مستوردو النفط ورياض سلامة: البحث عن الدولار في السوق

يؤمّن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة دولارات استيراد المحروقات بسعر 16 ألف ليرة للدولار، تدفع الدولة نصفها وتحيل تغطيتها إلى موازنة العام 2022. وتحمل هذه التغطية “الفدائية” من قِبَل الدولة، نتائج سلبية على المالية العامة، لا مجال لخوض تفاصيلها الآن. فما يهم هو آلية تأمين الدولارات للاستيراد، وانعكاساتها على السوق، وتحديدًا على سعر صرف الدولار الذي يجر خلفه ارتفاعًا لأسعار كافة السلع والخدمات. ومع أن الحاكم حسم أمر رفع الدعم نهاية شهر أيلول، إلا أنه لم يحسم كيفية تأمين دولارات الاستيراد فيما لو قرر تأمينها. أما في حال إعلانه الخروج من اللعبة، فالنتائج ستكون أشد إيلامًا.

أسبوعان يفصلان البلاد وقطاع المحروقات عن القرار النهائي للحاكم. وإلى حينه، لا أحد يعلم ما سيحصل. إذ “لا خيار واضحًا حتى الآن في ما يخصّ آلية استيراد المحروقات وكيفية التسعير”، حسب عضو نقابة أصحاب المحطات، جورج البراكس. الغموض نفسه يبديه رئيس نقابة الشركات المستوردة للنفط، جورج فياض، حين يقدّم خلال حديث لـ”المدن” احتمالين أمام المستوردين ومصرف لبنان. الأول، هو استمرار تدخّل المركزي في عملية الاستيراد عبر تأمينه الدولار، والثاني هو التنحي جانبًا وترك الآلية للسوق، أي تأمين المستوردين الدولارات من السوق.

تبعات تأمين الدولار عبر المركزي هي “تثبيت سعر الدولار جزئيًا (حسب سعر المنصة التي يقررها المركزي) لكن بالنسبة للمستوردين، فإن هذا الخيار يعني انتظارهم المركزي لتأمين الدولارات ودفعها، أي تأجيل استيراد الشحنات التالية وعدم تلبية حاجات السوق كما يجب”. في المقلب الآخر، إنسحاب المركزي يعني تسهيل عملية الاستيراد، خاصة وأن المستوردين “يدفعون ثمن الشحنات للمورِّدين مسبقًا وبالدولار”، لكنهم سيضطرون للبحث عن الدولارات في السوق، ولهذا انعكاسات كبيرة.

ليس مبالغًا القول إن سعر صرف الدولار سيرتفع عما هو عليه اليوم مع رفع الدعم. لكن لخيار الحاكم تأثير، فإما أن يرتفع وإما أن يحلق وينفلت. الارتفاع يحصل حين يبقى الحاكم ضمن اللعبة ويؤمّن الدولارات للمستوردين. وتأمينها سيكون من السوق لا محال، عبر المصارف التي أطلق لها الحاكم العنان لسحب الدولارات من السوق وبيعها له، وهي عملية تنطوي على مضاربة واضحة وتساهم في تعزيز ارتفاع أسعار الدولار. من جهة أخرى، يحصل الانفلات مع ترك الحاكم الخيار للشركات المستوردة، فحينها “قد تسعّر الشركات محروقاتها بالدولار”، على حد قول فياض. فيلجأ المستهلك للسوق لتأمين الدولار، فيرتفع الطلب مقابل العرض بشدة، فيحلق الدولار. وتسعير المحروقات بالدولار سيجرّ خلفه تسعير السلع والخدمات، وهو ما يلوح به مستوردو السلع الغذائية وغيرها.

ويصوّر الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي تأمين الحاكم لدولارات الاستيراد بأنها “استنزاف للدولارات المتبقية. علمًا أنه يخفي الحجم الحقيقي للدولارات التي يملكها في المصرف المركزي، حتى تلك التي يقول إنها مخصصة للدعم. وهو يطلب الغطاء القانوني من مجلس النواب ليمد يده إلى الاحتياطي الإلزامي ليستعمله في دعم الاستيراد، وإلا فهو يهدد بتوقف المركزي عن الدعم وإطلاق العنان للسوق”. وعليه، لا خيار سوى السوق لتأمين الدولارات لاستيراد، سواء بغطاء من الحاكم أو من دونه.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةلبنان أمام اختبار حسم مهمة تدقيق حسابات المركزي
المقالة القادمةأموال صندوق النقد الممنوحة للبنان لن تُمسّ حالياً