منصوري المسؤول الأول… وليس نواب الحاكم الآخرين

يترقب اللبنانيون ما ستسفر عنه «مسرحية نواب حاكم مصرف لبنان» التي بدأت فصولها منذ اسابيع بعد اصدارهم بيانهم الشهير وتلويحهم بالاستقالة، في حين شهد يوم امس الاثنين فصلاً جديداً من هذه المسرحية من خلال لقائهم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي تشير أوساطه لـ»نداء الوطن» الى أنه «يتفهم مخاوف نواب الحاكم من حجم التحديات التي ستواجههم بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، لكنه الى الآن لم يتخذ القرار بشأن قبول الاستقالة من عدمها، خصوصاً في ظل «لائحة الشروط التي وضعوها لقبولهم استمرارهم في مهامهم».

الميزان القانوني

هذا في السياسة أما في الميزان القانوني، فالوظيفة العامة هي مسؤولية وليست امتيازاً. والتلويح بالاستقالة، سواء تمّ قبولها أم لا، لن تعفيهم من القيام بواجباتهم في المرحلة المقبلة الى حين تعيين حاكم جديد للمركزي، وهذا ما يؤكد عليه الخبير في القانون الدستوري المحامي سعيد مالك الذي يشرح لـ»نداء الوطن» أنه «بناء على ما نص عليه قانون النقد والتسليف، تنتقل صلاحية حاكم مصرف لبنان بعد انتهاء ولايته الى نائبه الاول»، مستغرباً «اللغط الدائر والجامع بين نائب الحاكم الاول ونواب الحاكم، لأن من يتولى المسؤولية هو نائب الحاكم الاول، ولا دور على الصعيد القانوني لنواب الحاكم الباقين الا في اطار المجلس المركزي. ولكن من يأخذ مكان الحاكم هو نائب الحاكم الاول». والنائب الاول هو وسيم منصوري.

تصريف الأعمال

يضيف: «من جهة ثانية، حتى لو قدّم نواب الحاكم وتحديداً نائب الحاكم الاول استقالاتهم، هذا لن يعفيهم من اي مسؤولية وتبقى الصلاحيات التي كانت للحاكم المركزي هي نفسها للحاكم الاول لو طلب منه تصريف الاعمال، الا أن الامر يختلف في حال اتخذت الحكومة قرار قبول الاستقالة وتصريف الاعمال، وفي حال طلب منهم تصريف الاعمال من دون قبول الاستقالة فهذا امر آخر».

يوضح مالك أنه «في الاحتمال الاول اي قبول الحكومة هذه الاستقالة، يعني أنه أصبح هناك رضى متبادل ما بين الجهة التي وظفت والجهة الموظفة على انهاء العقود، ولكن يفترض على الموظف الاستمرار بتسيير الاعمال بالنسبة للقضايا الملحة والضرورية والطارئة حتى يعين بديل»، مشيراً الى أنه «في الحالة الثانية أي اذا طلب منهم فقط تسيير الاعمال دون قبول الاستقالة، فتبقى المهام الملقاة على الحاكم هي نفسها التي ستلقى على نائب الحاكم الاول».

هدف المسرحية

ويشدد على أن «الهدف في هذه المسرحية هو رفع المسؤولية المعنوية عن نائب الحاكم الاول، ومحاولة من أجل ايهام الرأي العام أن نائب الحاكم الاول لا يرغب بتولي المسؤولية ولكنه مرغم بطلب من الحكومة». ويختم: «يفترض بنائب الحاكم الاول ان يمارس عمله لأن مصير البلاد على المحك ولا يمكن على الاطلاق التهرب من المسؤولية تحت اي حجة كانت».

على من المسؤولية؟

من جهته يشرح رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ»نداء الوطن» أنه من الناحية القانونية «فان استقالة نائب الحاكم، في حال حصولها، لا ترتب مفعولها القانوني الا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها، وهو ما يؤول حُكماً إلى اعتباره بنظر القانون مستمراً في شغل منصبه إلى حين تعيين البديل اصولاً».

يضيف: « النواب الأربعة للحاكم يُعتبَرون بحكم القانون مسؤولين عن متابعة شؤون المصرف المركزي، كلٌّ ضمنَ حدود المهام الموزعة، ولا سيما أنَّ ادارة هذا المصرف لا تنحصر بالحاكم وحده، ولو كان لهذا الأخير سلطة واسعة لا سيما بمقتضى المادتين 75 و83 من قانون النقد التسليف، بل بهم أيضاً، بحكم عضويتهم جميعاً في المجلس المركزي لمصرف لبنان، سنداً لأحكام المادة 17 من القانون الآنف الذِكر والتي تنص صراحةً على أنَّ: تُؤمَن إدارة «المصرف» من حاكم يعاونهُ نائب حاكم أول ونائب حاكم ثانٍ ونائب حاكم ثالث ونائب حاكم رابع ومن مجلس مركزي يدعى في ما يلي «المجلس».

نزاع في التفسير

يوضح مرقص أنه «بموجب المادة 25 وبمجرّد شغور منصب الحاكم، يتولّى نائبه الأول مهامه، ويتولى مهام حاكم مصرف لبنان. وهذه المادة لا تنص إلّا عن النائب الأول ولا تلحظ انتقال المهام إلى النائب الثاني»، لافتاً الى أنه « إذا رفض النائب الأول تولّي المهام، وهو امر يستبعده، رغم إمكان حصول استقالة، فمن الصعب أن يُصار إلى تطبيق المادة 27 التي تُعالج حالتي الغياب والتعذّر، بخلاف المادة 25، التي تلحظ إمكان انتقال المهام إلى النائب الثاني بعد النائب الأول. فهي تنص على أنه عند غياب النائب الأول أو تعذّر وجوده يحل محلّه نائب الحاكم الثاني. وهذا يمكن أن يخلق نزاعا في التفسير».

المادة 25 من قانون النقد والتسليف: بحال شغور منصب الحاكم، يتولى نائب الحاكم الاول مهام الحاكم ريثما يعين حاكم جديد.

المادة 27 تاريخ بدء العمل: 01/08/1963: بحال غياب الحاكم او تعذر وجوده يحل محله نائب الحاكم الاول وبحال التعذر على الاول فنائب الحاكم الثاني وذلك وفقاً للشروط التي يحددها الحاكم، وبامكان الحاكم ان يفوض مجمل صلاحياته الى من حل محله.

مصدرنداء الوطن - باسمة عطوي
المادة السابقةالإقتصاد الأزرق… هل يبقى حبراً “أسوَد” على ورق؟
المقالة القادمة“الشورى” يُلزم “المالية”: التدقيق الجنائي ملك الشعب