أكّد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري لصحيفة “الجمهورية”، أنّ اجتماعاته التي عقدها في لندن مع مسؤولي المصارف الدولية المُراسلة كانت بنّاءة ومباشرة وصريحة، وأنّ تلك المصارف ستواصل تعاملها مع لبنان بكل الظروف، ومهما تكن التصنيفات، انطلاقاً من الثقة بمصرف لبنان المركزي الذي يلتزم بالمعايير الدولية ويطبّق الإجراءات المطلوبة في الشفافية النقدية والامتثال.
ووضّح منصوري أنّ لبنان قدّم ردّه على التقرير الأخير لمجموعة “فاتف” (FATF) وينتظر قرارها. وتناولت الاجتماعات في لندن كافة الاحتمالات، بما فيها احتمال إدراج لبنان على القائمة الرمادية والنتائج التي ستترتب على هذا التصنيف في حال حصوله. وأفضت الاجتماعات إلى أنّ التحويلات المالية عبر البنوك المراسلة لن تتأثّر، وسيكون الجسم المصرفي اللبناني بمنأى عن تداعيات أي تصنيف.
أنّ “المركزي” يستعيد عافيته تدريجاً، عبر ورشة قائمة، فيما يُنتظر مواكبتها على كل المستويات الرسمية اللبنانية لبتّ القضايا المالية العالقة، وفي مقدّمتها ملف المودعين الذي يُعتبر الأولوية بالنسبة إلى اهتمامات مصرف لبنان المركزي.
مجموعة العمل المالي
وفي السياق، يتناول تقرير مجموعة العمل المالي (فاتف) الأخير حول لبنان، تقييم مدى الالتزام بتوصيات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ويشير إلى وجود عدد من القضايا التي تحتاج إلى تحسين، مثل تعزيز الشفافية المالية وتطبيق القوانين بشكل أكثر فعالية. أمّا خلفيات احتمال إدراج لبنان على القائمة الرمادية، فتلخَّص كالتالي:
زيادة حالات غسل الأموال: أظهر التقرير أنّ هناك زيادة في عدد حالات غسل الأموال المشتبه فيها في لبنان، إذ وصلت إلى 527 حالة في عام 2023.
ضعف في تطبيق القوانين: هناك حاجة لتحسين تطبيق القوانين والضوابط المتعلّقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
النتائج المحتملة لإدراج لبنان على القائمة الرمادية:
تأثير سلبي على الاقتصاد: قد يؤدّي هذا التصنيف إلى تقليل الثقة في النظام المالي اللبناني، المدمّر أصلاً، ممّا يؤثّر سلباً على الاستثمارات الأجنبية والتعاملات المالية الدولية.
زيادة الرقابة: ستزيد الرقابة الدولية على التعاملات المالية وعلى المؤسسات المالية لضمان التزامها بالتوصيات والمعايير الدولية في لبنان، ممّا قد يؤدّي إلى تعقيدات إضافية في العمليات المصرفية والتجارية.
تطبيق إجراءات العناية الواجبة: المصارف ملزمة بتطبيق إجراءات العناية الواجبة على العملاء، بما في ذلك التحقّق من هوية العملاء ومراقبة العمليات المالية للكشف عن أي نشاط مشبوه.
الإبلاغ عن العمليات المشبوهة: المصارف ملزمة بالإبلاغ عن أي عمليات مالية مشبوهة إلى السلطات المختصة، مثل هيئة التحقيق الخاصة بمكافحة غسل الأموال.
تدريب الموظفين: المصارف تدرّب موظفيها على كيفية التعرّف على عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكيفية التعامل معها، وفقاً للتوصيات الدولية.
في حال عدم امتثال المصارف اللبنانية للتوصيات، قد تواجه عقوبات وإجراءات تصحيحية عدة، منها:
الغرامات المالية: قد تفرض السلطات الرقابية غرامات مالية كبيرة على المصارف التي لا تلتزم بالتوصيات.
قيود على العمليات: قد تُفرَض قيود على بعض العمليات المالية للمصارف، ممّا يؤثّر على قدرتها على تقديم خدمات معيّنة.
سحب التراخيص: في الحالات الشديدة، قد يتمّ سحب تراخيص العمل من المصارف التي تتجاهل التوصيات بشكل متكرّر.
تأثير على السمعة: عدم الامتثال قد يؤدّي إلى تدهور سمعة المصرف، ممّا يؤثّر سلباً على ثقة العملاء والمستثمرين.
كما أنّ الكثير من هذه الإجراءات، بحسب المحامي كريم ضاهر، سبق وتم اعتمادها في لبنان بالنسبة إلى المصارف عملاً بالقوانين والأنظمة المرعية الإجراء. أمّا بالنسبة إلى المترتبات المحتملة بسب إدراج لبنان على القائمة، فهي تدخل من ضمن ما تقدّم ويضاف إليها زيادة الكلفة على التحويلات وإجراءات الامتثال ممّا سيحمل بعض المصارف والمؤسسات إلى إقفال حسابات بعض العملاء المقيمين في لبنان، كما وصعوبة فتح الاعتمادات وسواها التي قد تعيق الحركة التجارية والاستثماريّة والاستيراد، بالتالي التأثير على النمو.