مناقصات تشغيل الباصات الفرنسية: مطلب الشركات الخاصة يهدّد بالعرقلة

نحو شهر مضى على وصول الهبة الفرنسية المؤلفة من 50 باصًا للنقل العام الى لبنان. وعلى الرغم من وعد وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية بوصول دفعة ثانية بالعدد نفسه من الباصات في وقت لاحق، لا يزال مصير الدفعة الأولى مجهولًا حتى اللحظة، علمًا أن المواطنين عامًّة والموظّفين خاصّة، الذين يصارعون الأزمات الاقتصادية والمالية ويتكبدون عناء التنقل “بطلوع الروح”، بنوا آمالهم على هذه الباصات التي شكّلت لهم بصيص نور في ظلمة قطاع النقل العام وفوضى المتحكّمين به.

فأين أصبحت الباصات الفرنسية؟ وهل تمت صيانة الباصات اللبنانية لتكون جاهزة على خطوط السير؟ متى ستبدأ العمل ومن سيتولى الأمر إداريًّا وبشريًّأ؟

البحث عن شركة خاصة

مصادر وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية لفتت عبر “المدن” الى أن الباصات الفرنسية الـ50 التي وصلت الى لبنان في الأسبوع الأخير من شهر أيار الماضي إضافة الى الباصات اللبنانية الـ45 التي تمت صيانتها بالكامل، أصبحت بعهدة مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، لكن لا يمكن تفعيلها قبل انتهاء عملية استدراج العروض التي تخوّل شركات القطاع الخاص تشغيلها واستثمارها لصالح القطاع العام والشعب اللبناني. وتوضح أن “الوزير حمية يعد في الوقت الحالي دفتر شروط لاطلاق استدراج العروض عبر إدارة المناقصات لتسليم الشركات الفائزة أمور التوظيف والمحاسبة والصيانة وغيرها من المهام التي تتطلب تكاليف كالمحروقات وقطع الغيار وبعض اللوجستيات، وفق آلية يديرها القطاع العام ولا تشكل تنافسًا مع القطاع الخاص”.

وتشير المصادر الى أن حمية يسعى الى “تعزيز رؤيته التي تقضي بتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو يقوم بإعداد إطار قانوني جديد يرعى العلاقة بين القطاعين بحيث تكون الدولة هي المالكة والمنظّمة والقيّمة على القطاع، فيما يكون القطاع الخاص هو المشغّل على الأرض، خصوصاً أنه في ظل الأزمة التي تعصف بالبلاد، يتعذّر على القطاع العام إدارة أي مشروع بمفرده دون التعاون مع القطاع الخاص، لاسيما لناحية التوظيف أو الاستثمار.

توزيع الباصات على المناطق

تؤكد المصادر انتهاء الوزارة من رسم خطوط السير التي سيتم توزيع الباصات عليها وفق دراسة محكمة أجراها حمية حول الأماكن الأكثر إلحاحًا وأولويّة لتواجد الباصات فيها، وراعت بشكل أساسي إعادة عجلة الحياة والانتاجية للإدارات العامة التي يعطّل موظفوها أعمالهم جراء عدم قدرتهم على التنقّل والوصول إلى الادارات نتيجة غلاء المحروقات بشكل كبير وكذلك حال المؤسسات الخاصة.، وستُفرز الباصات وفق الخطوط التي رُسمت في كل المناطق اللبنانية انطلاقًا من العاصمة بيروت وامتدادًا نحو الشمال والبقاع والجنوب.

تضيف ” سيتفاوت العدد بين منطقة وأخرى بحسب نسبة سكانها وموظفيها وعمالها وإداراتها ومؤسساتها، وكذلك معدّل اكتظاظ السير فيها، حيث ستضم بيروت ثلث عدد الباصات الـ95، من بيروت إلى الجنوب ومن بيروت إلى الشمال ومن بيروت إلى البقاع. وستأخذ الوزارة بالحسبان مخطط التقليص من نسبة تشغيل السيارات الخاصة على الطرقات واستبدالها بالباصات، إضافة الى هدف توفير تكاليف البنزين والاستهلاك الاجمالي. كل ذلك وصولًا الى وضع الباصات الـ95 ضمن نطاق السير والعمل بطريقة علميّة منهجيّة وغير مجحفة ترضي كل شرائح المجتمع اللبناني”.

