هل طار مشروع قانون اعادة هيكلة المصارف او ما بات يعرف المشروع القانون المتعلق بمعالجة اوضاع المصارف واعادة تنظيمها بعد “تطيير “جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي والتي كانت مخصصة لدراسته ؟
هذا السؤال منطقي بعد ان جوبه هذا المشروع “اليتيم الابوين “بمعارضة شرسة من بعض الوزراء في الحكومة نفسها ومنهم وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال امين سلام الذي اعلن معارضته للخطة لانها تبدد ودائع الناس الى المجهول وتضعف الثقة بالنظام الاقتصادي والمالي ، اضافة الى الوزير عصام شرف الدين والوزير الحاج حسن الذين اعلنوا مغارضتهم جهارا ، ومن بعض الخبراء ومن جمعية مصارف لبنان ،هذا المشروع الذي يعفي الدولة من ادنى واجباتها ومن ان يكون مصرف لبنان هو الخصم والحكم لتحديد مصير المصارف .
لكن من الضروري وحسب كل المعنيين بان انطلاقة عملية النهوض الاقتصادي تنطلق من ضرورة اعادة هيكلة القطاع المصرفي ولكن ليس كما خطة لازار او مشروع القانون المعروض على مجلس الوزراء حيث من المقبول تحديد المسؤوليات لا التهرب منها وبالتالي تعديل هذا القانون بحيث “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم “.
مصادر مصرفية ابدت سلسلة من الملاحظات على مشروع القانون ان لجهة القانون او لجهة العدالة او لجهة الواقع الذي يعيشه القطاع مما سيؤدي الى تصفيته وخروج عدد كبير من المصارف من السوق المصرفية وخصوصا في ما يتعلق بتراتبية المسؤوليات التي القيت بكاملها على عاتق المصارف التي تفوق امكانياتها مما سيؤدي الى تصفيتها والاطاحة بقسم كبير من الودائع بينما المفروض ان يكون المسؤول الاول عن الفجوة المالية مصرف لبنان الذي بدّد أموال المودعين التي ائتمن عليها بهدف تنفيذ سياسات الدولة غير المجدية والذي زوّر بياناته الحسابية لإخفاء خسائره، والمسؤولية الاخرى هي الدولة اللبنانية على مر الحكومات السابقة التي اهدرت وانفقت واستنزفت هذه الأموال كما اثبت ذلك تقرير التدقيق الجنائي لألفاريز ومارسال، والتي رفضت تنفيذ القانون الذي يلزمها بتحمل خسائر مصرف لبنان. فلم يتضمن هذا المشروع، أية مساهمة ملموسة للدولة في تحمّل الفجوة أو حتى عبر مساهمة قابلة للتطبيق، وهذا ما ادى الى لجوء المصارف الى مجلس شورى الدولة وذلك لمنع شطب الودائع .
وتضيف هذه المصادر المصرفية انه حتى موضوع صندوق استرداد الودائع فقد تضمن المشروع شروط ومعايير صعبة التطبيق.
وكان على المشروع على الأقل، أن يعامل على قدم المساواة، مع القيّمين على إدارة المصارف، أعضاء الحكومات المتعاقبة التي صرفت أموال المودعين، وحاكم مصرف لبنان السابق وأعضاء المجلس المركزي المتعاقبين الذين شاركوا بشكل إيجابي أو سلبي في هدر هذه الأموال.
وكشفت هذه المصادر عن غموض بالنسبة لحصة المصارف من تكلفة السندات الصفرية الفائدة Zero-Coupon Bond هي مرتفعة جداً ولا يمكن للمصارف أن تقوم بتأمينها، حتى منذ اليوم الأول للبدء بتنفيذ الخطة. كما ان تحويل تكلفة السندات الصفرية الفائدة إلى الخارج لا يصب في دعم الاقتصاد ونهوضه .كما ان تغطية المصارف للودائع المؤهلة وغير المؤهلة سيسبب بتصفية هذه المصارف لانها لا تتمتع حاليا بالسيولة المطلوبة وستفقد الكثير من الودائع كما ان أصول تحويل قسم من الودائع إلى أسهم في المصارف سيجعلها مسألة صعبة ومستحيلة متسائلة عن اي مستثمر يتحدث المشروع الذي سيضخ اموالا يعرف مسبقا انها ستكون لتغطية الخسائر ،
وتقر هذه المصادر المصرفية بان الازمة المصرفية هي ازمة نظامية وبالتالي لا يمكن ان تحملها للمصارف.
الخبير في المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي يعتبر ان الحكومة في مسودة مشروع إعادة هيكلة المصارف تحاول إنتاج صندوق جديد لهدر أموال لبنان بحاجة ماسة لها.
ويؤكد ان الخطأ والجريمة هو في إعطاء شرعية لهذا المشروع وليس في إعادة هيكلة المصارف.
وشرح ان المشروع لم يلحظ:
– عمل ومهام لجنة الرقابة على المصارف. إذا كانت الحكومة غير راضية عن الأعضاء الحاليين، فلتذهب الى تعين أعضاء جدد.
– عمل ومهام الهيئة المصرفية العليا.
– أهمية إعادة هيكلة مصرف لبنان من أجل تفعيل عمل الهيئات الرقابية فيه وتمكينهم من العمل بحرية تامة. أي فصل لجنة الرقابة وهيئة التحقيق الخاصة عن مصرف لبنان.
– التضارب في المصالح: المدين (الدولة) يحاكم الدائن (المصرف)!
- الخطوات التي أنجزت حتى تاريخ اليوم في سياق إمتثال المصارف لأحكام التعميم رقم 154. هذا التعميم هو الممر الإلزامي لأي عملية إعادة هيكلة للقطاع المصرفي.
والأهم، روحية هذا المشروع تذهب بإتجاه معالجة مصارف متعثرة وليس قطاع مصرفي كله أصابه العفن من بعد التعثر الغير منظم والعشوائي Disorderly Default!
والأكثر خطورة هو أن هذا المشروع يضع المدين (أي الدولة و/أو مصرف لبنان) في موقع مساءلة ومحاسبة الدائن(المصرف و/أو المودع). تضارب المصالح في هذا المشروع هو واضح وضوح الشمس.
وطالب فحيلي بالإتكال على القطاع الخاص، في الوقت الضايع وعدم إنتظار الخلاص أن يأتي من من كان السبب في نكبتنا، ويجب حث كل مصرف على إطلاق عجلة ترميم الثقة بينه وبين المجتمع اللبناني فوراً، وإعادة الهيكلة الحقيقية ولا للوقف فقط عند التخفيف من المصاريف التشغيلية.
على اية حال ليس من المعروف عما اذا كانت عذه الحكومة ستعود الى دراسة هذا المشروع في ظل هذه المصاعب التي تدفقت عليها وهي انية لا يمكن التاخير في البت بها كموضوع رواتب موظقي القطاع العام والحوافز التي وعدتهم بها خصوصا ان رئيس حكومة تصريق الاعمال نجيب ميقاتي حذر من عدم امكانية دفع الرواتب في نهاية شباط الحالي نتيجة هذا الاضراب وبالتالي ستكون الحكومة مشغولة بهذا الموضوع بينما رحل مشروع قانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي الى جلسات لاحقة قد تعقد او لاتعقد حسب الظروف الاقتصادية وخصوصا السياسية .