لا تنطبق كلمة برافو في تغريدة إعجاب كتبها رئيس “حزب القوات” سمير جعجع قبل فترة على خطة عمل وزير البيئة فادي جريصاتي بخصوص تنظيم عمل المقالع والكسارات على ملفات أخرى خرج فيها الخلاف بين القوات والتيار إلى العلن وكان آخرها اشتباك ملف النازحين السوريين وخطة الكهرباء.
التباين في ملف النازحين ظهر في خطتين لا تلتقيان في جوانب كثيرة بين التيارين، فالتيار وضع أكثر من مسودّة لعودة النازحين السوريين السريعة والآمنة إلى بلادهم لتبادر “القوات اللبنانية” إلى ورقة سياسية خاصة بها للعودة ترفض الحلّ السياسي وتنسيق العودة مع النظام السوري .
أما ملف الكهرباء فيشهد “أم المعارك” في الحكومة الجديدة بين القوات والتيار وكشفت مواقف التكتلين القويين (لبنان القوي والجمهورية القوية) التجاذبات القائمة حول الخطة الكهربائية بعد عرضها من قبل وزيرة الطاقة ندى البستاني.
استياء القوات يتوزّع باتجاهين، رفض القوات لموقف التيار بعرض الخطة أمام الرأي العام قبل مناقشتها في مجلس الوزراء في عملية استباقية واضحة الأهداف والغايات من قبل التيار، ولقناعة القوات أن الفريق العوني يسعى لفرض وتسويق خطته القائمة على البواخر على الآخرين قبل موافقة مجلس الوزراء.
ومع ذلك تدافع القوات عن موقفها بالتأكيد أنها لم ترفض خطة الكهرباء للوزيرة ندى البستاني بالمطلق بل تطالب بإطلاق نقاش حولها والحصول على شروحات وتفاصيل حول عملية إنشاء المعامل وتطالب باعتماد الحلول الدائمة وترفض الحلول المؤقتة التي اعتُمدت في وزارات الطاقة التي تولّاها وزراء “التيار الوطني الحر” في الحكومات السابقة أو العودة إلى الإدارة غير السليمة لملف الكهرباء.
هذا لا يلغي حقيقة أن الهجوم القواتي الأخير شكّل مفاجأة لدى العونيين في التوقيت والشكل والمضمون وبدأ بموقف لرئيس “حزب القوات” برفض رفع سعر الإنتاج قبل معالجة الثغرات المتعلقة بالشبكة والجباية.
بالنسبة إلى العونيين فإن حملة القوات غير مبرّرة ولم تعرف خلفيّات ودوافع التصعيد القواتي التي لا تصبّ إلا في خانة التعطيل مجدداً علماً أن القوات ممثلة بوزير لها في اللجنة الوزارية التي بحثت الخطة، ويعتبر العونيون أن وزيرة الطاقة قدّمت عدّة عروض واقتراحات حلول ومن ضمنها البواخر وكان الأجدى انتظار التئام مجلس الوزراء قبل اللجوء إلى التصعيد على المنابر.
حرب الكهرباء اندلعت فجأة، ثمّة من يقول إن هناك خلفيات سياسية وإن القوات تتلطى بخلفيات تقنية وإن الحرب اليوم سياسية بعنوان إنمائي، ثمة من يعتبر أن معراب تلقّت صفعات كثيرة من الحليف المسيحي السابق وأن ما يحصل على خلفية تربصّ الفريقين ببعض فالتيار يخطّط لقضم المواقع المسيحية في التعيينات المقبلة كما تشعر القوات وأفرقاء مسيحيين آخرين.
في الصالونات السياسية يتحدّث قواتيون بكثير من العتب عن أخطاء ارتكبها بحقّهم التيار، من الحملة التي شنّت على رئيس “حزب القوات” من أزمة الريتز في السعودية إلى الانتخابات النيابية والانقلاب على التفاهمات ومحاولة تطويق سمير جعجع في الحكومة وعزل القوات، فيما يتّهم عونيون حلفاءهم في التفاهم المسيحي بتعطيل العهد مجدداً ووقف مشاريعهم وخططهم الإصلاحية في مجلس الوزراء وعرقلة انجازات ومشاريع التيار في الحكومة .
ومع عودة النغمة ذاتها بين الحليفين المسيحيين يتّضح مجدداً أن تفاهم معراب حالياً هو خارج الخدمة الفعلية لكن المصالحة المسيحية باقية والوضع بعد تأليف الحكومة باق على حاله حيث لكل فريق رأيه في ملفات معيّنة، لكن المؤكد أن التجاذبات سوف تبقى تحت السيطرة وأن لا أحد يرغب بتفجير الوضع أو التشويش على عمل الحكومة.