يتصرف المسؤولون اللبنانيون حيال مكافحة الفساد والاصلاحات المالية والادارية المطلوبة من المجتمع الدولي بذهنية قلقة وإرادة مضغوطة يغشاها الخوف من مقبل الايام، وسط استعجال رئيس الحكومة سعد الحريري معالجة الامور الداخلية العالقة وابرزها الكهرباء، في حين خرج وزير المال علي حسن خليل عن تردده المزمن ليعلن عن مشروع موازنة عامة بنقص مليار دولار مرة واحدة عن موازنة العام الماضي.
يحدث ذلك كله تحت وطأة وجود مسؤول البنك الدولي للانشاء والتعمير يورغن ريجتريك في بيروت الذي تسلم العصا والجزرة من نائب مدير البنك الدولي في الشرق الاوسط فريد بلحاج ليعلن من وزارة المال ان الاصلاحات المالية المطلوبة قد تكون مؤلمة، لكن البديل منها سيكون اكثر ايلاما.
وعليه، فقد احال وزير المال علي حسن خليل الى الامانة العامة لمجلس الوزراء مشروع قانون بالغاء كل الاعفاءات الجمركية الواردة في قانون الجمارك او غيره من القوانين باستثناء تلك الواردة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المقررة قانونا، وهذا الاجراء هو الاول من نوعه منذ استقلال لبنان في العام 1943، مما سيؤثر ايجابا على واردات الدولة ويضبط التحايل الضريبي الى حد بعيد.
وضمن هذه الاجراءات الغاء الاعفاءات الجمركية لسيارات النواب والضريبة على الفوائد المصرفية ورسوم تسجيل العقارات والضريبة على الارباح وعلى الرواتب والاجور.
اما الايرادات غير الضريبية فتشمل ارباح قطاع الاتصالات وايرادات كازينو لبنان ومرفأ بيروت ومصرف لبنان المركزي وعائدات املاك الدولة الخاصة والرسوم الادارية.
وتخسر الخزينة اللبنانية بعض الايرادات الجمركية نتيجة اعفاءات تستفيد منها شخصيات طبيعية او اعتبارية، مواطنون واجانب، ابرزهم النواب والجمعيات الخيرية والرياضية والفنية، الحقيقية والوهمية، وممثلو مختلف الطوائف.
وتشمل الاجراءات ايضا سفر الوفود الرسمية الى الخارج من حيث الضرورة والكلفة، وربما تشمل فتح صالون الشرف في المطارات الدولية على نفقة الزائر اللبناني، كما حصل في حالات عدة.
والسؤال المطروح في بيروت الآن: هل ستمر الموازنة المعصورة النفقات في الحكومة والمجلس ام تصطدم بحواجز اصحاب الامتيازات كالعادة؟