مطلب يهدد بالعرقلة

من جهته، سلّط مدير عام مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر الضوء على عقبة قد تؤخّر عملية تشغيل الباصات، حيث أشار في حديثه لـ”المدن” الى أننا “في مرحلة إعداد دفتر شروط المناقصات التي تخوّلنا اعتماد عدّة شركات لتغطية متطلبات المشروع ومستلزمات استثمار الباصات، من سائقين وقطع تبديل وغيار ميكانيكية وكهربائية وغيرها، وكل شركة بحسب اختصاصها. يتحدث عن عثرة قد تعرقل المناقصات، وهي طلب الشركات الخاصة التسعير بالدولار النقدي “فريش” وامتناعها عن التقديم الى المناقصات لعدم توفّر هذا الأمر، لأن في نظام قانون المناقصات التي تجري للإدارات العامة لا يجوز التسعيرة سوى بالعملية الوطنية.

وإذ تذكر مصادر حمية أن “لا وقت محدّد لبدء تشغيل الباصات على خطوط السير كما لا يمكن “سلق” المشروع بل علينا إخضاعه لكل التدابير القانونية اللازمة”، يلفت نصر الى أن “لا مدّة محدّدة أيضًا لانتهاء المناقصات واستدراج العروض، لأنه بعد الانتهاء من الطلبات والعروض، نبدأ بمرحلة الدرس قبل الموافقة على أسماء الشركات، وهذا يتطلب وقتًا لانجازه، لكن عند حصول ذلك يتم وضع الرأي العام بخطة تشغيل الباصات وتسييرها على الطرقات اللبنانية.

لا فوضى في التعرفة

تؤكد مصادر حمية “لن تحصل فوضى في تسعيرة النقل، حيث سيتم وضعها من قبل وزارة الأشغال العامة والنقل لا بقرار فردي من الشركات الخاصة” وتضيف: “رقم التعرفة لم يُحدّد بعد لكنه سيكون أقل من تعرفة النقل الحالية التي يتكبدها الموظفون في القطاعين العام والخاص في سيارات وباصات الأجرة، خاصة أن الوزير حميّة سيلتزم بمذكّرة التفاهم التي وقّعها مع الجانب الفرنسي، والتي تلحظ بشكل أساسي آلية تمويل عمل الباصات من استهلاك ومحروقات وصيانة كشرط أساسي قبل الموافقة على منح الهبة”.

ولدعم قطاع النقل على المدى البعيد، أملت المصادر من “المجتمع الدولي مساعدة لبنان على تعزيز قطاعاته الإنتاجية من دون قيد أو شرط كما فعلت فرنسا، كاشفة أن الوزير حميّة ينسّق مع السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو لانجاز صندوق دعم المواطن التي ينبثق من قطاع النقل المشترك، حيث يصبح لكل مواطن بطاقة دعم من نتاج الصندوق المذكور.

لكن كيف يتم تمويله؟

توضح المصادر أن “سيولة الصندوق ستتأمن من خلال الرسوم التي ستوضع على حوادث السير التي تشكّل أضراراً في الاملاك العامة من طرقات وأرصفة وأعمدة إنارة، إضافة الى الهبات الدولية التي نسعى إليها بالتنسيق مع الجانب الفرنسي”.

مصدرالمدن - محمد زهوة
المادة السابقةمنتدى أفريقي يستكشف فرص رقمنة الصناعة والنقل المستدام
المقالة القادمةإتهام السوريين بأنهم يأكلون خبز اللبنانيين: البيع ببطاقة الهوية