ما لبث اللبنانيون ان تنفسوا الصعداء عقب تشكيل الحكومة بعد قرابة 9 اشهر من الانتظار، حتى اشعل ملف الفساد فتيل التوتر بين الافرقاء اللبنانيين.
صحيح ان منسوب هذا التوتر العالي لا يمكن ان يهدّد مصير الحكومة، الا انه دون شك يمس اجواء الإنسجام والتناغم بين وزرائها المنتمين الى مختلف الأطراف السياسية، كما انه كفيل بإستنزاف طاقة الحكومة وكل المسؤولين الذين عزموا على النهوض بالإقتصاد، الامر الذي لم يعد خياراً بل امر مصيريا، فمنذ زمن طويل نسمع عن روايات عن مركب يغرق ويتطلب جهود جبّارة لإنقاذه.
على رغم اهمية مكافحة الفساد كونها مطلب شعبي لا لبس فيه، الا ان فتح هذا الملف على مصراعيه لم يخلق راحة في نفوس اللبنانيين، بل اوحى لهم ان الخلاف والخصام هما قدر لبنان. فلماذا تنبش القبور اليوم مع تشكيل حكومة تعلق الآمال كلها عليها؟ لماذا اضعاف هذه الإنطلاقة الصاروخية؟ لماذا إحباط الهمم المشحوذة؟
تشكيل الحكومة كان بصيص نور بعد ظلام حالك خيّم على لبنان. تلقّفته المملكة العربية السعودية برفع الحظر عن سفر مواطنيها الى لبنان؟ في حين يقف المجتمع الدولي منتظراً تحركات الحكومة نحو الاصلاحات لوضع الهبات الموعودة موضع التصرف وبالتالي المباشرة بالمشاريع التي يتضمنها مؤتمر “سيدر” والتي تعد بعشرات آلاف فرص العمل والكفيلة بفرملة التصاعد المستمر لمعدلات البطالة.
وسط هذا المشهد، يستحضرني رد لوزير الاقتصاد والتجارة السابق رائد خوري خلال مقابلة صحفية على الاحاديث التي كانت تتناول الانهيار الاقتصادي في لبنان، حيث اوحى آنذاك ان وراء بث هذه الاجواء اطراف معادية تحاول افشال البلد عن طريق استهداف اقتصاده.
واليوم مع قتل كل امل بإنسجام حكومي يؤمن تظافر الجهود للنهوض بالبلد، اصبح لزاماً ان نسأل ايضاً، من يستهدف اقتصاد لبنان؟
من يعمل لإغراق المركب بمن فيه؟
نعم، مكافحة الفساد امر ضروري، لكن النهوض بلبنان واقتصاده اكثر ضرورة في الوقت الحالي.