منذ اللحظة التي تم التداول فيها بنيّة رفع تسعيرة الاتصالات قبل أن تقرّه الحكومة رسميًّا في 20 من الشهر الماضي، معلنةً موعد دخوله حيّز التنفيذ ابتداءً من 1 تموز المقبل، بدأ عدد كبير من المواطنين في كافة المناطق اللبنانية بالتهافت والانكباب على محال بيع البطاقات مسبقة الدفع، بغية “تشريج” خطوطهم بكميات كبيرة من الدولارات لتخزينها والاستفادة منها عند بدء العمل بالتسعيرة الجديدة، علمًا ان “دولارات التشريج” تباع على سعر صرف الـ1500 ليرة، وهذا ما اعتقده كثر مكسبًا لهم بعد رفع التسعيرة.
60 مليون من الدولارات المخزّنة
تقول مجموعة من تجّار بيع بطاقات الاتصالات مسبقة الدفع إنه منذ شهر آذار الماضي حتى هذه اللحظة، تم تخزين ما يقدّر بـ60 مليون دولار من بطاقات التشريج الهاتفي، موضحًا: “في كثير من الأحيان يأتي أشخاص لتشريج كميات كبيرة دفعة واحدة، وكان يُعرض علينا مبالغ كبيرة لقاء الإفراج عن المزيد من البطاقات، بعض المحال كانت تتجاوب وتستفيد من مغريات الزبائن، والبعض الآخر لم يفتح المجال لمثل هذا الأمر”.
وتلفت المصادر لـ”المدن” إلى أن “هذه الظاهرة أدت إلى شحّ بطاقات الأرصدة الدولارية في السوق في الشهرين الأخيرين، ما أدى إلى دخول السوق السوداء على الخط، واستفادة الكثير من التجار الذي خزّنوا البطاقات لبيعها بأسعار تتراواح بين 60 و100 ألف ليرة عن كل بطاقة مسعّرة رسميًّا بـ38 ألف ليرة”.
وتضيف: “المفارقة تكمن في أنه لم يتضح بعد ما إذا كان فعليًّا سيستفيد مخزّنو الدولارات بعد العمل بالأسعار الجديدة، لا سيّما أنه تم تحويل الأرصدة الدولارية في خطوط الهواتف إلى أرصدة بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي أي 1500 ليرة، فعلى سبيل المثال، كل 10 دولارات تُخزّن في الهاتف تكون قيمتها الفعليّة والظاهرة 15 ألف ليرة، وبالتالي قد يكون المواطن الذي أنفق مبالغ طائلة على الدولارات، أمام فخٍ مُحكم سيقع فيه أول الشهر المقبل لناحية سعر الصرف الذي الذي ستُحتسب على أساسها تعرفة الخدمات الهاتفية”.
حاجة إلى زيادة الرصيد
عندما كثرت التساؤلات وعلامات الاستفهام والمعلومات المتضاربة حول مصير الأرصدة المخزّنة في الخطوط الهاتفية، بادرت شركة “تاتش” قبل ثلاثة أيام إلى إرسال رسالة SMS توضيحية كتبت فيها: “عزيزي المشترك، الرجاء أخذ العلم بأن أي إيداع/إيداعات نقدية مودعة من قبلكم على خطكم الخلوي سيتم تنفيذها عند الحاجة بالعملة الوطنية (الليرة اللبنانية) على أساس سعر الصرف الرسمي الحالي أي 1514.5 ليرة لبنانية مقابل الدولار الأميركي الواحد”.
هذه الرسالة أكدت أن “الدولارات” الهاتفية لن تتبخّر في الأول من تموز مهما ارتفعت نسبتها، لكنها لم توضح لأصحاب الخطوط ما إذا كانوا سيتمكّنون من استثمارها للخدمات والرزم الهاتفية بشكل طبيعي، كما لم توضح ما إذا كانوا حقّقوا مكاسب ماليّة معيّنة أم سقطوا في فخ الخسارة، علمًا أن بطاقات التشريج مسبقة الدفع التي ستغزو السوق عند تفعيل القرار الجديد، ستُحصر بشكلين فقط، بطاقة بسعر 4.7$ وأخرى بسعر 7$ تباع حسب سعر منصة “صيرفة”، الأمر الذي أبقى مصير “مخزّني” الأرصدة مبهمًا.
الاستفادة من فائض الدولارات الهاتفية ستكون معدومة نتيجة تدني القدرة الشرائية للأرصدة المخزّنة لا سيّما أنها ستُقرّش على سعر الصرف الرسمي في حساب كل خط، وبالتالي فإن قيمتها لن تتضاعف كما اعتقد كثر، ولن يتمكّن أحد من تحقيق الأرباح عبر استثمارها بالتعرفات الجديدة للخدمات والرزم. هذا ما أكده مصدر مطّلع في وزارة الاتصالات لـ”المدن”.
