في المدة الأخيرة، تم تسريب اقتراح قانون الكابيتال كونترول وهو إحدى المسوّدات التي تمّ تداولها بين لجنة المال وأعضائها من جهة، والمصارف ومصرف لبنان والوزارات المختصّة من جهة أخرى. صحيح انه ليس المشروع النهائي، ولكنه يتضمّن بنسبة كبيرة معالم هذا المشروع الذي تمّ التوصل اليه.
وفق بعض المطلعين إن إقرار القانون يضعنا على السكّة الصحيحة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، خصوصاً أنّ اللجنة احتكمت الى ملاحظاته التي يتلاقى معها القانون بأكثر من 80 في المئة. ويصبح إقرار الكابيتال كونترول مفيداً لا بل حاجة وطنية إنقاذية، حتى ولو جاء متأخراً، لأنّ الصندوق لن يموّل لبنان الا إذا ضَمِن أنّ الأموال لن تهرّب بطريقة غير مشروعة.
تقول استاذة القانون المتخصّصة بالشأن المصرفي، الدكتورة سابين الكيك ان المسودة المسربة هي واحدة من سلسلة اقتراحات كان أولها منذ أكثر من سنة وجميعها لم يتم عرضها على الهيئة العامة في مجلس النواب، والأرجح أن هذه المرة أيضاً، ستلقى هذه المسودة المصير عينه وستقبع في أدراج واضعيها.
تحمل النسخة الأخيرة، الكثير من التجاوزات التي تجعل القانون في حال اقراره معرّضا للطعن أمام المجلس الدستوري، وأبرزها:
• مخالفة مبدأ عدم مرجعية القوانين حيث تنص المادة ٧ أن هذا القانون سيكون ساري المفعول حتى على الدعاوى المقامة قبل صدوره ولم يصدر بشأنها حكم مبرم، وهذه مخالفة لقواعد الانتظام العام.
• جعل القرارات الصادرة بما يتعلق بمسألة رفض التحويل غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة القضائية، وهنا تجاوز أيضاً لحق التقاضي كما لصلاحيات السلطة القضائية لصالح الاجهزة المصرفية التي يكون لها الكلمة الفصل والقرار النهائي.
وعوض أن يأتي هذا القانون للحدّ من الاستنسابية وعدم المساواة في التعاطي مع المودعين صنّفت بنوده الودائع إلى فئات دون تبيان الغاية المرجوة أو المعايير التي اعتمدت لهذا التمييز. وتعتبر الكيك ان التسويق لاقتراحات الكابيتال كونترول بكل النسخ المسربة حتى الآن، على أنه من باب الرضوخ لمتطلبات صندوق النقد فيه تشويه للغاية المرجوة من القيود بحسب مفهوم صندوق النقد. الكابيتال كونترول ليس هدفاً بحد ذاته، وليس حلاً قائماً بعينه، إنه بكل بساطة اجراء مؤقت بفترة زمنية جداً محدودة لمنع هروب رؤوس الأموال.
اما عن الضمانات المساهمة في تطبيق الكابيتال كونترول الذي يرى فيه البعض لزوم لا يلزم، فتقول الكيك : للأسف لا ضمانة، طالما هنالك عدم شفافية في القطاع المصرفي، هذه الأزمة تستدعي التعاطي معها بوضوح ومصارحة المودعين بالأرقام، والكشف عن ميزانيات كل مصرف على حدة. وعن الآلية المتبعة او المسار القانوني السريع الواجب إتباعه لتنفيذ القانون توضح الكيك ان المسودة المسربة تبّين أنها ستقدم بصيغة اقتراح قانون معجل مكرر، وهنا أيضاً السؤال يطرح عن دستورية طرحها بهذه الصيغة غير العادية في الحياة التشريعية؟ هذا يعني أنه عند وضعها على جدول أعمال جلسة مجلس النواب بهيئته العامة ستطرح على التصويت أولاً بصفة العجلة وثم الاقتراح المقدم.