مشاريع وبرامج دعم لتثبيت المزارع في أرضه

رغم تردّي الأوضاع الاقتصادية وانهيار القطاعات، يصرّ البعض على مواجهة الأزمة بالبحث عن حلول جذرية تؤمّن فرص عمل جديدة للشباب وتسهم في تحريك عجلة الاقتصاد. يندرج افتتاح المقرّ الرسميّ للمعهد الوطني للكرمة والنبيذ (INVV) في هذا الإطار. فهدفه الأساسيّ تعريف المزارعين والإختصاصيين بكيفية تطوير الإنتاج المحلّي، وتنظيم قطاع الكرمة والنبيذ عبر اتّباع آليّة تساعدهم على تصريف المنتجات وتأهيل البنى التحتيّة واستصلاح أراضٍ زراعية جديدة.

«نداء الوطن» إلتقت مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحّود الذي تحدث عن المعهد والجهود التي تبذل ضمن الوزارة لمساعدة المزارعين وتنمية القطاعات الزراعيّة كافة. وكان الحوار التالي:

افتتحتم المعهد الوطني للكرمة والنبيذ (INVV) منذ أيام قليلة، ما الدور الذي يؤدّيه وما الهدف الرئيسي من هذه المبادرة؟

يشكلّ INVV عقد شراكة بين القطاع العام ممثلاً بوزارات الصناعة والزراعة والإقتصاد، والقطاع الخاص ممثلاً بمنتجي النبيذ ومزارعي عنب الكرمة الخاص بالتصنيع. فالمعهد اليوم يسهم في تطوير هذه الصناعة وما يعنيها من دراسات للتربة وللانعكاسات المناخية والمسح الجغرافي، واعتماد الشروط والقواعد الفنيّة التي تحافظ على جودة المنتج. فكلّما راعينا الجودة في منتجاتنا ازدادت نسبة التصدير الى الخارج، وباتت فرص العمل متاحة لأكبر شريحة من الناس.

ولهذا الغرض بالذات تعمل وزارة الزراعة اليوم على فتح أسواق للنبيذ في الصين، بعد مبادرتها بفتح أسواق عدة في دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية في العام 2013، والتي تبعتها آنذاك إحتفالات بيوم النبيذ اللبناني في فرنسا وألمانيا وسويسرا والدنمارك وواشنطن ونيويورك ولوس انجليس وسان فرانسيسكو. وأودّ هنا التوجه الى اللبنانيين المنتشرين في الخارج من منبركم لدعوتهم الى التعريف بهذا المنتج اللبناني الرائد الذي يضاهي بجودته أشهر المنتجات العالميّة. بفضل المستثمرين والجهود المبذولة من حيث مراقبة النوعيّة والإلتزام بشروط التصنيع، لا يزال النبيذ اللبناني محافظاً على مكانته في الأسواق العالمية والأوروبية رغم الأزمات كافة.

أما الهدف من وجود مشروع كهذا فهو مدّ الجسور بين INVV والمعاهد العالميّة، ليتمّ بذلك تبادل الخبرات وتنظيم العلاقات بين الأسواق العالمية، وهذا ما نطمح إليه كوزارة.

ماذا بعد النبيذ، هل من قطاعات أخرى تخطّطون لدعمها؟

كثيرة هي القطاعات الإنتاجية التي يمكننا دعمها، واليوم لدينا مشروع متكامل يشمل المونة والمطبخ اللبناني. فبعد حملات تسويقية ناجحة في مناطق لبنانية عدّة ودول كبرى كالبرازيل والإمارات العربية المتحدة وهنغاريا، وبعد نجاح البعض في تصدير زيت الزيتون الى الخارج… قمنا بدعم هذا القطاع ومتابعته في الأسواق العالمية من خلال محادثات حثيثة مع كندا وأستراليا.

