يستورد لبنان ما بين 570 الى 600 الف طن من القمح سنوياً أي بمعدل 50 الف طن شهرياً بنسبة 60 في المئة من اوكرانيا و40 في المئة من روسيا ورومانيا. وبالتالي، انّ الحرب في اوكرانيا ستنعكس تهديدا مباشرا على الأمن الغذائي في حال لم يتم تأمين مصادر بديلة لاستيراد القمح، مع الاخذ في الاعتبار أن المخزون الحالي يكفي لشهر، وإمكانية تكوين احتياطي يزيد عن شهر واحد غير واردة، بعد تدمير الاهراءات.
يسعى وزير الاقتصاد الى توقيع عقود وشراء كميات اضافية من القمح من دول مختلفة قبل ارتفاع الاسعار عالمياً، في خطة تقضي بشراء تلك الكميات، وتسديد ثمنها ولكن عدم استيرادها سوى تباعاً عند استنزاف المخزون الموجود في لبنان، وذلك بسبب تعذّر التخزين وتكوين احتياطي من القمح تحسّباً لتفاقم الأزمة، وتداركاً لمرحلة ارتفاع الاسعار، خصوصا ان القمح لا يزال مدعوما بنسبة 100 في المئة. وبالتالي، لا قدرة لخزينة الدولة على تحمّل المزيد من الاعباء المالية، في حال ارتفاع الاسعار عالميا مما سيؤدّي الى ارتفاع كلفة الدعم.
اما الخطة الثانية فتقضي بالتواصل مع دول اخرى بديلة من اوكرانيا، مثل الهند، الولايات المتحدة وفرنسا حيث يعمل مكتب الحبوب والشمندر السكري على تحضير دفتر الشروط الذي يتضمّن مواصفات القمح المناسب لإعداد الخبز العربي، بهدف اطلاق مناقصة جديدة لشراء القمح، مع العلم ان دول المنطقة مثل مصر وغيرها تتهافت حاليا لشراء كميات كبيرة من القمح لتعزيز احتياطها قبل تفاقم الأزمة، مما يجعل الكميات التي يطلبها لبنان بسيطة قياساً بطلبات الدول الاخرى التي قد تستحوذ وحدها على حصة الشرق الاوسط. كما يتم طرح خطة ثالثة تقضي باستيراد الطحين الجاهز والذي يمكن استخدامه لإنتاج الخبز العربي.
إلا ان جميع الخطط تعتمد بشكل أساسي على استعداد وقدرة مصرف لبنان على تمويل استيراد او شراء كميات اضافية من القمح تكفي لمدة عام، دفعة واحدة، وفتح اعتمادات لهذا الغرض بقيمة 36 مليار ليرة كما طلب وزير الاقتصاد، علما ان تأخر البنك المركزي في فتح الاعتمادات تسبب ويتسبب مرارا وتكرارا بالتلويح كلّ فترة بأزمة رغيف وانقطاع القمح. وآخر تلك التحذيرات كانت منذ ايام، حيث دعا تجمع اصحاب المطاحن «جميع المسؤولين المعنيين للعمل على الطلب من مصرف لبنان تحويل ثمن القمح المستورد، والذي تم تحميله على البواخر الموجودة في عرض البحر، اليوم وفوراً. لا سيما أن المصدّرين لديهم رغبة في تحويلها إلى بلدان أخرى للاستفادة من فارق الأسعار بعد ارتفاعها وزيادة الطلب على القمح».
اما في حال عدم استدراك الامر، وعدم شراء كميات القمح المطلوبة والكافية لمدة عام وفقا للاسعار العالمية الحالية التي تتراوح بين 360 و400 دولار لطن القمح، فان ارتفاع سعر طن القمح المتوقع ان يصل في الفترة القريبة الى 500 دولار، سيرفع كلفة الدعم بحوالى 30 في المئة، مما سيفتح المجال امام بدء الحديث عن رفع الدعم عن القمح او خفضه، وبالتالي عن زيادات جديدة في سعر ربطة الخبز.
بالاضافة الى ذلك، قد يؤدي استمرار الحرب لفترة طويلة، الى تعذر الاستيراد من كل بلدان البحر الأسود، لتصبح الولايات المتحدة هي المصدر البديل الوحيد المتوفر، مع ما يفرضه ذلك من اعباء مالية اضافية مرتبطة بكلفة أعلى للنقل (7 ايام شحن من اوكرانيا مقابل 25 يوم شحن من الولايات المتحدة)، ستنعكس أيضا على سعر الخبز في لبنان.