يحيّد مصرف الإسكان نفسه عن السجال الحاصل بين القطاع المصرفي ومصرف لبنان، حول استيفاء عمولات ورسوم من العملاء من دون وجه حق. وإن كان مصرف الإسكان يختلف عن المصارف التجارية بهيكليته ومهامه، إلا أنه يتقاطع معها بمخالفة القوانين والتعاميم المصرفية، وبفرض إجراءات تتجاوز مفهوم الإجحاف بحق العملاء لتصل إلى حد “السلب” المباشر.
السجال بين مصرف لبنان والمصارف
بعد إصدار مصرف لبنان مؤخراً تعميماً يمنع فيه على المصارف تقاضي أي عمولات جديدة من حسابات الودائع، ما لم تكن مفروضة قبل نهاية شهر تشرين الاول 2019، استنفرت جمعية المصارف وقررت التفاوض مع مصرف لبنان، بشأن العمولات، باعتبارها المورد الأساسي للدولارات حالياً، على ما يقول مصدر مصرفي لـ”المدن”.
فالمصارف تتقاضى عمولات ورسوم على كافة الحسابات بصرف النظر عن تحريكها من قبل أصحابها. علماً ان المصارف تمنع على أصحاب الحسابات الدولارية العائدة لما قبل شهر تشرين عام 2019 إجراء أي عمليات تحويل، وتفرض عليهم سقوفاً متدنية للسحوبات، إلى جانب تسعير دولار الودائع بـ15000 ليرة.
ورغم كل ما سبق ذكره تفرض المصارف رسوماً وعمولات تفوق المئة دولار في البعض منها على الحسابات القديمة. ولا تستثني المصارف الحسابات الجديدة، فتفرض على حسابات الفريش دولار نسباً عالية من العمولات والرسوم تتجاوز في بعضها الـ50 دولاراً من الحوالة.
وتصر المصارف، حسب المصدر، على تقاضي العمولات والرسوم لرفد صناديقها بالدولارات الطازجة وتغطية نفقاتها التشغيلية. ويكشف المصدر عن توجه لدى جمعية المصارف إلى مفاوضة مصرف لبنان على مسألة التعميم الأخير، مع التعهد بتراجع بعض المصارف عن فرض عمولات مبالغ بها.
عمولات مصرف الإسكان
وليس الحال في مصرف الإسكان بأفضل من باقي المصارف. فالمصرف المملوك بنسبة 80 في المئة من المصارف و20 في المئة من الدولة، ملزم باتباع الأنظمة والتعاميم الصادرة عن السلطات النقدية والمطبقة على المصارف العاملة في لبنان، حسب ما جاء في قانون تأسيسه. وعليه، يتوجب على مصرف الإسكان الامتثال لتعاميم مصرف لبنان ومنها التعميم الأخير (رقم 679).
أما بالنسبة إلى العمولات والرسوم التي يفرضها مصرف الإسكان، فلا تقل وقاحة عما تفرضه باقي المصارف. يفرض مصرف الإسكان بدءاً من شهر تموز الفائت عمولة بقيمة 9 دولارات فريش شهرياً على المقترضين بالليرة اللبنانية. وتُعد هذه العمولة سابقة في تاريخ المصارف. فعادة ما تكون العمولات والرسوم بعملة القرض نفسها.
ويُضاف إلى الـ9 دولارات، فرض عمولة بقيمة 500 دولار فريش و30 مليون ليرة على عملية إغلاق ملف القرض وفك الرهن عن العقار، علماً ان قروض مصرف الإسكان السكنية هي قروض مدعومة. وليس هذا فحسب، بل يترتب على صاحب القرض في مصرف الإسكان عمولة بقيمة 500 ألف ليرة في حال قام بتحويل الدفعة الشهرية من حساب مصرفي آخر إلى حسابه في مصرف الإسكان، في حين يترتب عليه 200 الف ليرة فيما لو قام بتحويل الدفعة من خلال OMT.
يُذكر أن التعميم الأخير الذي أصدره مصرف لبنان مؤخراً ويفرض فيه على المصارف منع تقاضي عمولات جديدة من حسابات الودائع، ما لم تكن مفروضة قبل نهاية شهر تشرين الاول 2019، يوكل فيه عملية الرقابة إلى لجنة الرقابة على المصارف. إذ يجب على الأخيرة أن تقوم بمهمة مراقبة صحة تنفيذ أحكام المادة، تحت طائلة فرض عقوبات إدارية بحق المصارف المخالفة.
وبالنظر إلى أن مصرف الإسكان خاضع للأحكام القانونية المعمول بها، لا سيما أحكام قانون التجارة وقانون السرية المصرفية وقانون النقد والتسليف، فإنه مُلزم بالإلتزام بالتعميم، وعلى لجنة الرقابة دفعه للعودة عن فرض تلك الرسوم المجحفة بحق المقترضين.