يُخبِرُ أحد الصرافين غير الشرعيين المتواجدين على الطرقات، صديقه، بوجوب عدم الاحتفاظ بأوراق الـ100 دولار التي لا تحمل علامة الخط الأزرق، وإذا أمكَن، عدم قبولها من المصرف أو شركات تحويل الأموال أو أي مؤسسة. فالصرافون لا يقبلون هذه الورقة، وفي أحسن الأحوال يُنقصون من قيمتها نسبة مئوية استنسابية، تختلف من صرّاف لآخر.
وفي السياق، أكّد أحد زبائن بنك لبنان والمهجر في صور، خلال حديث لـ”المدن”، أنه سَحَبَ مبلغاً يتضمّن دولارات قديمة، وفؤجىء بعدم قبولها في السوق، فعاد إلى الفرع المعني وتمنّى على الموظف تبديل الأوراق، فرفض الموظّف، رغم وجود مستند يثبت الرقم التسلسلي للأوراق المسحوبة من الفرع نفسه.
تَتَبَّعَت “المدن” مسار الدولار المرفوض. ومن تأكيد الصرافين غير الشرعيين، إلى تأكيد أحد أبرز الصرافين المرخَّصين في مدينة صور، كانت النتيجة بأن “الرفض أو الحَذَر من قبول الورقة القديمة، يعود إلى رفضها من قِبَل المصارف وشركات تحويل الأموال”. يقول الصراف بأن “لا قانون يلزم رفضها، بل العُرف. وغالبية الزبائن ترفضها، فتحوَّلَ الرفض إلى حالة عامة”. وبذلك، أصبح الصرافون “يقبلونها بحذر، ويرفضونها إذا كانت مهترئة أو متّسخة. وإن قبلناها، سنراهن على قبولها من الزبائن أو المصارف، ونضطر أحياناً إلى حملها من مصرف لآخر أو البحث عن المغتربين الذين يأخذون الورقة ويستعملونها في الخارج”.
من ناحيته، جَزَمَ نقيب الصرافين أنطوان مارون، أن “لا علاقة لسنة الإصدار بقبول أو رفض الورقة النقدية. فطالما أنها موضوعة في التداول، فهي مقبولة”. وعن رفض الصرافين للورقة القديمة، أشار مارون في حديث لـ”المدن” إلى “عدم وجود سلطة للنقابة تلزم الصرافين بقبول تلك الورقة أو رفضها، فالصراف إذا لم يستطع التداول بالورقة، فلن يأخذها من الزبون”.
تخطّى الأمر رفض الورقة القديمة، فوقع الزبائن في فخّ التزوير. وخطورته هذه المرّة أن الدولارات آتية من المصارف مباشرةً. فقد أفاد عدد من المواطنين، لـ”المدن”، عن حصولهم على دولارات مزوّرة. الحالة الأولى من فرع بنك البحر المتوسط في منطقة الجدَيدة، والحالة الثانية من أحد فروع بنك عودة.
وفي التفاصيل، فإن سيّدة سحبت مبلغاً من المال من الصراف الآلي التابع لبنك البحر المتوسط، وذهبت لاحقاً لتدفع فاتورة، واكتشفت دولارات مزوّرة ضمن المبلغ. راجَعَت فرع البنك في جبيل، نظراً لقرب المسافة الجغرافية بالنسبة إليها، فتأتيها الإجابة باستحالة مرور أوراق مزورة إلى الصراف الآلي، وربما يكون التزوير بفعل وضع أحد الموظفين أوراق مزوّرة، وليس الأمر عملاً مقصوداً من البنك. على أنّ القضية ستُتابَع.
أحد المدراء في البنك المذكور أكّدَ لـ”المدن” استحالة وجود تزوير في الصراف الآلي “لأن عملية وضع الأموال تتم بشكل إلكتروني، والسيستم يرفض أي ورقة مزوّرة”. وأشار المدير إلى عدم ورود أي شكوى رسمية بهذا الخصوص إلى الإدارة العامة، كما أن “عدم تسجيل شكوى بشكل رسمي، إما خطياً أو عبر الهاتف، لا يُبنى عليه”. ودعا صاحب العلاقة للتواصل مع البنك لتبيان الحقيقة. وأوضح المدير أن “صعوبة وجود أوراق مزورة لا تعني استحالة وجود تقنيات تزوير عالية الدقة، لم تبلّغ عنها الخزانة الأميركية ولم تُدخِلها المصارف في نظامها، وبالتالي قد تمر ورقة مزوّرة وتُكتَشَف لدى من يملك تقنية متطورة لكشفها. وفي جميع الحالات، المصرف حاضر لمتابعة أي قضية من هذا النوع”. وفي الحالة المتعلّقة ببنك عودة، ونفاها أحد الموظفين، فإن “أحد الزبائن اكتشف بأن الدولارات المسحوبة مزوّرة، فاشتكى داخل المصرف، وتم استبدال الأوراق”.
لا شيء مُثبَت بالمستندات حيال ما ذُكِرَ عن المصارف والصرافين. بل إن الأطراف المعنية تؤكد صحّة التداول بالدولار القديم، والمصارف تؤكد عدم انتقال دولارات مزورة إلى زبائنها. وفي المقابل، يبلّغ الزبائن عن أحداث موثوقة حصلت معهم. ووسط التأكيد والنفي، تنتشر الفوضى والخوف. والشعور الأخير، يدفع الناس إلى الاحتراز، بدءاً بطريقتين، تفادي التداول بالأوراق القديمة، والطلب من المصارف او شركات تحويل الأموال، تصوير الدولارات وإبراز أرقامها التسلسلية، وختم الصورة وضمان إعادة الأوراق في حال ثبوت إشكال حولها. وفي معرض الحرص، يحاول الزبائن قدر الإمكان، تفادي سحب الأموال من الصراف الآلي.