سيتم قريباً تعديل سقف القرض السكني الذي يقدمه مصرف الاسكان من 300 مليون ليرة الى 450 مليوناً ومن 450 مليون ليرة الى 600 مليون ليرة لبنانية، بعدما تبيّن انّ هكذا قرار لا يحتاج الى مصادقة مجلس النواب. فهل سيحرّك القرار القروض الجامدة منذ سنة تقريباً؟
أعاد مصرف الاسكان مؤخراً التذكير بالقرض السكني الميسّر بالليرة اللبنانية المخصّص لشراء او بناء او ترميم مسكن، والذي سبق وأعلن عنه منذ أكثر من عام بقيمة 165 مليون دولار مقدّم من الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والإجتماعي، وذلك لتمويل قروض طويلة الأجل للبنانيين المقيمين والمغتربين.
القرض ليس بجديد، وكان من المقرر ان يتم إعطاء قرض مُشابه للمؤسسة العامة للاسكان، الّا انّ تدهور سعر الصرف حال دون ذلك، وحتى الآن لم يلقَ القرض إقبالاً من الناس رغم مرور فترة على الاعلان عنه. وعَزت مصادر متابعة الامر لأنّ القرض لا يزال يَحتسِب الدولار على سعر صرف 1500 ليرة، اي اذا كان ثمن الشقة 200 الف دولار وسيقدم المصرف 70 % من ثمنها، فهذا لا يعني انّ المبلغ سيكون 140 الف دولار إنما 210 ملايين ليرة. وكشفت المصادر انّ مجموع عدد القروض التي أعطاها مصرف الاسكان مؤخراً لا يتجاوز الـ12.
في وضع اقتصادي ومالي طبيعي كان يمكن لهذا الخبر أن يُثير اهتمام الشباب اللبناني، لا سيما بعد مضي نحو عامين على توقف المؤسسة العامة للاسكان عن إعطاء قروض إسكانية، لكنّ هذه الخطوة تقابلها اليوم تحديات كبيرة، لا سيما انها أتت في ظل تدهور دراماتيكي لسعر صرف الليرة مقابل الدولار، وفي وقت ارتفعت نسَب البطالة الى مستويات قياسية، ومن لا يزال في وظيفته إمّا فَقدَ راتبه قيمته في ظل تراجع قيمة العملة والتضخّم المُفرط، او انه باتَ يعمل بنصف راتب.
أضِف الى ذلك أنه مرّ اكثر من عام على هجمة عقارية لا مثيل لها كنافذة خلاص للمودعين اللبنانيين لإخراج ودائعهم من المصارف اللبنانية شارفَ معها المخزون العقاري على الانتهاء، فهل لا يزال هناك شقق معروضة للبيع؟ كذلك من الذي يمكن ان يستفيد من هذا القرض اليوم خصوصاً انّ السقف المحدد للقرض، أي 300 مليون ليرة، بات يساوي حوالى 36 ألف دولار من سعر الشقة؟ ولماذا يتم إعطاء القروض التي حصل عليها مصرف الاسكان بالدولار الى اللبنانيين والمغتربين بالليرة اللبنانية على السواء؟ وهل يقبل المطورون قبض جزء من ثمن الشقة بالليرة اللبنانية؟
يشرح رئيس مجلس الإدارة – المدير العام لمصرف الإسكان ش.م.ل جوزيف ساسين: بما انّ مدخول 90 % من اللبنانيين هو بالليرة اللبنانية، لذلك لا يمكننا ان نُقرضهم بالدولار. كذلك، يجري هذا القرض على المغتربين بالليرة اللبنانية. امّا كيف سيُسدّد المصرف هذا القرض الذي أخذه بالدولار؟ فسنتدبّر أمرنا.
وأوضح: منذ ان أوقفَ مصرف لبنان قروضه المدعومة للاسكان في شباط 2018، لجأ تجّار البناء الى تقسيط اسعار الشقق، وبما انه لا يزال هناك أفراد يَدينون لهؤلاء التجار بمبالغ قليلة، يمكن ان يكون القرض السكني خشبة خلاص لهم بحيث ندفع عنهم ما تبقّى من القرض السكني ضمن السقوف الموضوعة، على أن يَستكملوا التسديد للمصرف المبلغ المتبقّي لمدة 30 عاماً. وأضاف ساسين ان لا حدود للمساحات التي يريد الشاري تَملّكها، لافتاً الى انّ المصرف يؤمّن تمويلاً لِما بين 70 الى 80 % من ثمن الشقة.
