات الطعام بعدما أحكمت قبضتها على مدّخراته. وهكذا لم تتم التحويلات، أما التبرير فجاء من بوابة حالة التعبئة العامة وإقفال مطار بيروت الدولي، وبذلك يتم الاختباء من قرار وقف مدّ الناس بالدولار علماً ان طائرات الشحن التي تتكفّل بتوصيل العملة النادرة لم تتوقف عن العمل. وعليه فكلّ ما يشاع عن عدم إمكانية تأمين الدولار عبر الشحن مجرّد كلام فارغ.

عن الموضوع، تقول ممثلة تجمع مستوردي المستلزمات والأدوات الطبية سلمى عاصي لـ”نداء الوطن”: “إنّ المصارف تصعّب الأمور على المستوردين من خلال التضييق على عمليات التحويل. حُلّ الامر في مصرف لبنان لناحية الاعتمادات الا ان المسألة عالقة لدى المصارف التي تأبى إتمام التحويلات اللازمة لنبقى عاجزين عن استيراد المستلزمات. نحن ننتظر ما ستؤول اليه الامور اليوم لمعرفة ان كانت المصارف ستلبي هذه المطالب أم لا”.

لقد حان الوقت لأن يصارح كل من الحكومة ومصرف لبنان والمصارف التجارية الشعب بحقيقة الأرقام وواقع ما يدور في الكواليس. يكفي استغباء للناس فالجميع بات مدركاً أن احتياطي المصارف لدى نظيراتها المراسلة قد جفّ ان لم يكن قد نضب أصلاً، بعد حملة تهريب أموال أصحابها الخاصة كما وأموال السياسيين.

في ظلّ كلّ هذه المعمعة، ماذا تنتظر الحكومة لتقرّ خطّتها؟ أوَلم تتعلم أن هدر الوقت وسياسة الهروب الى الامام لم تجدِ نفعاً، فماذا تنتظر حتى تتواصل مع صندوق النقد الدولي؟ ليس خفياً على أحد أن وزارة المال ومعها البنك المركزي خائفان من التدقيق الذي سيجريه ممثلو صندوق النقد في البيانات، وحتى حين إيجاد حلّ يخلّص الطبقة السياسية من الورطة، يبدو أنه قُدّر للمواطن أن يبقى مذلولاً أمام ديكتاتورية سياسية – مصرفية تحكم الطوق حول رقبته.

مصدرايفون أنور صعيبي - "نداء الوطن"
المادة السابقةالحكومة استسلمت لصندوق النقد؟
المقالة القادمةمع اشتداد أزمة كورونا: توقعات عن السيولة نهاية منتصف العام؟