منصّة «كبار السن» مريضة: «فايسبوك» بين التفكّك والانبعاث!

«فايسبوك»، كيان الديجيتال هذا الذي نشر تطبيقاته على كل أطراف الفضاء السيبراني، يواجه في هذه المرحلة المتقدّمة من العمر الرقمي، أزمات عدة تنتظر أن تنفجر في وجهه. عند حوالي الساعة السابعة بتوقيت بيروت يوم الاثنين، توقّفت كل خدمات «فايسبوك» حول العالم. تطبيقات الشركة: «واتساب»، «إنستغرام» و«مسنجر»، وكل التطبيقات الأخرى من ألعاب فيديو مثل «بوكيمون غو» والمنصات التي يحتاج المستخدم إلى الدخول إليها من خلال حسابه في «فايسبوك»، توقّفت كلّها عن العمل لأكثر من 6 ساعات. على إثر ذلك، انطلقت هجرة جماعية رقمية؛ مستخدمون هائمون في عالم الأصفار والآحاد، وجدوا ضالتهم أخيراً في «تويتر». حتى «فايسبوك» نفسها خاطبت شعبها من خلال «تويتر»، وقالت إنها على علم بما حدث، وتحاول حل هذه المشكلة بأسرع وقتٍ ممكن.

بعد حوالي الـ6 ساعات من الانقطاع الشامل، عادت الخدمات تباعاً، ونشرت الشركة بياناً قالت فيه إنها تأسف لما حصل، وأن «هذه المشكلة التقنية أثرّت أيضاً في العديد من الأدوات والأنظمة الداخلية التي نستخدمها في عملياتنا اليومية، مما عقّد محاولاتنا لتشخيص المشكلة وحلّها بسرعة»، وهذه الجملة الأخيرة يمكن ربطها بما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، وهو تعطّل البطاقات الإلكترونية لموظفي «فايسبوك»، ما منع دخولهم فعلياً مبنى الشركة لتقييم أسباب العطل والمباشرة في الحل. وعزت الشركة سبب العطل إلى «تغيير خاطئ في إعدادات موجهات الاتصال (Routers) التي تنظّم حركة مرور البيانات بين مراكز البيانات الخاصة بالشركة»، وأن هذا الأمر سبب اضطراباً في كيفية تواصل مراكز البيانات بين بعضها البعض، الذي بدوره أوقف كل خدمات الشركة. كما أشارت إلى أنه «لا دليل على تعرّض بيانات المستخدمين للاختراق نتيجةً لهذا التوقف».

بحسب موقع «ستاتستا»، بلغ عدد مستخدمي خدمات «فايسبوك» الناشطون خلال الربع الثاني من العام الحالي، حوالي 2.9 مليار مستخدم. وخلال الربع الأول من العام الحالي، استخدم 3.4 مليار شخص خدمة واحدة على الأقل من تطبيقات «فايسبوك». عملياً تضم هذه الشبكة ثلث سكان الكوكب. إنه رقم مهول، لكن تلك الأرقام خادعة.
في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، وتحت عنوان «فايسبوك أضعف مما تخيّلنا». يشير الكاتب إلى أزمة مصيرية في «فايسبوك»، وتتمثّل في غياب الفئة الشابة والمراهقة عنها. وأشار إلى جملة كانت بمثابة حكم على الشركة، عندما قال طفل يبلغ 11 عاماً خلال أبحاث تم القيام بها، إن «فايسبوك هو منصة لكبار السن»، وفقاً للوثائق الداخلية. ويتحدّث المقال عن أن «فايسبوك» حالياً لديها عدد هائل من المستخدمين، لكن معظمهم يقومون بكتابة منشورات سياسية، وهم منشغلون في مواجهة بعضهم البعض على المنصة. فيما الفئة الشابة والمراهقة، التي تقوم بصناعة محتوى معاصر وابتكاري، ذهبت إلى «تيك توك».

على الرغم من ذلك كله، لا يزال هناك فرصة أمام إمبراطورية «فايسبوك» لقلب المعادلة، حتى لو تفكّكت خدماتها إلى شركات مستقلة. ويتمثّل ذلك في طموح الشركة في إطلاق منصة «هورايزن» الافتراضية. والأخيرة، وبدل أن يدخل المستخدم إليهاعبر الحاسوب أو الهاتف، سيضع نظارات الواقع الافتراضي والواقع المعزّز (قامت «فايسبوك» بصنع نظارات خاصة بها عبر شركة «Oculus VR» التي تأسّست عام 2012)، حيث يمكن للمستخدمين التنقّل والتواصل مع بعضهم البعض، داخل عالم افتراضي. أي أنه بدلاً من المنشورات المكتوبة أو مقاطع الفيديو، تريد «فايسبوك» من المستخدمين أن يصبحوا حرفياً داخل منصة التواصل الاجتماعي!

بحسب وكالة «بلومبيرغ»، تراجع تصنيف مارك زوكربيرغ، مؤسس «فايسبوك»، إلى المرتبة الخامسة على لائحة أغنى الأشخاص حول العالم، بثروة 120.9 مليار دولار. أي أنه خسر نحو 6 مليارات دولار. وبسبب هجرة المستخدمين إليها، اهتزت منصة «تويتر» وواجهت صعوبات في إظهار المنشورات والتعليقات بسبب الضغط الذي حصل على خوادم الشركة. كما أبلغ بعض المستخدمين عن عدم قدرتهم على الدخول إلى المنصة. وشهدت خدمة «تويتر» تغريدات تهكمية، فيما اشتكى آخرون بأنهم انقطعوا عن معارفهم أو توقّف مصدر رزقهم أو أداة عملهم جراء أزمة «فايسبوك». واستفاد منافسو «فايسبوك» من العطل. وانتقل تطبيق «تلغرام» من المرتبة الـ56 للتطبيقات المجانية الأكثر تحميلاً في الولايات المتحدة، إلى المرتبة الخامسة في غضون يوم واحد بحسب شركة «سنسر تاور» المتخصصة. وكتب تطبيق «سيغنال» للمراسلة أيضاً أن «التسجيلات على تطبيق سيغنال شهدت ارتفاعاً كبيراً».

مصدرجريدة الأخبار - علي عواد
المادة السابقةالمعركة على كارتيل التكنولوجيا: الاستسلام ليس خياراً
المقالة القادمةرشوة موظفي الدولة تحكم على البلد بـ “الفقر المؤبّد”