مطبات تعترض التحول إلى الهيدروجين الأخضر

تتزايد سرعة قطار الهيدروجين الأخضر السريع، لكن قد يواجه مشكلة مقلقة مع التسريبات، في الوقت الذي تضع فيه الحكومات وشركات الطاقة رهانات كبيرة على وقود المستقبل الذي يتم الترويج له كثيرا.

ويقول بعض الخبراء إن نقص البيانات عن التسريبات والأضرار المحتملة التي يمكن أن تسببها هي نقطة عمياء لهذه الصناعة الناشئة.

وتشير أربع دراسات على الأقل نُشرت هذا العام إلى أن الهيدروجين يفقد ميزته البيئية عندما يتسرب إلى الغلاف الجوي.

وقال خبيران لرويترز، لم تكشف هويتهما، إنه “إذا حدث تسرب بنسبة 10 في المئة أثناء إنتاجه أو نقله أو تخزينه أو استخدامه، فإن فوائد استخدام الهيدروجين الأخضر على الوقود الأحفوري سيتم القضاء عليها تماما”.

ومع ذلك، تمضي الحكومات قدما في تقديم الدعم المالي لهذه الصناعة. وأدرجت الولايات المتحدة مليارات الدولارات من الإعفاءات الضريبية للهيدروجين الأخضر في قانون خفض التضخم.

كما وافق الاتحاد الأوروبي على تخصيص 5.2 مليار يورو لدعم مشروعات الهيدروجين الأخضر في سبتمبر الماضي.

ويؤكد الخبراء أن مشكلة الهيدروجين هي أنه عندما يتسرب إلى الغلاف الجوي فإنه يقلل من تركيز الجزيئات التي تدمر غازات الدفيئة الموجودة بالفعل، مما قد يساهم في الاحتباس الحراري.

وأشاروا إلى أن الافتقار إلى التكنولوجيا لمراقبة تسرب الهيدروجين يعني وجود فجوة في البيانات، ولذا ثمة حاجة إلى المزيد من البحث لحساب تأثيرها الصافي على ظاهرة الاحتباس الحراري قبل اتخاذ قرارات الاستثمار النهائية.

ونشرت جامعة كولومبيا وصندوق الدفاع البيئي، وهو مشروع مشترك بين جامعتي كامبريدج وريدينغ، وأيضا شركة فريزر – ناشا للاستشارات، جميع الدراسات حول مخاطر التسربات التي تقوض الفوائد المناخية للهيدروجين الأخضر.

وقالت آن صوفي كوربو الباحثة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا “نحتاج إلى بيانات أفضل بكثير. نحتاج إلى أجهزة أفضل بكثير لقياس التسرب، ونحتاج إلى تنظيم يفرض فعليا قياس التسرب”.

وتقدر أن معدلات التسرب يمكن أن تصل إلى 5.6 في المئة بحلول عام 2050 عندما يتم استخدام الهيدروجين على نطاق أوسع.

ويعمل معهد أبحاث المناخ النرويجي (سيسيرو) أيضا على دراسة مدتها ثلاث سنوات ونصف السنة من المقرر أن تنتهي في يونيو 2024 حول تأثير انبعاثات الهيدروجين.

وقالت ماريا ساند التي تقود البحث إن “هناك فجوة كبيرة في المعلومات”. وأضافت “نحتاج إلى أن نكون على دراية بالتسريبات، نحتاج إلى بعض الإجابات حيث هناك إمكانات كبيرة للهيدروجين، ونحتاج فقط إلى معرفة المزيد قبل الانتقال الكبير”.

والهيدروجين المستخدم الآن في مصافي النفط ومصانع الكيمياويات وصناعة الأسمدة مصنوع من الغاز الطبيعي في عملية ينتج عنها ثاني أكسيد الكربون.

ويتكون الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة المتجددة لتقسيم المياه من خلال التحليل الكهربائي، دون إنتاج غازات الدفيئة.

وعامل الجذب الرئيسي لاستخدام الهيدروجين كوقود هو أن المنتج الثانوي الرئيسي هو بخار الماء، جنبا إلى جنب مع كميات صغيرة من أكاسيد النيتروجين، مما يجعله أقل تلويثا بكثير من الوقود الأحفوري بافتراض عدم تسربه.

