عندما تصل قيمة الواردات من الضريبة على القيمة المضافة أي الـtva الى 36 ألف مليار ليرة، أي ما يشكل نسبة 25% من مجموع الواردات ككل والبالغة قيمتها 147 ألف مليار ليرة، إعرفوا وتأكدوا أن مشروع موازنة العام 2023 هو نسخة طبق الأصل عن موازنات السنوات السابقة التي أوصلتنا الى الإنهيار.
إعرفوا وتأكدوا أن السياسات الإقتصادية التي تعتمد على جيوب المواطنين فقط لتأمين الواردات عبر الرسوم والضرائب، لا تزال قائمة في مشروع الموازنة التي تبدأ حكومة تصريف الأعمال بدراسته الإثنين المقبل.
تخيلوا أن في مشروع الموازنة الذي وزعته وزارة المال والمؤلف من 1126 صفحة، هناك مادة تقول إن كل الرسوم والضرائب التي لم يأت المشروع على ذكر قيمة زياداتها سترتفع حُكماً 30 ضعفاً عما كانت عليه في 1 آب من العام 2019.
وتخيلوا أيضاً أن الرسوم والضرائب المذكورة في مشروع الموازنة سترتفع قيمتها بين 3 أضعاف وخمسين ضعفاً.
في زمنٍ سقط فيه الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بسبب إنهيار الليرة، وسقطت معه تعاونية موظفي الدولة، ونظام الطبابة لدى قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، زمن لم يعد فيه المواطن قادراً على تلقي علاجه حتى لو كان يعاني من مرض مزمن أو مستعصٍ، تضاعفت نفقات وزارة المال في مشروع الموازنة 19 مرة ونفقات رئاسة الجمهورية 15 مرة ونفقات وزارة الأشغال 9،9 مرات، لم تتضاعف نفقات وزارة الصحة أكثر من 2،5 مرات!.
لن نغوص في تفاصيل الضرائب والرسوم التي تستهدف جيوب المواطنين مباشرة كتلك المفروضة على المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والسجائر والتنباك وتذاكر السفر ورخص السير والرسوم البلدية وغيرها، بل سنتوقف عند المادة-المصيبة بالنسبة الى موظفي القطاع العام وأصحاب الدخل المحدود. فالمادة 80 من مشروع الموازنة إعتبرت أن الزيادات على الرواتب وملحقاتها (غلاء معيشة، مساعدات إجتماعية وتعويضات إستثنائية) والتي أضيفت بعد العام 2020 لا تدخل ضمن أساس الراتب الأمر الذي يجعل تعويضات نهاية الخدمة حُكماً بلا قيمة، أي بمعنى آخر سيبقى راتب الموظف المصرح عنه كما كان عليه قبل الإنهيار الذي بدأ في 17 تشرين الاول 2019.
في المحصلة يقدّر مشروع الموازنة قيمة النفقات هي 181923 ألف مليار ليرة بينما لا تتخطى قيمة الواردات الـ147739 ألف مليار ليرة ما يعني أن نسبة العجز على الورق تصل الى 18.79%.
وهنا لا بُدّ من السؤال، هل ستتمكن وزارة المال فعلياً من جمع قيمة هذه الواردات التي نص عليها مشروع الموازنة أم أنها ستفشل كما فشلت كل الوزارات السابقة؟.
وإذا فشلت وهو أمر متوقع هل سنكتشف لاحقاً أن قيمة العجز هي أكبر بكثير مما نص عليها مشروع الموازنة؟ وماذا سيكون موقف صندوق النقد الدولي عندها؟