من العراق إلى لبنان:خط “فايبر أوبتيك” لزيادة سعة الإنترنت

في ظل التحديات الاقتصادية والتقنية التي يواجهها لبنان، برزت أخيراً مبادرة استراتيجية تتمثل في السعي لمد خط ألياف ضوئية (فايبر أوبتيك) يمتد من العراق إلى لبنان ويمر عبر سوريا، في خطوة يُنتظر أن تُحدث تحولاً نوعياً في قطاع الإنترنت والبنية التحتية الرقمية في البلاد.

يُنظر إلى هذا المشروع ليس فقط كتحسين تقني، بل كخطوة سيادية نحو تأمين استقلالية أكبر في مصادر الإنترنت وربط لبنان بشكل أكثر فاعلية بالعالم الخارجي.

تعزيز الأمن الرقمي وتعدد المصادر
وأوضح المكتب الإعلامي لوزير الاتصالات في لبنان، في تصريح لـ”المدن”، أن مشروع مد خط “فايبر أوبتيك” لا يزال قيد البحث، ويهدف بشكل أساسي إلى زيادة سعة الإنترنت في لبنان، والحد من الانقطاعات، وتعزيز موثوقية الخدمة. كما يسعى الوزير شارل الحاج إلى تحقيق الربط مع كل من العراق والأردن، في إطار خطة لتحويل لبنان إلى ممر إقليمي لخطوط الإنترنت العابرة.

وأضاف المكتب أن وجود أنابيب نفطية في مسار المشروع يساهم في خفض التكاليف اللوجستية، إذ أن الأراضي المستخدمة هي بالفعل مملوكة أو مؤجرة مسبقاً لهذه الأغراض، ما يلغي الحاجة إلى استئجار أراضٍ إضافية.

وعن مد خط من العراق مروراً بسوريا، أشار إلى أن المشروع يُحقق مصالح مشتركة للدول الثلاث المعنية، لبنان وسوريا والعراق. وعلى الرغم من أنه لم يتم بعد إجراء محادثات مباشرة مع الجانب العراقي حول هذا الموضوع لكن الوفد اللبناني الذي زار العراق مؤخراً كان قد طرح المشروع، والمعطيات الأولية توصف بأنها “مشجعة”، ما يعكس مؤشرات إيجابية على إمكانية التعاون الإقليمي في هذا الملف.

وبالفعل يرتفع يومياً مستوى استخدام الإنترنت محلياً، سواء في القطاعات التعليمية، الطبية، أو الاقتصادية، وبات من الضروري تنويع مصادر الاتصال وتعزيزها. لذا إن استحداث خط بري للألياف الضوئية سيُضيف بعداً أمنياً واستراتيجياً، من خلال الاعتماد على أكثر من مسار عابر للبحر، وهو ما يحدّ من المخاطر المرتبطة بانقطاع الخدمة بسبب أعطال أو ظروف جيوسياسية.

فوائد اقتصادية وتنموية
ومن شأن هذا المشروع أن يُتيح للبنان سعة إنترنت أكبر بكثير مما هو متوفر حالياً، ما يعزز من قدرة الشركات والمؤسسات على العمل بكفاءة أعلى، ويدعم تطور القطاعات القائمة على التكنولوجيا، مثل الشركات الناشئة والخدمات المالية الرقمية، وتزداد أهمية هذا التطوير في ظل الطلب المتزايد الذي تفرضه تقنيات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية المتقدمة.

يُشكل المشروع محطةً أساسية نحو تعزيز البنية التحتية الرقمية في البلاد، وضمان أمنها السيبراني، وفتح آفاق اقتصادية وتنموية. غير أن الاستفادة القصوى من هذا المشروع تتطلب توسيع شبكة “الفايبر أوبتيك” داخل الأراضي اللبنانية، فالسعات الجديدة القادمة عبر الخط لا يمكن استثمارها بفعالية ما لم تكن البنية التحتية الداخلية قادرة على نقلها للمستخدمين النهائيين بسرعة واستقرار. ويُعد تحديث الشبكة المحلية أولوية تتطلب تنسيقاً بين الجهات الرسمية والمزودين، إلى جانب الاستثمارات المالية واللوجستية.

مصدرالمدن - سكينة السمرة
المادة السابقةالمصارف حاجة مُلحّة لسياحة الاصطياف… مَن يعرقل النهوض؟
المقالة القادمةلبنان عالي المخاطر: التصنيفات غير مشجعة وبطء الإصلاح قاتل