يحاول نواب حاكم مصرف لبنان استباق مرحلة ما بعد رياض سلامة في الحاكمية برفع المسؤولية عنهم والضغط على الحكومة، حكومة تصريف الأعمال، بتحمّل المسؤولية، في ظل الفراغ الرئاسي. وتسعى لرسم خط دفاع يجنبّها كرة النار وما قد تؤول اليه الأوضاع المالية في البلاد في المرحلة المقبلة إذا وقعت الحاكمية في المحظور، عندها قد تشهد الأمور منحى تصاعدياً من التخبّط والانهيارات الكبرى على المستوى المالي والنقدي والاقتصادي.
الى هنا الخشية من الآتي مبرّرة لكن ما هو غير مبرّر وغير مقبول دفع الملف الى المجهول في هذه المرحلة الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان، عبر إعلان بيان النواب الأربعة عن نية بالاستقالة الجماعية إذا لم يتمّ تعيين حاكم جديد خلفا لسلامة.. وهذا التعيين بالتحديد غير قابل للتنفيذ طالما رئيس الجمهورية المفترض أنه مسيحي ماروني مقيّد بسلاسل الثنائي الشيعي وقوى الأمر الواقع.
في السياق، برز موقف نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي الذي انتقد إتيان بيان النواب الأربعة على ذكر المادة 18 من قانون النقد والتسليف التي تنص على آلية تعيين حاكم جديد في حال شغور هذا الموقع، لافتا الى أن المادة 25 من قانون النقد والتسليف تقول ايضا وبوضوح شديد أن يتولى النائب الأول للحاكم مسؤولية الحاكم عند الشغور، وبالتالي لا يمكن أن ننتقي ونختار من القانون ما نشاء.
استقالة النواب الأربعة إذا ما حصلت فعلا ستضع البلاد في مهبّ الرياح المالية والنقدية وتفتح الباب على سيناريوهات تخريبية. ويعرب خبراء ماليون عن قلقهم من الاستقرار السلبي لسعر صرف الدولار بهذا الشكل غير المبرر في وقت ينفد احتياط المركزي بلا حسيب، وهذه الأمور ستتضّح أكثر في الأسابيع المقبلة. ويذهب البعض الى القول إن ما من سقف للدولار بانتظار صحوة إصلاحية في مختلف المجالات السياسية، الاقتصادية والمالية.
والمسؤولية المالية لا تقع على عاتق حاكم المركزي وحده أيا كان هذا الحاكم، فهو لا يستطيع ان يجترح حلولا جذرية بل دوره يقتضي بمواكبة السياسة النقدية العامة التي تضعها الحكومة، كإدارة مركزية، وهذا ما قصده نواب الحاكم في بيانهم وكان الأجدى بهم توضيحه من دون التمادي الى حدّ التهديد المبطّن بالاستقالة الجماعية، كما اوعز اليهم أولياء أمرهم.
وترجح أوساط متابعة ان الخطوة التالية بعد بيان نواب الحاكم، ستتركّز على مقايضة التمديد لسلامة أو الفراغ على مستوى مجلس الحاكمية، على قاعدة أعذر من أنذر!