في ضوء ما تشهده البلاد من ازمات وما يتعرض له مطار رفيق الحريري الدولي من تهديدات وخروقات أمنية، وازدحام كبير في المواسم السياحية او عند إعلان الطوارئ من بعض الدول التي تدعو رعاياها إلى مغادرة لبنان بسرعة خوفاً من أي تداعيات او حرب واسعة، ناهيك عن وضع المطار اللوجيستي من انقطاع الكهرباء او فيضان مياه الامطار داخله وتراجع الخدمات.في ضوء كل ذلك، لم يعد من مجال للشك، ان الحاجة باتت ملحة لمطار آخر في البلاد يلبي الحاجات الطارئة، ويمنع عزل لبنان عن العالم في حال حدوث أي طارئ.
شأن واقعي وممكن في ظل وجود مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض أو القليعات كما كان يعرف سابقا، وهو مدني- عسكري، يقع في شمال لبنان، بالقرب من بلدة القليعات ويبعد عن الحدود اللبنانية السورية حوالي 6 كيلومترات، أنشأه الحلفاء عام 1941 إبان الحرب العالمية الثانية لأهداف عسكرية.
وفي العام 1960، استخدمته شركة نفطية لأغراض مدنية في حركة نقل المهندسين والموظفين والعمال، ما بين لبنان والدول العربية. وفي العام 1966، أصبح تحت إشراف الجيش اللبناني، الذي قام بتوسعته وتطوير قدراته التكنولوجية، ليصبح فيما بعد قاعدة من القواعد الجوية الأكثر حداثة في المنطقة في تلك الأيام.
خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية، تم تجميد عمل المطار المذكور، ووضعت الطائرات في المخازن. وفي العام 1989، اجتمع من تبقى من أعضاء البرلمان اللبناني في مطار القليعات وانتخبوا رينيه معوض رئيسا للجمهورية اللبنانية. وبعد اغتياله تم تغيير اسم المطار من مطار القليعات إلى مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض.
وفي الحرب التي اندلعت في العام 2006، تعرّض المطار للقصف من قبل سلاح الجو الإسرائيلي، ما أدى إلى أضرار في بنيته، وقد قام الجيش اللبناني بإعادة إصلاح الأعطال وترميمه. فهل يعاد تشغيل المطار لضرورات امنية وتقنية وحيوية للبنان؟
قبل اندلاع حرب الجنوب اثر عملية طوفان الاقصى حمل نواب المنطقة الملف وجالوا به على المسؤولين المعنيين مطالبين بإعادة تشغيل مطار القليعات لما له من أهمية، الا ان جبهة “الاشغال والمساندة ” اوقفت الحركة هذه . عن مصير الملف يتحدث رئيس لجنة الأشغال النيابية سجيع عطية ويكشف لـ”المركزية” ان “ملف المطار جاهز على طاولة وزير الأشغال، وما عليه إلا ان يوقعه ويبدأ بأعمال التأهيل والتجهيز”، مؤكداً ان “التمويل متوفر على مبدأ الـBOt ولا مشكلة في هذا المجال، حيث ان هناك شركات تموِّل وتُشغِّل هذا القطاع. لكن نحتاج الى السياسة كي تسهل الأمر”.
ويضيف: “وضِع المشروع على السكّة وكنا في صدد إنجازه، إلا ان الحرب في غزة وعلى الجبهة الجنوبية للبنان فرملته. لكن بعد انتهائها سنعيد العمل عليه”، مشددا على ان “الملف سيعاد تحريكه من دون أدنى شك، وليس هناك أي موانع او عوائق أمامه، لأنه حاجة وطنية واقتصادية. كما ان الملف جاهز وليس لدى اي طرف حجة لعدم توقيعه. الحكومة اتخذت القرار بتشغيله والجميع موافق، والملف أصبح لدى وزير الأشغال لإجراء المناقصات اللازمة وتشغيله، فقط لا غير”، لافتاً إلى ان “في حال سارت الامور على السكة الصحيحة، وتمّ تلزيمه، يحتاج إلى عام كحد اقصى لإعادة تشغيله، لأن المطار أصلاً جاهز بنسبة 70 في المئة”.
ويشير عطية إلى أهمية المطار من ناحية “تشغيل اليد العاملة وتنمية الزراعة وتوفير الشحن، لأن مطار بيروت لم يعد يستوعب، البنى التحتية ضعيفة، ولبنان يحتاج إلى مدخل ثانٍ. لا يوجد بلد في العالم من دون مطارَين أو أكثر، حتى قبرص فيها 6 مطارات رغم ان مساحة البلاد أصغر من لبنان، وفي سوريا 40 مطاراً”.
ويختم عطية: “في حال تمّ تشغيله، لن ينافس مطار بيروت بل سيكمّله. قد يُستَخدم في البداية للشحن والسياحة والرحلات القصيرة. وهذا ما سيؤدي إلى زيادة عدد السياح والانفتاح على مناطق جديدة. لذلك فهو مطلب عام مهم وضروري وله أهمية اقتصادية ومالية وسياحية “.