واستطرد المصدر بالمثال الآتي: “من خزّن 700 دولار أي مليون و50 ألف ليرة على سعر الصرف الرسمي المعتمد، سيتم حفظ رصيده هذا في حساب الخط بشكل طبيعي كما ذُكر أعلاه، لكن التعرفة الجديدة للرزم والخدمات ستتغير وستُبرمج بشكل يقلّص من القدرة الشرائية للدولارات التي خُزّنت، وتجعل من رصيده القديم في أمس الحاجة لشراء بطاقات تشريج حديثة كي يتمكّن من تفعيل إحدى الخدمات الهاتفية التي يطلبها، أي أنه لو أراد استثمار مخزون دولاراته بالقدر نفسه من الخدمات التي يحصل عليها عادةً، عليه دفع مبالغ طائلة فوقها”.
فقدان 500% من القدرة الشرائية
حسب التعرفة القديمة للرزم والخدمات، تسمح الـ700 دولار المخزّنة لصاحب الخط الهاتفي بتفعيل رزمة الانترنت 30 جيغابايتس بكلفة 47 دولارًا، بما يوازي 70500 ليرة من الرصيد لـ15 مرّة، لكن وفق التعرفة الجديدة لرزمة الـ30 جيغابايتس نفسها التي ستبلغ 650 ألف ليرة، لن تمكّنه من تفعيلها سوى مرّة واحد أو مرّة للرزمة المذكورة ومرّة لرزمة الـ10 جيغابايتس التي سيبلغ سعرها 330 ألف ليرة، حسبما ذكر المصدر نفسه.
وتابع المصدر مفنّدًا: “بطاقة التشريج مسبقة الدفع التي تحتوي على 7 دولارات تباع على سعر صرف المنصّة (صيرفة) أي نحو 24900 (تسعيرة اليوم التي تتبدّل بين يوم وآخر)، فيكون سعرها 174300 ليرة، علمًا أن السعر الجديد لدقيقة الاتصال الواحدة سيتراجع من 25 سنتًا تُحتسب على سعر الصرف الرسمي بما يعادل 375 ليرة، إلى 8 سنتات وفق سعر صرف المنصّة أي 2000 ليرة، وبالتالي فإن رصيد الـ700 دولار المُخزّن (مثال افتراضي) والذي يساوي مليوناً و50 ألف ليرة في الهاتف الخلوي، سيخوّل صاحبه إجراء 525 دقيقة من المكالمات الهاتفية بدلًا من الـ2800 دقيقة المُتاحة له قبل بلوغ تاريخ الأول من تموز، وبطبيعة الحال فإن المبالغ المُخزّنة في أرصدة عدد كبير من المواطنين، خسرت حوالى 500 في المئة من قيمتها الشرائية”.
رزم جديدة مرتقبة
يُذكر أن مجلس الوزراء أقر في جلسة له بتاريخ 20 أيار الماضي، رفع تعرفة الاتصالات، حين وافق على عرض وزير الاتصالات جوني القرم، بتعديل التعرفة والرسوم اعتباراً من 1 تموز 2022، مع التشديد على ما ورد في اقتراح الوزير لناحية اقتران التعديل برزم وعروض خاصة بذوي الدخل المحدود، على أن يصار إلى تشكيل لجنة وزارية لإعادة صياغة المرسوم في ضوء رأي مجلس شورى الدولة. كما وافق على عرض وزارة الاتصالات موضوع تخفيض حوالى 42.65 مليون دولار أميركي فريش من تكلفة شبكتي الخلوي.
وبدءاً من 1 تموز سوف تكون في السوق بطاقاتان جديدتان، سيتمّ بيعهما حسب سعر منصّة صيرفة: بطاقة بسعر 4.7$ وبطاقة بسعر 7$. أما بالنسبة إلى البطاقات الصادرة قبل شهر تموز، ستتمّ المحافظة على قيمة رصيدها الحالي بالليرة اللبنانية، والمحتسب على سعر الصرف الحالي.
أما عن طريقة تسعير فاتورة الخلوي للخطوط الثابتة، فسيتمّ تقسيم قيمة الفاتورة بالدولار على 3.3، على أن يُحتسب المبلغ بالليرة اللبنانية بعد ضرب تلك القيمة بسعر منصة “صيرفة” في اليوم الذي يسبق دفع الفاتورة. وبالنسبة إلى بدل الاشتراك الشهري للخطوط الخلوية الثابتة فقد باتت بـ5 دولارات تُحتسب وفق سعر منصة “صيرفة”، فيما أصبحت دقيقة الاتصال على الخطوط الثابتة تكلّف 4 سنتات بدلاً من 11 سنتاً، بينما سيتراجع سعر الدقيقة في بطاقات التشريج مسبقة الدفع من 25 سنتًا إلى 8 سنتات وفق سعر “صيرفة”.
أما أسعار باقات الانترنت “ألفا” و”تاتش” فستصبح كالآتي:
– 500 ميغابايت 130 ألف ليرة.
– 1.5 جيغابايت 170 ألف ليرة.
– 5 جيغابايت 220 ألف ليرة.
– 10 جيغابايت 330 ألف ليرة.
– 20 جيغابايت 500 ألف ليرة.
– 30 جيغابايت 650 ألف ليرة.