مشروعات الطاقة النظيفة في الكويت تفقد قوة الدفع

يواجه المسؤولون في الكويت تحديا كبيرا يتمثل في عجزهم عن الاتجاه إلى ترسيخ أسس الطاقة المستدامة بسبب الأزمة المالية التي يعاني منها البلد الخليجي جراء تداعيات أزمة وباء فايروس كورونا.

ويرى محللون أن صرف الحكومة النظر عن المضي قدما في تنفيذ مشروع محطة الدبدبة لتوليد الكهرباء من مصدر الطاقة الشمسية يتجاوز عدم إمكانية توفير التمويل اللازم.

وأشاروا إلى أن الأمر يعود إلى الأساسيات التي تعول عليها الكويت لدعم صناعة النفط المصدر رقم واحد لعائدات البلاد، بدلا من اعتماد تجارب التكنولوجيا الناجحة في إنتاج الكهرباء من المصادر النظيفة وبالتالي التقليص من مصروفات الدعم المقدم لهذا البند في الموازنة السنوية.

وأعلن مجلس الوزراء إلغاء مشروع إنشاء محطة الدبدبة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، التي كان إنتاجها سيوفر 15 في المئة من احتياجات القطاع النفطي من الطاقة الكهربائية، بسبب المستجدات التي فرضتها جائحة كورونا.

وقال مجلس الوزراء في بيان رسمي عقب اجتماعه الاثنين إنه “قرر إلغاء قرار مجلس الوزراء بشأن المشروع المذكور وذلك نظرا للظروف الراهنة التي يمر بها العالم أجمع من تفشي لفايروس كورونا المستجد وأثرها على الأسواق النفطية والمالية العالمية”.

وكان من المفترض أن يبدأ تشغيل المشروع، الذي تنفذه شركة البترول الوطنية الكويتية، في فبراير 2021 لكن طرحه تأخر كثيرا بسبب الإجراءات البيروقراطية.

وقالت صحيفة الرأي الكويتية في الأسبوع الماضي إن “قيمة العرض صاحب أقل الأسعار لإنجاز المشروع بلغت حوالي 439 مليون دينار (حوالي1.4 مليار دولار)”.

وقال بيان مجلس الوزراء إن “هذه الخطوة من شأنها أن تسهم في قيام مؤسسة البترول الكويتية بالتركيز على أولوياتها للمرحلة المقبلة والمحافظة على مكانتها في الأسواق النفطية العالمية”.

وكان المشروع يهدف إلى إنشاء محطة لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية داخل مجمع الشقايا للطاقة المتجددة الذي يقع على بعد 100 كيلومتر غربي مدينة الكويت على مساحة حوالي 32 كيلومترا مربعا.

ومن المتوقع أن يبلغ الطلب على الطاقة الكهربائية في الكويت 30 ألف ميغاوات يوميا في سنة 2030. ولدى البلد الغني بالنفط رؤية طموحة للوصول إلى إنتاج 15 في المئة من هذه الاحتياجات من الطاقة المتجددة.

وقال بيان مجلس الوزراء إنه كلف وزارة الكهرباء والماء بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة لاتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة نحو تلبية حاجات البلاد المستقبلية من الطاقة المستدامة وفي ضوء النصوص والإجراءات المتبعة في هذا الشأن.

وتواجه الكويت أزمة مالية غير مسبوقة جعلت من الخيارات الكثيرة، التي كانت مطروحة أمامها في السابق مجرد مقترحات لا يمكن تفعيلها على أرض الواقع.

وضاعفت أزمة الوباء وانهيار أسعار النفط الضغوط على الحكومة لدخول مسار التقشف الإجباري بعد أن فشلت محاولاتها السابقة بسبب الرفض الشعبي والبرلماني لأي تقليص للدعم واعتماد معظم المواطنين على الوظائف الحكومية.

وتقف الدولة الخليجية النفطية أمام العديد من التحديات، بدءا من انخفاض الإيرادات النفطية وتآكل الاحتياطيات النقدية من العملة الصعبة في البنك المركزي وعدم القدرة على إيجاد بدائل للدخل.

وتسبب هذا الأمر في تخفيض التصنيف الائتماني للكويت، وهو ما دفع الأوساط الاقتصادية لتكثيف الضغوط على السلطات من أجل التحرك السريع قبل وقوع أخطار أخرى من بينها تخفيض سعر صرف الدينار.

وبدأت بعض الدول النفطية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط مثل السعودية والإمارات التحرك للاستفادة من الطاقة الشمسية حتى وسط تهاوي أسعار النفط العالمية وبالتالي انخفاض تكلفة استهلاكه.

وكانت أسعار النفط الرخيصة في الماضي كابحا للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة في الدول التي تعتمد على مبيعات النفط الخام للحصول على العائدات.

لكن اليوم تكلفة مشاريع الطاقة الشمسية أصبحت نحو 10 في المئة فقط من تكلفتها قبل نحو عشرة أعوام، بفضل انخفاض أسعار الأدوات وتحسن التكنولوجيا، وفق بحث أجرته خدمة بلومبيرغ لتمويل الطاقة المتجددة.

ومع ذلك تعترض بعض البلدان العربية الكثير من العقبات لتحقيق التحوّل إلى الطاقات النظيفة بالنظر إلى المشاكل السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية وخاصة تلك المتعلقة بالرأس مال البشري.

ويرى خبراء أنه لمعالجة هذه التحديات ينبغي الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر بوتيرة أسرع والاعتماد بشكل كبير على الطاقة النظيفة في عمليات الإنتاج والتصنيع مستقبلا.

المصدر: العرب اللندنية

المادة السابقةميركل تحث زعماء الاتحاد الأوروبي على تسريع الموافقة على ميزانية وصندوق للتعافي
المقالة القادمةفهمي أطلق المنصة الالكترونية للجهات المانحة: هدفي ضمان مستوى متين من الشفافية والتعاون