قدّمت، أمس، وزارة المال مشروع قانون مؤلّفاً من 15 مادة، يرمي إلى إعفاء ضريبي عن عامَي 2023 و2024، للمؤسّسات الصناعية والتجارية وغير التجارية وللأشخاص المكلّفين. وتشير إلى أن احتساب الإعفاءات يبدأ من 8 تشرين الأول 2023، أي منذ بداية «عملية إسناد غزة» وما تبعها من اعتداءات إسرائيلية على القرى الجنوبية المحاذية للحدود الفلسطينية. لكن الوزارة، دسّت في هذا العسل مشروعاً لنقل صلاحيات مجلس الوزراء المتعلقة بقبول الهبات إلى الهيئة العليا للإغاثة التي سيصبح من صلاحياتها إذا أقرّ المشروع في مجلس النواب قبول الهبات والمساعدات بكتب صادرة عن الهيئة بدلاً من المراسيم الحكومية.
إيجابية مشروع القانون المقدّم من وزارة المال أنه يخفّف الأعباء المالية على المكلّفين، وخاصة الذين تضرّروا بشكل مباشر من الاعتداءات، كأصحاب الشقق السكنية والمؤسسات في الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب. وتمتدّ مهلة العفو عن الضرائب والرسوم لعامين، 2023 و2024. فقد أعفت المادة الأولى المؤسسات، على مختلف أنواعها تجارية وصناعية وغيرها، من ضريبة الدخل على الأرباح، والضريبة على الأملاك، والرسوم البلدية، ورسوم المياه والكهرباء والهاتف. كما أعفتها أيضاً من جميع الغرامات المتوجبة عليها في حال عدم تسديد الرسوم.
وفتح مشروع وزارة المال الباب واسعاً أمام زيادة الإعفاءات لكبار المكلفين، وزيادة هامش الربح للمؤسسات. فالمادة الثانية تسمح بـ«التنزيل من إيرادات المكلفين المبالغ التي دفعها ويدفعها هؤلاء على سبيل التبرع المباشر، أو من خلال الجمعيات، إلى اللبنانيين المتضررين من الحرب الإسرائيلية، على أن تكون مثبتة بمستندات». ولكن، وضعت المادة الثانية سقفاً لهذه التنزيلات، وقيّدتها بنسبة 25% من الأرباح السنوية. وستحمل الدولة أيضاً اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن المؤسسات المتضرّرة، ولعام 2024 فقط، علماً أن الدولة لا تدفع ما يتوجب عليها للصندوق منذ سنوات عدّة، وحتى كل ما ورد في الموازنات عن تقسيط لم تتقيد به.
وسمحت المادة الثالثة من مشروع وزارة المال بـ«نقل العجز الحاصل عن عامّي 2023 و2024، لمدة 5 سنوات إضافية للمكلفين الذين تضرّرت مؤسساتهم بشكل كامل، و3 سنوات لمن تضرّرت مؤسساتهم بشكل جزئي، وسنتين لمن أقفلوا فقط خلال الحرب ولم يقع عليهم أيّ ضرر مادي». وشملت إعفاءات وزارة المال المقترحة الأبنية السكنية وغير السكنية، وورثة ذوي شهداء الحرب، وأصحاب المركبات التي دمرتها الحرب تماماً. بحسب المادة الرابعة من المشروع، تعفى المباني اعتباراً من 8 تشرين الأول من عام 2023، والتي يتعذّر إشغالها من دون ترميم، من ضريبة الأملاك المبنية، والرسوم البلدية، ورسوم الهاتف والمياه والكهرباء. كما يشمل الإعفاء جميع الغرامات المتوجبة على هذه الرسوم. أما ورثة شهداء الحرب، وكل من يستشهد لاحقاً بسبب الحرب، فتسمح المادة السادسة من المشروع بإعفائهم من رسم الانتقال على الأموال المنقولة، وغير المنقولة. ويعفى أصحاب المركبات المدمرة من رسم التسجيل عند شراء آلية جديدة. وقيّد هذا الإعفاء بشرط شراء مركبة واحدة فقط، بدلاً من المدمرة.
أما في حال قيام المكلفين بدفع ضرائبهم في وقت سابق لصدور هذا القانون، فلن يتمكنوا من استردادها، وفقاً للمادة الحادية عشرة، والتي أشارت إلى أنّ كل ما دخل الخزينة سيبقى فيها، ولن يعاد.
اما المادة التي جرى دسّها بشكل مطوّل في المشروع، وكأنها جزء من إجراءات تخفيف الأعباء على الناس، فهي تأتي في سياق مختلف. فبحسب نصّ المشروع الموزّع، تتيح المادة الخامسة، للهيئة العليا للإغاثة، ولمدّة سنتين من تاريخ نشر القانون، قبول الهبات، علماً أن هذا الأمر هو من اختصاص مجلس الوزراء، ما يفتح المجال لطرح أسئلة حول القبول بتحويل جزء من صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعاً إلى هيئة تابعة لرئاسة الحكومة، لا رقابة فعلية عليها.
وفي حال إقرار النص كما هو، ستصبح الهيئة العليا للإغاثة هي الجهة الوحيدة المخوّلة بقبول الهبات الموجّهة لمصلحة الدولة بمختلف إداراتها ومؤسساتها، سواء أتت هذه الهبات من جهات خارجية أو داخلية. ولن تكون الهيئة مضطرّة إلى تقديم تقارير تثبت استفادة الجهات الرسمية من الهبات قبل سنة من قبولها، بحسب مشروع وزارة المال. فالفقرة الأولى من المادة الخامسة تشير إلى أنّ الهيئة تنسّق مع الجيش فقط لإصدار كتب تثبت استفادة الجهات الرسمية. إذ يبلغ الجيش الهيئة بالاستفادة أولاً، ومن ثمّ تكتب تقاريرها الرسمية التي تهدف إلى إعفاء المتبرعين من الرسوم والضرائب.