تنتظر الحكومة اللبنانية في الايام المقبلة تحديات كثيرة على مختلف الصعد، أولها المالي والنقدي والثاني إعادة الاعمار، ولكن كلّ الأحداث التي تجري تضع علامات إستفهام حول إمكانية إتمام كلّ هذه الملفات في هذا الظرف المتأرجح الذي يمر به لبنان، وفي ظل الاحداث التي تجري في المنطقة والتي تطرح تحديات كبرى.
“كلّ التهويلات التي نراها في البلد سواء من اعادة الاعمار أو وضعنا على اللائحة الرمادية ستتجلّى فوراً عندما تأتي التسوية الكبرى”. هذا ما يؤكده خبير المحاسبة المجاز ورئيس المجلس المالي والاقتصادي للدراسات الدكتور علي كمون، لافتا الى أن “ذلك سيحصل من خلال تحقيق مصالح أميركا في المبدأ عبر تنفيذ كل مقرراتها في الشرق الأوسط من خلال مصلحة وضمان امن اسرائيل، ومن خلال إنهاء المشاورات التي تحصل في جنيف مع إيران من جهة أخرى”، مشدداً على أن “أول تحدّ سيكون للحكومة العتيدة هو في ملف إعادة الأعمار والذي لن يبدأ قبل نهاية إنتخابات عام 2026، وهذا الملف سيكون مشروطاً بعدّة أمور أولها التسوية السياسية الكبرى على لبنان وإدارة الملف المالي من جديد”.
بدوره الخبير الاقتصادي محمود جباعي يرى أن “لدى الحكومة عدة تحديات إستراتيجية، ويمكنها أن تضع الأمور على السكّة الصحيحة، وهناك ملف إعادة الإعمار ويجب أن يكون لديها رؤية حيال إنشاء صندوق من خارج الموازنة قوامه الدعم العربي والدولي عبر عقد مؤتمرات من اجل لبنان”، مضيفا: “هناك أيضا الرؤية المالية والاقتصادية التي تشمل إعادة هيكلة القطاع المصرفي المرتبطة بتوزيع الخسائر”، مشددا على أن “الدولة لديها نظرة لانشاء صندوق لاعادة الودائع والمطلوب منها وضع اطر واضحة للخسائر، إضافة الى مكننة القطاع العام لتخفيف الهدر، هذا إضافة الى موضوع إقتصاد “الكاش” الّذي يجب الإنتهاء منه عبر محاربة الاقتصاد غير الشرعي”.
يعود الدكتور كمون الى الاتفاق في المنطقة والذي سيرسم معالم الشرق الاوسط، ويشير الى أن “اللقاء الّذي من المتوقّع أن يحصل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوتين ونظيره الاميركي دونالد ترامب في السعودية من جهة، ومفاوضات الاميركي والإيراني للوصول الى تسوية حول كيفية التبادل التجاري من طهران وواشنطن والتبادل التكنولوجي من أميركا وإيران، خاصة وأن الأخيرة متعطشة للتكنولوجيا وأميركا متعطشة للمواد الأوليّة”، وأردف أنه “من اللافت أن الخطاب اللبناني هادئ ويهدف الى عدم زج لبنان في الحروب حتى لا تتأخر الانطلاقة الاقتصادية من جديد، وخصوصا وأن المنطقة تذهب بإتجاه آخر وجديد أو نحو شرق أوسط جديد برعاية أميركية ودولية ووصاية سعودية”.
إذا، ان أولى التحديات التي ستواجه الحكومة العتيدة هو ملف الإعمار الذي يبدو أنه لن يسلك طريقه الى التنفيذ في القريب العاجل أو على الاقل قبل إتمام الانتخابات النيابية المقبلة، وأمام هذا المشهد يبقى السؤال الأساس: هل سينجح مجلس الوزراء في إتمام الاصلاحات ووضع رؤية إقتصادية ومالية للنهوض بلبنان؟ والأهمّ من هذا كلّه هل سينجح في ايجاد حل لملف الودائع واعادة هيكلة المصارف؟!.