مطارات أوروبا تحلق في الفوضى

تعددت المشاهد والأسباب، لكن النتيجة الواضحة واحدة، وتؤدي لحدوث حالة من الفوضى في أكبر المطارات الأوروبية. وأعلنت شركة الطيران العملاقة لوفتهانزا أنها ألغت في الإجمال أكثر من ثلاثة آلاف رحلة هذا الصيف بسبب نقص الموظفين والإضرابات وفيروس كوفيد. وتشمل موجة الإلغاء الجديدة 2200 رحلة جوية، أي نحو ثلاثة في المائة من برنامج رحلاتها.

كانت الشركة قد ألغت في التاسع من يونيو (حزيران) 900 من رحلاتها الصيفية أيام الجمعة وفي عطلات نهاية الأسبوع، مشيرة إلى «نقص في الموظفين يعانيه قطاع الطيران الأوروبي بأكمله». كما أعلنت شركة يورو وينغز المنخفضة التكلفة التابعة لها أنها اضطرت إلى إلغاء «مئات الرحلات الجوية» في يوليو (تموز) المقبل.

ويرتبط النقص في الموظفين «خصوصاً بالمطارات والخدمات الأرضية وأمن الطيران وبالتالي الشركات أيضاً»، وفق ما أوضحت الشركة في بيان أرسلته إلى وكالة الصحافة الفرنسية. وأضافت أن «إضرابات المراقبين الجويين والطقس وقبل كل شيء زيادة الإصابات بفيروس (كوفيد – 19) تلقي بعبء إضافي»، مشيرة إلى زيادة في الإجازات المرضية «في الأيام الأخيرة».

نتيجة ذلك، ألغت المجموعة 2200 رحلة من أصل 80 ألفاً من فرانكفورت وميونيخ وإليها، تشمل خصوصاً الرحلات الداخلية والأوروبية. ولم تعد عمليات الإلغاء تتعلق بعطلات نهاية الأسبوع فحسب، بل تشمل أيضاً بقية أيام الأسبوع. وهذا القرار «الحتمي» يضمن «مزيداً من الاستقرار لبرنامج الطيران طوال الصيف» عبر تجنب «عبء زائد على العمليات الأرضية خلال ساعات الذروة»، وفق لوفتهانزا.

ومنذ رفع القيود الصحية في العديد من الدول وأبرزها المملكة المتحدة في بداية العام، تواجه شركات النقل صعوبات في تلبية الزيادة في الطلب، ويرجع ذلك أساساً إلى النقص الحاد في عدد الموظفين. وتشهد مطارات بريطانيا اضطرابات شديدة منذ أسابيع، أبرز مظاهرها تشكل طوابير طويلة وإلغاءات متتالية لرحلات شركات إيزي جيت والخطوط الجوية البريطانية وتوي وويز إير.

ويستعد عمال شركة الطيران البريطانية بريتش إيروايز في مطار هيثرو لندن لتنظيم إضراب عن العمل بسبب الخلاف مع الإدارة بشأن الأجور، ليضاف شبح إضراب جديد إلى قائمة الإضرابات التي تجتاح شركات الطيران عبر أوروبا بما يهدد بحالة فوضى في حركة السفر خلال الصيف الحالي.

وقالت نقابتا جي إم بي ويونايت العماليتان، إن المئات من العاملين في مطار هيثرو لصالح بريتش إيروايز وافقوا على الإضراب خلال ذروة موسم العطلات بعد رفض الشركة إعادة الخصم الذي فرضته على الأجور بنسبة 10 في المائة أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد. وقالت نقابة يونايت إنها ستمنح شركة بريتش إيروايز التابعة لمجموعة آي جي إيه «فرصة صغيرة» لكي تعدل الأجور قبل تحديد موعد الإضراب.

وأشارت وكالة بلومبرغ إلى أن ارتفاع معدلات التضخم دفع العاملين في صناعة الطيران بأوروبا إلى تنظيم حملات للمطالبة بزيادة الأجور، مدعومين بالتعافي السريع لحركة السفر مع نقص حاد في العمالة بالقطاع، وهو ما أجبر العديد من المطارات المحورية في مختلف أنحاء أوروبا على إلغاء مئات الرحلات. وفي الأسبوع الماضي أعلن مطارا غاتويك لندن وشيبول أمستردام خفض طاقتهما التشغيلية بسبب نقص العمالة.

وإضافة إلى ألمانيا وبريطانيا، تشهد مطارات إسبانية أزمة جديدة بسبب إضرابات عاملين تابعين لشركة راين اير. كما تتزايد الإضرابات الخاصة بقطاعات النقل في أوروبا على وجه العموم، ووجهت نقابات عمالية فرنسية دعوة مشتركة يوم الجمعة كي ينظم عمال السكك الحديدية إضراباً وطنياً في السادس من يوليو قائلة إنهم يريدون زيادة في الأجور في ظل ارتفاع التضخم.

وقالت نقابة مستخدمي السكك الحديدة (سود ريل) والاتحاد العام للعمل والاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمال في بيان مشترك: «إلى جانب العمال في فرنسا وأوروبا، تأثر عمال السكك الحديدية بشدة بالتضخم حاد الارتفاع. لا بد أن نتحرك للحصول على زيادة في الأجور».

وينضم عمال السكك الحديدية بذلك إلى عدد متنامٍ من العاملين في قطاعات مختلفة من النفط والمطارات والنقل الجوي إلى سائقي الشاحنات الذين طالبوا بزيادة الأجور لمواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة وينظمون إضرابات لدعم مطالبهم. وتشكل الاضطرابات الاجتماعية ضغطاً على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته وسط أزمة سياسية، بعدما خسر هو وحزبه المنتمي للوسط الأغلبية في البرلمان في انتخابات جرت يوم الأحد. واستبعد معارضوه حتى الآن أي تشكيل لتحالف أو اتفاق مع حزبه. وينظم عمال في مصافٍ نفطية تابعة لشركة توتال إنرجيز إضراباً يوم الجمعة. وقالت الشركة إنها اتخذت خطوات للتأكد من أن شبكتها من محطات البنزين وعملاءها يحصلون على القدر الكافي من الإمدادات خلال عطلة نهاية الأسبوع.

 

مصدرالشرق الأوسط - لمياء نبيل
المادة السابقة«الفيدرالي» الأميركي في معركة «حتمية» مع التضخم
المقالة القادمةالنفط يصعد مع ضبابية الإمداد