والجدير بالذكر أن هذا القطاع يؤمّن فرص عمل كثيرة للبنانيين ويسهم في تأمين حاجة السوق، فهدف الوزارة الأساسي هو حماية المزارع ودعم الإنتاج المحلّي وتعزيز البنى التحتية للأراضي الزراعية، وتشجيع المستثمرين على إنشاء بيئة زراعية جديدة تدعم أصنافاً مختلفة تؤمّن حاجة السوق المحلّية ويمكن تصديرها الى الخارج. ونحن في سعي دائم مع الإنتشار اللبناني والسفارات اللبنانية في الخارج والملحقين الإقتصاديين لدعم وتسويق المنتجات اللبنانية التقليديّة، كماء الزهر والورد والقهوة والمكسرات والحلويات والطحينة والحلاوة والبهارات والأعشاب والحمص بالطحينة والبابا غنّوج وزيت الزيتون والنبيذ والعرق والحبوب والبقوليات والفريك والزعتر ودبس الرمّان والعنب والخرّوب وخل التفاح واللبنة والمخلّلات والكشك وشراب التوت والورد ومربيات المشمش والبلح واللّقطين والتّين، والمعجّنات وحلويات البودرة والخبز والصابون.

ما الآلية المتبعة حالياً لدعم المزارعين، وهل يمكن للمُزارع التواصل معكم بشكل مباشر؟

لدى الوزارة سبع مصالح إقليمية تضم 32 مركزاً زراعيّاً تغطي المناطق اللبنانية كافّة. ونحن في تعاون دائم مع البلديّات والتعاونيات الزراعيّة والجمعيّات وغرف التجارة والصناعة والزراعة، لذلك أطلب من كل مواطن لديه نوعية ومواصفات يمكن تسويقها وتصديرها، التوجه الى أقرب مركز زراعي في منطقته أو الى الإدارة المركزية، فلا شيء مستحيل وبتضافر الجهود نستطيع الوصول بالمنتج اللبناني الى العالم أجمع، فهو يضاهي أهمّ المنتجات العالميّة وفعلاً «شي بيكبّر القلب».

ماذا عن موازنة الوزارة لهذا العام؟ وهل تكفي لإنشاء المشاريع في ظل الركود الإقتصادي الحاصل؟

إن موازنة الوزارة لا تتخطّى الـ0.8% من الموازنة العامّة. فلولا دعم المنظمات العالمية والهيئات المانحة لما استطعنا القيام بالأعمال وتمويل المشاريع. ولا يقتصر الموضوع على الأزمة الحالية فحسب، بل يتعداه الى ما قبلها حين كان سعر الدولار 1500 ليرة، فموازنتنا كانت وما زالت ضئيلة. أما اليوم فنحن أمام أزمة مالية ضخمة. فمجمل المواد الأولية للقطاع مستوردة ولا يمكن للمزارع دفع ثمنها سوى بالدولار الأميركي. ولأننا نملك تربة خصبة ومناخاً معتدلاً وثروة مائية – وهي كلها عناصر تؤمّن بيئة حاضنة للزراعة – إنطلقنا بمبادرات ومباحثات جديّة مع كل من البطريركية المارونية ومجلس المطارنة الموارنة وبطريركيتي الروم الكاثوليك والأرثوذكس ودار الفتوى والأوقاف الإسلامية ودار الطائفة الدرزية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لاستصلاح أكبر قدر من الأراضي القاحلة.

برأيك ما هي الزراعات البديلة التي يمكن التعويل عليها وهل ستشهد الزراعات التقليدية نقصاً في الإنتاج؟

أنا مع الإبقاء على الزراعات التقليديّة التي يتميّز بها لبنان من حمضيّات وزيتون وأشجار مثمرة، ولكننا نبحث اليوم في كيفية الإنتقال الى زراعة النباتات الطبيّة والعطريّة التي تؤدي دوراً أساسياً في تصنيع الأدوية ومستحضرات التجميل وغيرها، فضلاً عن زراعة العلف التي تعتبر عنصراً أساسياً لمَزارع تربية الدواجن وغيرها. وهكذا نكون قد حققنا تقدّماً مهماً على الصعيدين المحليّ والعالميّ يعود بالفائدة على الخزينة وعلى المزارع.

كلمة أخيرة للمزارعين ؟

أنا الى جانبكم وأفهم معاناتكم، فأنا مثلكم إبن منطقة زراعية. فالأرض هي وطني وسنعمل معاً للبقاء في أرضنا.

افتتاح المركز الوطني للكرمة والنبيذ… وهناك مشروع لزيادة تصدير المونة والمأكولات اللبنانية

 

مصدرنداء الوطن - جورج بو عبدو
المادة السابقةهكذا تُوزّع أموال الصندوق البلدي المستقل
المقالة القادمةإطلاق عملية تطوير وإعادة تشغيل مختبرات كفرشيما لتأمين تصدير المنتجات اللبنانية