من الصعب الحصول على فلزات المعادن النادرة الضرورية للتحول إلى الطاقة الخضراء. هذا ما تؤكده شركة إم بي متريالز وشركة لاينس اللتان تواجهان تحديات كبيرة في تحويل الفلزات إلى معادن أساسية مستخدمة من قبل أيفون وسيارات تسلا وصولا إلى طائرات أف – 35 المقاتلة التي تنتجها لوكهيد مارتن.
واكتسب سعي الغرب لتطوير إمدادات مستقلة من المعادن النادرة مزيدا من الإلحاح، بعد أن فرضت بكين قيودا على تصدير معدنين إستراتيجيين الشهر الماضي، وهما الغاليوم والجرمانيوم، مما أثار مخاوف عالمية من أن الصين قد تمنع صادرات المعادن النادرة أو تكنولوجيا المعالجة بعد ذلك.
وتسلط الجهود الأخيرة من قبل الشركتين المذكورتين وشركات أخرى، لتحسين معادن نادرة خاصة بها، الضوء على المهمة الصعبة التي يواجهها العالم لكسر قبضة الصين على المجموعة الرئيسية المكونة من 17 معدنا ضروريا للانتقال إلى الطاقة النظيفة، حسب ما أظهرته مقابلات مع أكثر من عشرة مستشارين ومدراء تنفيذيين ومستثمرين ومحللين في مجال الصناعة.
وتعوق التعقيدات التقنية ومخاوف التلوث قدرة الشركات على انتزاع حصتها في السوق من الصين، التي تسيطر وفقا لوكالة الطاقة الدولية على 87 في المئة من طاقة تكرير المعادن النادرة على المستوى العالمي.
وفي حال استمرت الصعوبات قد تفشل الكثير من الاقتصادات في تحقيق هدفها المتمثل في خفض انبعاثات الكربون إلى صافي الصفر بحلول عام 2050 لتقليل تأثير تغير المناخ، دون مشاركة من بكين. وكانت خطط وضعتها شركة ليناس الأسترالية لبناء مصفاة أميركية للفلزات النادرة مع شريك مقره تكساس قد انهارت.
وتعثر هدف إم بي المتمثل في تكرير المعادن الأرضية النادرة الخاصة بها عام 2020 بسبب جائحة كورونا، مما أدى إلى تحويل هدفها إلى نهاية عام 2023.
ووفق كراي لوكسباكر، الذي يرأس قسم التعدين والهندسة الجيولوجية بجامعة أريزونا، “يمكن أن تكون عملية تكرير الفلزات النادرة صعبة للغاية”، فـ”هناك الكثير من الخطوات المعقدة”.
ويجب أن تتعامل مصافي الفلزات النادرة مع 17 معدنا، اعتمادا على جيولوجيا الرواسب، وكل منها بنفس الحجم والوزن الذري تقريبا، مما يجعل الفصل معقدا. ويجب أن يتم فصل هذه المعادن النادرة وفق ترتيب معين.
ولاستخراج وتكرير النيوديميوم والبراسيوديميوم لبناء مغناطيس EV على سبيل المثال، يجب على الشركة أولا إزالة اللانثانوم والسيريوم الأقل جاذبية الذي يشكل حوالي 83 في المائة من الرواسب في عملية تعتمد على مزيج معقد من الأحماض والأكاسيد والمواد الكيميائية الأخرى المصممة خصيصا لجيولوجيا المناجم.
ويقول محللون إن خبرة الصين في مجال التكرير سمحت لها بالسيطرة على أسعار المعادن النادرة في مراحل مختلفة من سلاسل المعالجة، بما في ذلك انخفاض أسعار المنتجات النهائية.
وظهرت أهمية النموذج الصيني بشكل واضح الشهر الماضي عندما انخفضت أسعار المعادن النادرة إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، ويرجع ذلك جزئيا إلى ارتفاع المعروض الصيني. وتقدم الصين أيضا تخفيضا في الصادرات بنسبة 13 في المائة لمصنعي المغناطيس الذين يستخدمون موادها، مما يعزز هيمنتها.
وتقدر شركة مزودة لبيانات السوق أن الصين تقوم بتكرير 89 في المائة من النيوديميوم والبراسيوديميوم في العالم، وهما المعدنان الرئيسيان لمغناطيس المركبات الكهربائية، وهي هيمنة من المتوقع أن تنخفض بحلول عام 2028 إلى 75 في المئة.
ويتوقع أن تنخفض سيطرة الصين العالمية على تكرير الديسبروسيوم من 99 في المئة عام 2023 إلى 94 في المئة بحلول عام 2028. ويساعد الديسبروسيوم على الاحتفاظ بالمغنطة في درجات حرارة عالية.
وقال محللو الصناعة إن هناك حاجة أيضا إلى ابتكار حاسم لكسر قبضة الصين الخانقة على القطاع دون التضحية بالجودة البيئية، مع وجود مخاوف بشأن النفايات السامة للعمليات الحالية التي تعرقل المشاريع. وكانت تسلا قد أعلنت في مايو الماضي عن خطط لصنع مغناطيس EV دون استخدام المعادن النادرة، مشيرة إلى “المخاطر البيئية والصحية” في العملية الحالية.
و”اتخذت الصين قرارا إستراتيجيا منذ عقود لتطوير قدرتها على معالجة الأرض النادرة، على الرغم من العواقب البيئية للتكنولوجيا المتاحة”، وفق ميليسا ساندرسون، رئيسة شركة “المعادن النادرة الأميركية” التي تطور مشاريع معادن نادرة في الولايات المتحدة.
وتعمل الشركة مع علماء الحكومة الأميركية في مختبر لورانس ليفرمور لتطوير بكتيريا يمكنها معالجة العناصر الأرضية النادرة. ومع ذلك، فإن الحلول الأنظف مازالت على بعد سنوات.