يشبّه مصدر مواكب للإجتماعات التي تجرى بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف خليل وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، بحثاً عن حل لإضراب موظفي القطاع العام، ولا سيما وزارة المالية، بأنها «حوار طرشان». وسبب هذا الوصف أنّ منصوري لا يريد أن يزيد إنفاق الدولة على رواتب القطاع العام على 5800 مليار ليرة شهرياً، كي لا تستخدم أي زيادة في الكتلة النقدية في الطلب على الدولار في السوق السوداء، ويطلب أن تزيد انتاجية القطاع العام (فتح الدوائر العقارية والميكانيك وغيرها لزيادة ايرادات الدولة) لكي يرفع سقف الصرف ربما الى 8500 مليار ليرة. أما ميقاتي وخليل فيطلبان رفع السقف قبل الطلب من الموظفين زيادة الانتاجية. لذلك يجرى البحث حالياً عن حلٍ ضمن «الضوابط» التي يحرص عليها منصوري، ما يعني أنّ رواتب القطاع العام قد يتأخر صرفها هذا الشهر على الأرجح، كما توقّع المدير العام لوزارة المال بالإنابة جورج معراوي لـ»نداء الوطن».
ويقول المصدر: «المفاوضات جارية وخلال الأيام المقبلة قد يتبلور شيء ما للوصول الى تفاهم يرضي موظفي وزارة المال والإدارات العامة والمتقاعدين والأجهزة الأمنية».
وفي المقابل، يؤكد المصدر المواكب للاتصالات الجارية لـ»نداء الوطن» أنّ محور الخلاف «أنّ منصوري متمسك بسقف الإنفاق والرئيس ميقاتي متسلح بهذا السقف لجهة عدم شمول الزيادات كل موظفي القطاع العام (ولا سيما المتقاعدين)، في حين أنّ خليل يشدّد على أنّ استمرار إضراب وزارة المالية يزيد شلل البلد. لذلك يحاولون الوصول الى صيغة لا تخرج عن هذا السقف الذي حدّده منصوري»، لافتاً الى أنّ «احتياط الموازنة أعطى الحكومة 25300 مليار لتصرف منها على المساعدات للقطاع العام، ويحاول كل من ميقاتي وخليل التفاوض مع مصرف لبنان لإيجاد المخرج، وبعد ذلك تعقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار زيادة المساعدات بنسب معيّنة لموظفي الملاك والمتقاعدين».
ويشير المصدر الى أنّ «ضغوط موظفي القطاع العام على الحكومة مستمرة، لذلك عقد اجتماع للمديرين العامين للدولة في مجلس الخدمة المدنية ظهر أمس، تمحور على ضرورة عدم التفريق بين موظفي القطاع العام». ويقول: «هناك ضرر كبير تتكبّده الدولة، فإضراب موظفي وزارات المال والزراعة والصناعة يجمّد إدخال البضائع وتفريغ الكونتينرات في المرفأ، ما يعني أنّ الدولة والتجار يخسرون يومياً عشرات آلاف الدولارات، ونحن على أبواب شهر رمضان الذي يزيد فيه الطلب على المواد الغذائية».
تجدر الإشارة الى أنّ أصل المشكلة يعود الى تخبط الحكومة في معالجة مطالب الموظفين، حيث وافقت على صرف بدل إنتاجية لموظفي وزارة المالية، ممّا تسبب بحالة من الغضب لدى باقي الموظفين الذين أعلنوا الإضراب في مختلف الوزارات والإدارات، ليعود الرئيس ميقاتي ويطلب وقف قرار الدفع، ويتسبّب من جديد بأزمة مع موظفي المالية الذين أعلنوا الإضراب المفتوح الأسبوع الماضي.
وفي الإطار نفسه، شرح موظفو وزارة المالية سبب إضرابهم بأنّ المطلب في الأساس كان أن يرفع وزير المالية مرسوماً إلى الحكومة في تشرين الثاني الماضي، ولم يتم ذلك واستمرت المماطلة. ومن باب الحرص على استمرار عمل الوزارة التي تزيد المداخيل والإيرادات للدولة تقدّم بقرار سلفة للموظفين، وحين طلب الرئيس ميقاتي إيقاف هذه السلفة (تحت ضغط إضراب موظفي الإدارة العامة) أعلن موظفو المالية الإضراب أيضاً، ولا سيما مديرية الصرفيات في وزارة المالية والتي من مهماتها إعداد الرواتب وصرف الإعتمادات، وهذا سيترجم لاحقاً بعدم صرف الرواتب أواخر شهر شباط في موعدها، إضافة الى عدم صرف الاعتمادات، ما يعني عملياً تمدّد الشلل العام في البلد.