مشاريع معطّلة تفكّ الاختناق المروري وتخفّض الحوادث

حرّك مشروع توسعة أوتوستراد جونيه الذي أعيد إحياؤه، مشاريع الطرقات الجاهزة على الورق والقابعة في الأدراج منذ أزمة 2019 المالية فيما الزحمة الخانقة وحوادث السير القاتلة يوميًا تتكاثر على الطرقات. من أبرز تلك المشاريع “الأوتوستراد الدائري A2” أو الممرّ السريع الذي يحلّ مشكلة السير من جنوب بيروت إلى شمال جبل لبنان ومشروع تطوير طريق زوق مصبح – جعيتا الذي يحلّ أيضًا مشكلة الزحمة في يسوع الملك. ماذا تتضمّن تلك المشاريع؟ وكيف يمكن تحريك قروضها الراكدة لدى المموّلين؟

إذا كانت رُصدت أموال لتوسعة أوتوستراد جونيه الذي لا يعتبر حلًّا شاملًا لزحمة السير، فإن مشاريع أخرى نائمة تستدعي أيضًا إعادة إحياءها وبحثها، بهدف تنفيذها، من أبرزها مشروع الطريق السريع الذي يمتدّ من خلدة إلى العقيبة – والذي تُطلق عليه أيضًا تسمية “الأوتوستراد الدائري” A2 أو “الممرّ السريع من جنوب بيروت إلى شمال جبل لبنان”. فهو يتّخذ الخط الدائري لبيروت الحازمية وكسروان ويصل إلى محوّل عجلتون ومحوّل في غزير ثم في العقيبة .

هذا المشروع كان مُدرجًا كما أوضح مدير عام الطرق والمباني السابق في وزارة الأشغال العامة والنقل المهندس طانيوس بولس لـ “نداء الوطن” ضمن برنامج الاستثمار العام (CIP) الذي قُدِّم خلال مؤتمر “سيدر” في باريس عام 2018، وهو يعتبر جزءًا من المخطط الشامل للنقل في لبنان، ويحلّ مشكلة السير من خلدة إلى نهر ابراهيم.

يقول بولس إنه “تمّت دراسته (المشروع) في الهيئة العليا للخصخصة التي كنت عضوًا فيها وكان مشروع الطريق السريع من خلدة إلى العقيبة ويسمّى الأوتوستراد الدائري A2 من جملة أربعة مشاريع أساسية ضمن خطة الحكومة للاستثمار في البنى التحتية عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهي: إلى جانب مشروع الأوتوستراد الدائري هناك مشروع كهرباء لبنان وإنشاء معامل كهرباء ومشروع توسعة المطار وإنشاء شبكة الباصات السريعة (Bus Rapid Transit) للنقل المشترك في بيروت الكبرى.

ويربط مشروع “الأوتوستراد الدائريA2” الطريق السريع جنوب بيروت (خلدة) بشمال جبل لبنان (العقيبة) بطول حوالى 38 كلم يتمّ عبوره خلال 20 دقيقة، لذلك يُعتبر من مشاريع البنى التحتية ذات الأولوية (Priority Infrastructure Projects) .

أقسام المشروع

في التفاصيل، ينقسم المشروع إلى قسمين: خلدة – ضبيه وضبيه – عقيبة. الجزء الأول منه خلدة – ضبيه، يتضمّن جسرًا يمتدّ على طول 20 كلم ويتضمّن ثلاثة خطوط لكل اتّجاه. تبلغ كلفة المشروع 775 مليون دولار من دون كلفة الاستملاكات وتمّ إعداد التصميم الأولي وتحليل الأثر البيئي والاجتماعي والموافقة على الاستملاكات من خلال المرسوم رقم 2169 في 9 كانون الثاني 2018 وكان المشروع في مراحله الأخيرة.

أما القسم الثاني ضبيه – عقيبة، فيتضمّن نفقين توأمين وثلاثة خطوط وجسور على مسافة 5 كلم تتضمّن ثلاثة خطوط لكل اتجاه. كلفة هذا المشروع تبلغ 825 مليون دولار باستثناء قيمة الإاستملاكات.

قروض ميسّرة من “سيدر”

بالنسبة إلى مصدر التمويل المقترح في حينه، كان من خلال قروض ميسّرة من الدول والصناديق المانحة المشاركة في مؤتمر سيدر (مثل البنك الدولي، البنك الأوروبي لإعادة الإعمار، فرنسا، السعودية، قطر). إلا أن جزءًا من التمويل كان مشروطًا بإصلاحات إدارية ومالية من قبل الحكومة اللبنانية، الأمر الذي لم ينجز ما أدّى إلى تأخير تفعيل القروض بسبب الأزمة السياسية والمالية بعد 2019.

