ملف التنقيب أُقفل حتى إشعار آخر.. والضغوطات بدأت مع “تغيير موقع الحفر” في قانا !!!

لم يعقد المسؤولون في شركة “توتال إنرجي”، على ما كان يتوقّع البعض، أي مؤتمر صحافي للإعلان عمّا جرى اكتشافه من خلال عملية حفر البئر الأولى في حقل قانا في البلوك 9 في المياه البحرية الجنوبية، وإنهاء عملها فيها من دون أي نتيجة إيجابية. فيما سياسة الشركة، بحسب معلومات موثوقة، هو عدم الإعلان عن أي شيء عن نتائج التنقيب الخاصّة بها، إلّا بعد اكتمال البئر وانتهاء التحليل الأولي للبيانات التي تمّ جمعها من البئر. كما أنّ المسؤولين في “توتال” لن ينشروا أي معلومات تتعلّق بهذه البئر، من دون الحصول على تصريح من المقرّ الرئيسي للشركة.

تقول مصادر سياسية متابعة بأنّ أي دراسة شاملة للبئر الإستكشافية الأولى التي بدأت “توتال” الحفر فيها منذ 24 آب الفائت، حتى إعلانها عن توقّف عملها في 12 تشرين الأول الجاري (أي قبل نحو 20 يوماً على انتهاء عملها، كما كان متوقّعاً)، تفيد الشركة بالدرجة الأولى. مع العلم أنّ ثمّة أهمية أخرى لوضع مثل هذه الدراسة، وتسليم نسخة عنها الى وزارة الطاقة كما الى هيئة إدارة قطاع النفط، للإطلاع على التفاصيل المتعلّقة بالعملية. فما تمّ التوصّل اليه، يُساعدها في عملها المستقبلي إذا قرّرت حفر بئر ثانية في البلوك 9، أو البلوك 4 اللذين فازت برخصتهما، ولم تحفر سوى بئر واحدة في كلّ منهما حتى الآن.

ورغم النتيجة السلبية بعدما وصلت “توتال” في الحفر الى عمق 3900 متر ولم تجد سوى الماء، أشارت المصادر الى أنّ “كونسورتيوم الشركات” لا يزال متحمّساً للحفر في البلوكات اللبنانية، وإلّا لما قدّم طلب اشتراك في دورة التراخيص الثانية، التي انتهت فترة التمديد لها في 2 تشرين الجاري، لا سيما في البلوكين 8 و10، من دون أن تهتم أي شركات أخرى بالإستثمار في البلوكات المتبقية. غير أنّ إمكانية استكمال الحفر في البلوك 9، أو في أي بلوكات حدودية أخرى، قد تمّ تعليقه حالياً لى أجل غير مسمّى، لمعرفة كيف ومتى ستنتهي حرب غزّة التي لا تُطمئن الشركات النفطية التي تفضّل العمل في منطقة آمنة وهادئة.

وتساءلت المصادر نفسها: لماذا لم تعمد “توتال” الى الحفر في المكمن المحاذي لحقل كاريش في البلوك 9، ما دام النفط يتدفّق من المقلب الآخر بكثافة منذ سنوات؟ أي من كاريش ومن سائر الحقول النفطية المقابلة، الأمر الذي يؤكّد أنّ حقل قانا يضمّ أيضاً كميات تجارية من الغاز والنفط، لكن التوقيت لم يكن مؤاتياُ لتفجّرها من حقل لبناني.

ولفتت المصادر الى أنّها لم تكن مطمئنة منذ أن أبلغت “توتال” وزير الطاقة بالصعوبات التقنية التي تمّت مواجهتها خلال عمليات الحفر في أيلول المنصرم، مطالبة بتحديث رخصة الحفر بهدف تغيير موقع الحفر. وبناء عليه أصدر وزير الطاقة والمياه وليد فيّاض آنذاك القرار رقم 32 بتاريخ 12 أيلول الفائت، وقضى بتعديل إحداثيات موقع حفر البئر الإستكشافيّة “قانا 31/1 في الرقعة المذكورة والواردة في رخصة الحفر الصادرة بموجب القرار رقم 30 تاريخ 16 آب 2023”. فتغيير نقطة الحفر في المكمن المحتمل لاصطدامها بصخرة، أثارت بعض التساؤلات. فكيف لم تظهر هذه الصخرة في عملية المسح الجيولوجي، وكيف لم تعرف “توتال” ما هو نوعها ومدى سماكتها، وإذا كان بالإمكان خرقها بمعدّاتها أم لا؟! وعلى أي أساس اختارت إذاً الموقع الذي حفرت فيه؟!

واليوم بعد الإعلان عن عدم وجود غاز وتوقّف عملية الحفر قبل انتهائها، تيقّنت المصادر عينها، أنّ تغيير الموقع لم يكن تقنياً، إنما خضعت “توتال” لضغوطات أميركية و”إسرائيلية” لتغيير مكان الحفر، لكي لا تجد غاز في حقل قانا وتنهي عملها سريعاً، وتحزم حقائبها وتغادر المياه اللبنانية. مع الإشارة الى أنّ بعض الخبراء قد أكّدوا وقتها أنّ هذا أمر طبيعي وقد حصل في عملية حفر آبار أخرى. والشركة المشغّلة غالباً ما تُحدّد نقطتين أو ثلاث رديفة للنقطة الأولى. إلّا أنّه لم يُقنع جهات عدّة، لا سيما مع تراكم الأمور وتسريعها وعدم الحفر سوى على عمق 3900 متر ، بعد أن كان يُقال أنّ “توتال” ستصل الى عمق 4200 أو 4400 متر، قبل أن تتحدّث عن وجود مكتشفات تجارية أم لا. كما أنّ تزامن وقف الحفر مع حرب غزّة، كما مع وقف “الإسرائيلي” أعماله في حقل “تمار” في الجهة المقابلة، أثار تساؤلات إضافية.

في حين أنّ الحقول النفطية في المنطقة قد جرى حفرها على عمق بين 4700 و5600 متر، كما جرى حفر أكثر من بئر واحدة في كلّ منها، ليتبيّن أنّها تضمّ إكتشافات ضخمة من الغاز والنفط.

من هنا، تجزم المصادر أنّ ملف التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات اللبنانية، أقفل اليوم حتى إشعار آخر. وهو يرتبط بجملة أمور أبرزها حرب غزّة وتداعياتها، والتسوية الإقليمية والدولية على سياسة منطقة الشرق الأوسط في المرحلة المقبلة، كما على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة.

 

مصدرالديار - دوللي بشعلاني
المادة السابقةبالأرقام.. خسائر الاقتصاد اللبناني من التصعيد على الحدود
المقالة القادمةالصناعيون تأقلموا مع الاحداث ويضعون الخطط الرديفة للاستمرارية