بدأت الدولة اللبنانية مطلع شباط الحالي تطبيق سعر الصرف الرسمي على أساس جديد، الا وهو 15 ألف ليرة بدلاً من 1507، هذا يعني حكماً رفع كلّ الضرائب والرسوم الى 15 ألف ليرة بما فيها TVA التي كانت لا تزال بين الشركات على 1507 ليرة.
كلّ هذا جيّد، ولكن جميع اللبنانيين إنتظروا أن يصدر هذا القرار بطريقة رسميّة، ولكن لا، إذ أنّ بداية التطبيق كانت بكلام شفهي أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عبر وسائل الاعلام يقول فيه إن لبنان سيبدأ تطبيق سعر صرف الرسمي بداية شهر شباط الجاري. هذا الامر تؤكده مصادر وزارة الماليّة عبر “النشرة”، وعادت لتلفت الى أننا “باشرنا بجباية TVA على 15 ألف ليرة”. وعندما تسأل عن صدور القرار الرسمي، يأتيك الجواب تبلّغنا من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هذا الأمر وبدأنا التطبيق على السعر الجديد بداية الشهر الحالي.
ليبراليّة الدستور؟!
ولكن مهلاً، ماذا يقول القانون عن تعديل سعر الصرف الرسمي؟ بحسب المتخصص في الرقابة القضائية على المصارف المحامي الدكتور باسكال ضاهر فإنه “وتبعا للمادة 75 من قانون النقد والتسليف معطوفة على المادة 69، فإنه لا يحق لمصرف لبنان أن يحدد السعر الرسمي للصرف بل تسمح له أن يتدخل بسوق القطع التي هي ردهة بورصة بيروت”، شارحاً أن “الدستور اللبناني ليبرالي وحرّ ومعوّم وبالتالي تحتاج الى هيئة تبيّنه من خلال تداول حرّ للعملات وهذا التداول الحرّ ليس موجودا في لبنان الا في ردهة البورصة”.
يعود الدكتور ضاهر ليلفت عبر “النشرة” الى أن “في تغيير سعر الصرف بهذه الطريقة مخالفة وسلب صلاحيات البورصة، لا سيما المادة 9 و10 من المرسوم الاشتراعي 120 الصادر سنة 1983، الذي يؤكد أنه لا يحق لأحد التداول بالعملات الا ردهة البورصة وهي يمكن أن تكون منصة الكترونية تحت اشراف البورصة”. أما الخبير الاقتصادي محمود جباعي فيرى أنه “لم يعد منطقياً أن يبقى سعر الصرف الرسمي على 1507 ليرة والمفترض بالدولة أن تعدّله لتحصّل ايراداتها”.
الفارق بين 1507 و15 الف
“الدولة على سعر صرف رسمي للدولار بما يوازي 1507 ليرات، كانت تقوم بجباية 13 تريليون ليرة بما يوازي 200 مليون دولار، بينما الناتج المحلي قيمته 21 مليار دولار”. هذا ما يؤكده جباعي، مشيرا الى أنه “حاليا الفارق كبير بين الناتج المحلي وموازنة الدولة، والمطلوب تعديل سعر الصرف وهذا الامر يرفع الايرادات الى ما بين 100 و130 تريليون ليرة أي بزيادة 10 أضعاف، وهذا الامر يساعد الدولة على أن تقدم الخدمات الصحّية والتربويّة وترفع الرواتب، على شرط أن تقوم بالجباية الصحيحة وان تطبّق على أرباح الشركات والمؤسّسات عامة، والا تكون الضرائب على رواتب الموظفين، لان الموظف اصلا يجب تحسين راتبه لا أخذ الضرائب منه”.
الدولار الأسود؟!
أمام هذا المشهد تتجه الأنظار الى الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار في السوق السوداء. وهنا يشرح جباعي عبر “النشرة” أن “هذا الارتفاع مرتبط بالأمور السياسية، كثرة المضاربة بالأسواق كما وشح العملة الخضراء لدى مصرف لبنان”، لافتا الى أن “الكتلة النقدية بالليرة قبل الازمة كانت 6 تريليون ليرة أصبحت 80 تريليون ليرة نتيجة التضخم، وبات مصرف لبنان بحاجة الى ضخّ 300 مليون دولار شهرياً بينما الناتج المحلي السنوي 200 مليون دولار”.
إذا، بدأ لبنان تطبيق سعر صرف جديد أعلنه حاكم مصرف لبنان شفهياً، وحكماً كل الضرائب والرسوم ستلحق السعر الرسمي الجديد، وتتجه الانظار الى الدولار وتأثير القرار الجديد عليه والمستويات التي يمكن أن يصل اليها قريباً!.