ومن أهداف المشروع التنموية، تخفيف الضغط على الأوتوستراد الساحلي الحالي (بيروت – جونيه) الذي يعاني من ازدحام مروري خانق، إنشاء مسار بديل سريع يربط الضاحية الجنوبية للعاصمة (خلدة) بشمال المتن وكسروان (العقيبة).

مشروع مدخل كسروان الجنوبي

يبقى أيضًا مشروع أساسي ثالث طيّ النسيان ومتواجد في أدراج مجلس الإنماء والإعمار ويتمّ السعي إلى تحريكه، عدا مخطّط توسعة طريق كسروان ومشروع الأوتوستراد الدائري، هو مشروع مدخل كسروان الجنوبي ويحمل اسم مشروع تطوير طريق زوق مصبح – جعيتا.

حول ذلك يشير بولس إلى أنه “يحلّ أيضًا مشكلة السير في منطقة يسوع الملك وجعيتا باعتباره يبدأ من يسوع الملك وينتهي عند مدخل مغارة جعيتا من خلال جسر وطريق خارجي أمام مدرسة اللويزة”.

وصلة رئيسية

يهدف المشروع إلى إنشاء وصلة رئيسية جديدة بطول نحو 5 كلم، مع توسيع الطريق الحالي إلى أربع حارات وإعادة تأهيلها، بما يشمل بناء جسور وأنفاق، وإنشاء مداخل عند اللويزة.

حول هذا المشروع، أوضح المكتب الإعلامي في مجلس الإنماء والإعمار لـ “نداء الوطن” أن “الدراسات جاهزة ومرسوم الاستملاك أعدّ للمباشرة بالعمل، ولكن لم يتمّ إنهاء إجراءات الاستملاكات حتى تاريخه”.

أما في ما يتعلّق بتمويل هذا المشروع الحيوي الذي يحلّ مشكلة زحمة السير على مدخل كسروان الرئيس، فقد خصّص له، وفق معلومات مجلس الإنماء والإعمار، قرض من الصندوق العربي. علمًا أنّ “الإنماء والإعمار” يسعى حاليًا كما كشف، مع الصندوق العربي لتمديد مهلة القرض المتعلّق بهذا المشروع ريثما يتمّ إنهاء إجراءات الاستملاكات المتعلقة به. ويقوم المجلس بالتنسيق مع القيّمين في جامعة سيدة اللويزة (NDU) وبلدية ذوق مصبح بتذليل كافة العقبات التي تعيق المباشرة بتنفيذه”.

المباشرة بإجراءات التلزيم

يعتبر المكتب الإعلامي في “الإنماء والإعمار” أنه “في حال تمّت إزالة كافة العقبات المتعلقة بإجراءات الاستملاكات، يمكن المباشرة بإجراءات التلزيم بعد الحصول على موافقة الصندوق العربي على تمديد مهلة هذا القرض”.

قيمة القرض الكويتي وفق إتّفاقية القرض الموقّعة بين الجمهورية اللبنانية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع تطوير الطرق الرئيسية الأوتوستراد العربي الشمالي (أي قسم طرابلس – العبّودية) وطريق زوق مصبح – جعيتا تبلغ نحو 30 مليون دولار وفق مجلس الإنماء والإعمار.

لذلك لا بدّ من تحريك هذا المشروع وسحب القرض الكويتي من الصندوق، كونه يحلّ مشكلة السير في كسروان ومدخل كسروان الجنوبي بأكمله.

وسحب هذا القرض جاء من جملة القروض التي توقّف المقرضون عن منحها للبنان بعيد اندلاع الأزمة وإعلان رئيس الحكومة حسّان دياب تخلّف لبنان عن تسديد ديونه الخارجية.

وإذا تمّ رصد مبلغ 40 مليون دولار لتوسعة أوتوستراد جونيه، يمكن رصد مبلغ آخر أيضًا للمباشرة بالعمل بالمشاريع الأخرى وسحب القروض المتّصلة بها، لأن واقع الطرقات والبنية التحتية المهترئة يحتاج الى إعادة تأهيل. فالمخطّطات لا تحلّ فقط زحمة السير، بل تحدّ من حوادث السير المروّعة والقاتلة التي يتزايد عدّدها في ظلّ وعورة الطرقات جرّاء عدم صيانتها وانعدام الإنارة.

مسطّح إجمالي عائد لموقع مشروع طريق زوق مصبح جعيتا

تفاصيل مشروع الأوتوستراد الدائري A2 المعروف بمشروع الطريق السريع من خلدة إلى العقيبة
مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةأوتوستراد جونيه… “وعدوني ونطروني”
المقالة القادمةحرب الأسعار تُنهك شركات التجارة الإلكترونية الصينية وتضغط على أرباحها