ملاحقة الصرّافين بدأت: كيف يتحايلون على القوى الأمنية؟

ليست المرة الأولى التي تتحرّك خلالها القوى الأمنية لملاحقة الصرافين غير القانونيين، والذين ينتشرون على جوانب الشوارع في المدن الرئيسية. إلاّ أنَّ قرار الملاحقة هذه المرّة صدر عن سلطة قضائية عليا، هي المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات (راجع المدن). ولأن العبرة في الترجمة على الأرض، أفرزَ القرار تراجعاً ملموساً في مشهد انتشار الصرافين. فاختفوا ظاهرياً، وبقي نشاطهم قائماً في المضمون.

التجوُّل في بعض الشوارع يكشف تناقص أعداد الشبّان الذين يلوّحون بحزمات الليرات، إعلاناً لاستعدادهم بيع وشراء الدولار من الزبائن. لكن مَن يريد البيع أو الشراء يدرك أنه غير ملزَم بقطع مسافات إضافية للوصول إلى الصرافين القانونيين، فالشبّان ما زالوا في الشارع ولديهم إشارات باتت معروفة من الجميع، تدلّ عليهم وتجذب الزبائن. ولتفادي القوى الأمنية التي تسيِّر دوريات متفرِّقة، يقف الشبّان بجانب المحال التجارية كأي شخص عادي لا يمتّ للصرافة بصلة.

أسلوب آخر يعتمده هؤلاء للتخفّي. فيفرك أحدهم بأصابعه في إشارة إلى عَدّ المال، فيلاحظه الزبون ويتّجه معه إلى داخل أحد المحال التجارية، أو يصعد الشاب إلى سيارة الزبون وتجري عملية التبادل في الداخل.

بالتوازي، تشكّل المراكز المعتمدة لشركات تحويل الأموال، غطاءً مثالياً للصرافين غير القانونيين. فيقف أحدهم على الطريق لافتاً نظر الزبائن إليه. فيجري الاتفاق على المبلغ المطلوب، ويتّجه الصراف والزبون إلى داخل مركز تحويل الأموال، لتجري العملية تحت غطاء قانوني شكلي. ويعلم الطرفان أن القوى الأمنية لن تدخل تلك المراكز لأنها قانونية، وبطبيع الأمر، الموجودون في الداخل يقومون بعمل قانوني. ولن تداهم القوى الأمنية كل المراكز والمحال التجارية بشبهة أنها أماكن غير قانونية لتبادل العملة.

من ناحية ثانية، لا يُبدي الصرافون القانونيون أي ردّ فعل جدّي على قرار عويدات “فالكثير من القرارات اتخذت سابقاً، وانتشرت القوى الأمنية بلا أي نتيجة”، يقول أحدهم لـ”المدن”. فالمطلوب هو “قرار سياسي وإجراءات اقتصادية ونقدية تحمي الليرة من الانهيار وتوقف تقلُّب الدولار”. أما الشبّان المنتشرون في الشوارع، فلديهم “شبكات كبيرة يتواصل أفرادها ليعلِموا بعضهم بحركة القوى الأمنية في الشوارع، فيسهل عليهم تفاديها. كما أن غياب الغطاء السياسي، يجعل الدوريّات فلكلورية”.

مصدرالمدن
المادة السابقةترقب الفائدة يسيطر على أسواق العالم
المقالة القادمةخريطة توزيع ساعات الكهرباء: تفاوت بين المناطق والعاصمة والضواحي