وكشفَ ساسين انه سيتم قريباً تعديل سقف القرض السكني من 300 مليون ليرة لبنانية الى 450 مليوناً ومن 450 مليون ليرة الى 600 مليون ليرة لبنانية بعدما تبيّن انّ هكذا قرار لا يحتاج الى مصادقة مجلس النواب رغم انه مُدرَج على جدول أعمال المجلس. واشار الى أنه من شأن هذه الخطوة ان تشكّل مُتنفّساً للمقترضين، خصوصاً انّ اسعار الشقق ارتفعت بالليرة اللبنانية.
هل من شقق بالليرة؟
لكن في ظل الهجمة العقارية التي شهدتها السوق خلال العام 2020 هل من شقق في السوق معروضة للبيع؟ وهل يقبل المطورون قَبض ثمن الشقة بالليرة اللبنانية لا سيما انّ ثمن غالبية مواد البناء هو بالدولار؟
في السياق، تقول نائبة رئيس جمعية مطوّري العقارات في لبنان ميراي قراب ابي نصر انه لا يزال هناك القليل من الشقق المعروضة للبيع، إنما من المُستبعَد ان يقبل المطورون بَيعها بالليرة اللبنانية. واشارت الى انّ أكثر من 12 مليار دولار من اصل 18 ملياراً كقروض للقطاع العقاري في المصارف تمّ تسديدها بالكامل، وذلك في الفترة الممتدة من تشرين الثاني 2019 حتى اليوم. وبالتالي، ليس من السهل اليوم ان نجد مطوّراً عقارياً مديوناً للبنك حتى يُقدِم على البيع وبالليرة اللبنانية.
وقالت: المطوّر غير المديون للبنك اليوم لا يبيع عقاره الّا بالدولار النقدي، اذا تَوفّر، والمديون يقبل بشيكات مصرفية بالدولار.
وعمّا اذا أمكن إيجاد شقق بسعر قريب لسقف القروض السكنية الموضوعة على اعتبار انّ القرض يغطي 70% الى 80% من ثمن الشقة؟ قالت: على سعر السوق تساوي الـ 300 مليون ليرة حوالى 36 ألف دولار، وعلى هذا الاساس لا يمكن ايجاد شقة بهذا الثمن الّا نادراً وفي المناطق النائية حيث تتراوح اسعار الشقق الدنيا بين 80 و100 الف دولار. والمشكلة اذا أمّنَ المصرف 400 مليون ليرة من ثمن الشقة فكيف للشاب الذي يريد شراء شقة أن يسدّد المبلغ المتبقّي كاش في ظل تراجع القدرة الشرائية؟ ولفتت الى انّ الحركة العقارية الناشطة تتركّز خصوصاً في محافظتي جبل لبنان وبيروت، حيث لا يمكن ايجاد اسعار تتلاءَم مع حجم القرض.
بدوره، استبعد الخبير العقاري رجا مكارم ان يكون هناك شقق معروضة للبيع اليوم لا سيما في منطقة بيروت، مؤكداً انّ القسم الاكبر من المخزون بيعَ لا بل هناك شحّ في الشقق التي يمكن ان تُباع بشيك مصرفي، فغالبية المطورين يطلبون جزءاً كبيراً من ثمن الشقة بالدولار النقدي غير المتوفّر مع غالبية الناس ومن يملكه لا يخاطر ويدفع به. ولفتَ الى انّ من يسعى لبيع عقار اليوم هو نفسه الذي اشتراه بشيك لتحرير أمواله من البنك، وهو يسعى لبيعه مقابل دولار نقدي. وأوضح انّ قلة من المطورين اليوم يعملون على مشاريع عقارية في هذه الظروف، ومن يطوّرون يشترطون البيع 100% بدولار نقدي ما يزيد الامر صعوبة. لذا، من الصعب الحصول على قروض مصرفية لشقق قيد الانشاء.
وعن سقف القروض الموضوعة؟ يؤكد مكارم انه ما عاد مُمكناً شراء شقة اليوم بـ 300 مليون ليرة، إذ لا يوجد عقار للبيع اليوم بأقل من 2000 دولار للمتر الواحد الّا في المناطق النائية او البعيدة من بيروت، لافتاً الى انّ الدولار الكاش يوازي 3 دولارات بشيك مصرفي.