يعمل الباحثون في السعودية على مد شريان حياة للبيئة البحرية في البحر الأحمر ضمن خطة الحكومة لإقامة منتجع ضخم بهدف تشجيع السياحة البيئية في المنطقة.
وسيوفر هذا المشروع للزائرين فرصا مثالية للاستمتاع بالتجارب الترفيهية المتنوعة بين الشمس، والرمال البيضاء، والماء من جزر وشواطئ وبحر وضيافة، ويتيح المغامرات وممارسة الرياضة، بما في ذلك الغوص وتسلق الصخور، وركوب المنطاد، ورياضات الغولف والتنس وكرة القدم، والسياحة البيئية كالاستمتاع بمراقبة دورة حياة السلاحف الصقرية، وتأمل النجوم والنوم في الهواء الطلق، وزيارة البراكين الخاملة.
ويشتمل المشروع على إقامة محمية بحرية كبيرة يحظر فيها صيد الأسماك والكائنات البحرية الأخرى.
ومن بين أهداف الخطوة الاستفادة من الشعاب المرجانية التي تتمتع بقدرة كبيرة على مقاومة الحرارة المتزايدة بفعل تغير المناخ العالمي وإعادة بناء تجمعات الأسماك.
وسيعيد المشروع جزر “أملج الحوراء”، التي يبلغ عدد الجزر فيها 100 جزيرة في منطقة مرجانية واحدة، إلى الواجهة من جديد، كواحدة من أبرز المناطق السياحية السعودية، مع ما تتميز به من تنوع في التضاريس، ما بين شواطئ رملية وصخرية ومناطق رملية وجبلية، بما في ذلك مجموعة جزر الفوايدة، ومنها جزيرة أطاويل وأم الملك، وغيرهما
ويستخدم الباحثون في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تكنولوجيا التربية الانتقائية حيث يتم اختيار الشعاب المرجانية المرنة للتكاثر ثم إعادة دمجها في بيئتها الطبيعية.
وأوضح الباحث كارلوس إم دوارتي أن شعاب البحر الأحمر المرجانية لديها مقاومة خاصة للتأثيرات الضارة الناجمة عن تغير المناخ نظرا للملوحة العالية في النظام البيئي، وهو ما يساعدها على إنتاج مركبات كيميائية معينة تقاوم الحرارة المرتفعة.
وعقدت ورشة عمل لمجموعة العشرين في الرياض الأحد الماضي لمناقشة مشروع البحر الأحمر، بما في ذلك دور دول مجموعة العشرين في تقديم حلول تتعلق بسياسات حماية التنوع البيولوجي البحري من الاضمحلال.
والشعاب المرجانية، التي تغطي حوالي واحد في المئة من سطح الأرض، هي حيوانات تستقر في قاع المحيط وتدعم قدرا من الحياة البحرية يفوق ما تدعمه أي بيئة بحرية أخرى.
وعلاوة على أن وجودها يعزز آلاف الأنواع من النباتات والأسماك وغيرها من أشكال الحياة البحرية، فإنها تجتذب أعدادا هائلة من السياح والعلماء والغواصين.
وقال عبدالرحيم الجحدلي رئيس الجمعية التعاونية لصيادي الأسماك في ثول بالسعودية “يمكن أن أطلق على الشعب المرجانية الأم الحاضنة لجميع الأحياء المائية، كالطفل إذا فقد أمه مات. نعم نقلق كثيرا على الثروة السمكية لأنها هي المصدر الأساسي ولكن الآن عُبث بمهنة الصيد التي أخذها آخرون لا يتقيدون بالشروط ولا يهتمون بالثروة ولا بقوانين الصيد. همّهم كيف يجمعون السمك حتى لو خربت كل البحار وتتكسر الشعاب المرجانية؛ فهمهم الوحيد الربح”.
وتتعرض المحيطات لارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، وزاد متوسط حرارة المحيط في أعلى 700 متر بما يفوق نصف درجة مئوية منذ عام 2012، الأمر الذي أثر بشدة على الشعاب المرجانية.
وقال تقرير، أصدرته اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في الأمم المتحدة في عام 2018، إن الشعاب المرجانية ستختفي تماما من العالم ما لم تقف درجات الحرارة العالمية عند مستوى لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وذكر الباحثون أن هدف السعودية هو تعزيز الحياة لحوالي 30 في المئة من سكان الشعاب المرجانية على مساحة من البحر تبلغ 5373 كيلومترا مربعا خلال العقدين المقبلين.
ويتضمن تطوير مشروع البحر الأحمر إنشاء مطار جديد من المقرر افتتاحه عام 2022 بين جدة وتبوك.
وتخطط السعودية لإقامة منتجعات على 50 جزيرة قبالة ساحل البحر الأحمر، حيث يمتد المشروع على طول 180 كيلومترا، بين مدينتي أملج والوجه على السواحل الغربية للمملكة، على بعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة والبراكين الخاملة في منطقة حرة الرهاة، ويشمل محمية طبيعية وأنشطة الغوص لاستكشاف الشعب المرجانية إلى جانب مواقع أثرية.
وإلى جانب مشروع البحر الأحمر تقع آثار مدائن صالح، التي تمتاز بجمالها العمراني وأهميتها التاريخية الكبيرة، كما يشمل المشروع أيضا محمية طبيعية لاستكشاف تنوع الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة كالذئب العربي والوشق والنمر العربي وأنواع مختلفة من الطيور المحلية والمهاجرة، ناهيك عن فرص الغوص لاكتشاف الحياة البحرية المتنوعة.
جدير بالذكر أن عدد الجزر السعودية في مياه البحر الأحمر يبلغ 1150 جزيرة تشكل 88 في المئة من إجمالي الجزر السعودية التي تمتاز بشواطئها الرملية والسواحل المرجانية، علاوة على المناخ المعتدل. وتعتزم شركة البحر الأحمر للتطوير المدعومة من صندوق الثروة السيادي السعودي، صندوق الاستثمارات العامة، استكمال المرحلة الأولى بحلول عام 2022.
من المتوقع أن يصل مشروع البحر الأحمر بالسعودية عند الانتهاء منه إلى قائمة أفضل 10 وجهات شاطئية فاخرة حول العالم، ما من شأنه جذب الزوار، ليس من الشرق الأوسط فحسب، بل من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بالهواء النقي والطقس الرائع، فضلا عن الشواطئ الجميلة والتجارب السياحية المتنوعة، بداية من الغوص وحتى زيارة البراكين الخاملة.
وتهدف المملكة إلى اجتذاب 300 ألف سائح سنويا في المرحلة الأولى وما بين 800 ألف ومليون زائر بمجرد اكتمال التطوير بصورة نهائية.
المصدر: العرب اللندنية