مصرف لبنان بالمرصاد للبنوك الرافضة تطبيق زيادة المستفيدين من التعميم 158

سرت معلومات ان اعضاء في جمعية المصارف غير راضين عن التعميم 682، الذي أصدره حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري يوم الجمعة الماضي والخاص بتوسعة دوائر الافادة من التعميم 158. وعلّق مصدر من هؤلاء لإحدى القنوات التلفزيونية بأن التعميم يحتاج الى الدرس، علماً أن الجمعية دأبت منذ تولي منصوري مهامه على الاشادة بكل قرار يتخذه، على غرار ما كانت تفعل مع سلفه رياض سلامة، ضمن اطار سياسة «تمسيح الجوخ» التي تتبعها مع اي حاكم مركزي بغض النظر عن اسمه.

موقف ضبابي

هذا الموقف الضبابي لجمعية المصارف يدل على أن التعميم أحرج بعض المصارف لا سيما الصغيرة منها من دون أن تتمكن من الاعتراض علناً وفي موقف رسمي للجمعية، علماً بان معلومات «نداء الوطن» تؤكد ان المصارف الكبيرة متفاهمة مع منصوري على التطبيق. لكن المصارف، وفق مصادر متابعة، تملك هامشاً للمناورة والمماطة الادارية التي ستصعّب على المودعين الحصول على أموالهم بالسرعة المطلوبة. علماً أنه، بلغة الارقام، فان نسبة عدد الحسابات التي ستستفيد من هذا التعميم، لن تزيد عن 10 بالمئة من عدد الحسابات التي تستفيد من التعميم 158 والتي تبلغ 180 ألف حساب كما في حزيران الماضي، ما يعني أن التعميم الجديد قد يزيد عدد المستفيدين ويرد جزءاً من الاموال، لكنه لن يكون الحل لمشكلة الودائع عموماً، بل اجراء مرحلي بسيط وليس جذرياً لمعالجة الازمة من جذورها، بانتظار الحل الشامل الذي سيصدر في جملة تشريعات في المجلس النيابي.

السيولة موجودة

تجدر الاشارة الى أن المصارف اللبنانية التزمت بالتعميم 158، بعد أن طبقت تأمين جزء من السيولة بالعملة الاجنبية، بتخصيص 3 في المئة منها في المصارف المراسلة بموجب «التعميم 154» الصادر عام 2020. وعند إصدار «التعميم 158» سمح المركزي باستعمال تلك الأموال الموجودة لدى البنوك المراسلة لتسديد حصتها لمصلحة المودع اي 50% مقابل 50% يدفعها البنك المركزي. ما يعني أن المصارف تملك «الدولار الفريش»، فهل يمكن أن تتذرع الآن بأنها لا تملك السيولة الكافية أو أن حسابات العديد من المودعين لا تستوفي شروط التعديلات الجديدة من احكام التعميم 158، بهدف التهرب من تطبيق التعميم 682، خصوصاً أن القرار يعود عملياً للمصرف لا لمصرف لبنان ولا لاجتهادات المودع وفهمه لأحكام التعميم الصادر؟

جزء من خطة

يشرح الخبير الاقتصادي والمصرفي غسان شماس لـ»نداء الوطن»، أن «النقطة الاساسية في التعميم هي أنه سيجبر المصارف على استعمال جزء من الفريش دولار الذي تملكه للدفع للمودعين. وقبل هذا التعميم كان يتم الدفع لجزء معين منهم بموجب التعاميم السابقة، واليوم هذه الدفعات ستزيد على المصارف التي ستتذرع من حيث المبدأ أنها تفضل عدم الدفع على اعتبار أنها لا تملك السيولة الكافية».

يرى شماس أن «الذريعة لدى المصارف بعدم الدفع موجودة، علماً أن التعميم الذي أصدره منصوري هو جزء من الخطة الطويلة الامد، لاعادة أموال المودعين التي هي على شكل «لولار» لكي يستردوها بالدولار». متوقعاً في «بداية تطبيق التعميم أن تعمد المصارف الى التذرع بعقبات ادارية ولوجستية لتأخير تنفيذه، كما حصل عند صدور تعاميم سابقة. ولكن بالنتيجة لا يمكنها عدم التطبيق. ما يمكن أن تقوم به المصارف المعترضة هو المماطلة وطلب توضيحات حول آلية التطبيق والكثير من المعاملات الادارية من المودع».

أفضل من السابق

يضيف: «عدد الحسابات التي استفادت من التعميم 158 لم تزد عن 180 ألف حساب، في حين ان التعميم سيزيد عدد المستفيدين 10 بالمئة على الاكثر، وهذا أمر يمكن ان تستوعبه المصارف أمام الخسارات الكبيرة التي تكبدها المودعون في لبنان»، مشدداً على أن «أي تعميم يعيد جزءاً ضئيلاً من أموال المودعين من دون هيركات قاس، كما كان يحصل في بداية الازمة نتيجة تعاميم سلامة، هو أمر جيد لأن تعاميم سلامة كانت تعطي المودعين 400 دولار و400 أخرى بالليرة اللبنانية على سعر دولار 12 و15 ألف ليرة على الاكثر». ويختم: «هذا التعميم أفضل لجهة انه يعطي المودعين من حر أموالهم من دون اي قصاص او خصم، وهو لصالح المودعين بالتأكيد».

قد يرفع السيولة المطلوبة

من جهته يؤكد عميد كلية ادارة الاعمال في الجامعة الاميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري لـ»نداء الوطن» أنه «لا يمكن للمصارف التذرع بعدم تطبيق التعاميم (بحجة عدم وجود السيولة الكافية)، لأنه عندها قد يجبرها مصرف لبنان على رفع نسبة السيولة المطلوبة الى 4.5 بالمئة لدى المصارف المراسلة، كما أن للمركزي نظام تتبّع يمكن أن يساعد في عملية فرز المودعين الذي يحق لهم الاستفادة، ويقطع بذلك الطريق على المصارف بالتذرع بهذه الذريعة وممارسة الاستنسابية».

ينبه الخوري الى أن «بعض أصحاب المصارف يمكن ان يلجأوا الى ذريعة الافلاس الاحتيالي، والدليل أنهم يبيعون اصولهم بأسعار زهيدة بطريقة سرية. في هذه الحال يمكن للمركزي ان يفاوضهم من موقع القوي. لكنه لا يمكن أن يساهم في خلق مشكلة في وضع مالي مهتز أصلاً». واضاف أن «المركزي في كل بياناته يشدد على أن حل مشكلة المودعين ليست عنده، بل عند المجلس النيابي والحكومة من خلال اقرار التشريعات والقوانين الاصلاحية اللازمة. وهذا كلام صحيح، بينما السلطة تسوّق ان حل المشكلة عند المركزي، وهذا ما ساهم في ترسيخه الحاكم السابق سلامة من خلال سلوكه». ويختم: «الحقيقة أن الحل هو عند التشريع النيابي والخطط الحكومية، وهي غائبة الى الآن بالرغم من مرور 4 سنوات على الازمة».

 

مصدرنداء الوطن - باسمة عطوي
المادة السابقةخطّة النقابة للحرب المحتملة: 90% نقص أطباء الطوارئ… واختصاصيو التخدير «عـملة نادرة»
المقالة القادمةنهاية “اللولار” في 2024… ورساميل المصارف ستتبخّر عملياً بعدما كانت متبخّرة نظرياً