وفي وقت سابق هذا الشهر دعت بروكسل إلى تقديم طلبات للحصول على تمويل للمزيد من الأبحاث حول المخاطر المرتبطة بنشر الهيدروجين على نطاق واسع.

وطلبت إظهار كيف يمكن للهيدروجين أن يقلل الاحتباس الحراري عن طريق استبدال الوقود الأحفوري، ولكن أيضا كيف يمكن أن يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري في حالة التسرب.

وأشار تقرير فريزر – ناشا أيضا إلى ضرورة أخذ التدابير اللازمة لمنع تسرب الهيدروجين في الاعتبار للسماح بالمزيد من التكاليف الأولية وتكاليف الصيانة.

وقال ريتشارد لويز كبير المساعدين في مشروع المساعدة التنظيمية بالشركة إنه “كلما عرفنا المزيد عن كيفية إنتاجه بطريقة مستدامة والتنظيم والإدارة اللازمين، زادت تكاليفه، وبالتالي فإن ذلك يحد من استخدامه ما لم يكن هناك بديل”.

ويقول العلماء والمحللون إنه نظرا لأن جزيئات الهيدروجين أصغر حجما وأخف وزنا من تلك الموجودة في الميثان، فمن الصعب احتواءها.

وفي حين أنه من غير المتوقع أن يكون التسرب المحتمل للهيدروجين على نطاق يمكن أن يعرقل جميع خطط الهيدروجين الخضراء، فإن أي تسرب من شأنه أن يؤدي إلى تآكل الفوائد المناخية، كما يقولون.

وأظهرت بيانات وكالة الطاقة الدولية أن ما يقرب من 300 مشروع هيدروجين أخضر قيد الإنشاء أو بدأت في جميع أنحاء العالم، لكن الغالبية العظمى منها عبارة عن محطات تجريبية صغيرة.

وتتوقع شركة دي.أن.في البريطانية للاستشارات أن الهيدروجين الأخضر سيحتاج إلى تلبية نحو 12 في المئة من الطلب العالمي على الطاقة بحلول 2050 لتحقيق أهداف المناخ في باريس.

وقال ديفيد سيبون أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة كامبريدج، إن هذه النسبة قد تكون فقط ما يمكن “إدارته”، بالنظر إلى الكمية الهائلة من الطاقة المتجددة اللازمة لإنتاج ما يكفي من الهيدروجين الأخضر.

وأوضح أنه لاستبدال الهيدروجين المتسخ المستخدم في المصافي، ستتطلب الأسمدة والمصانع الكيمياوية ضعف الكهرباء، التي تنتجها كل توربينات الرياح والألواح الشمسية في كل أنحاء العالم، قبل استخدام الهيدروجين الأخضر في صناعة الصلب أو النقل أو التدفئة.

ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي يدرس تفويضات لاستخدام الهيدروجين الأخضر في قطاع النقل، في حين أن دولا مثل كوريا الجنوبية واليابان والصين لديها أهداف لمركبات خلايا الوقود الهيدروجينية.

وتأمل صناعة الوقود الأحفوري أن ينتقل الهيدروجين في النهاية عبر البنية التحتية الحالية، مثل خطوط أنابيب الغاز ومحطات استيراد وتصدير الغاز الطبيعي المسال.

ولم تتم مراقبة الهيدروجين بحثا عن تسريبات في الماضي، ومعظم الغازات عديمة الرائحة المستخدمة الآن تُصنع حيث يتم استهلاكها ولكن هناك خطط لتوصيله بالأنابيب وشحنه لمسافات شاسعة.

ويتحرك نحو واحد في المئة من الغاز الطبيعي، ومعظمه من الميثان، عبر تسريبات في البنية التحتية الأوروبية، لكن المعدلات أعلى في بعض الدول بما في ذلك روسيا، بحسب محللين وصور الأقمار الاصطناعية للتسريبات.

وتقول ساند إن “هناك الكثير لا نعرفه عن الهيدروجين ولا نعرف حتى الآن ما إذا كان بإمكاننا الافتراض أنه سيتصرف بنفس الطريقة التي يتصرف بها الميثان”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةتحركات حذرة في الأسواق قبل نهاية 2022
المقالة القادمةمساعد بوتين يكشف ماذا ينتظر الاقتصاد الروسي في 2023