مواجهة بين المصارف والوكالات الحصرية مع الحكومة

في المخاض الداخلي، ومع بدء العد التنازلي لاجراء الانتخابات النيابية، وقرب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بعد ثمانية أشهر ونيف، تحتدم الخلافات والنقاشات حول مسائل اقتصادية ونقدية (مصير حاكم مصرف لبنان عزله أو بقائه إلى ما بعد انتهاء ولاية عون) فضلاً عن انتقال النزاع إلى الوكالات الحصرية في مجلس النواب بين مطالب بإلغائها بالكامل، وبين مطالب بإعطائها جزءا من الحماية من قبل الدولة، إضافة إلى شؤون قضائية كتقليص صلاحيات النائب العام التمييزي وتجييرها إلى وزير العدل (البند 16 المدرج على جدول اعمال مجلس الوزراء اليوم) اضافة إلى استمرار التجاذبات، ولو بالخفاء، حول مسار التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت.

يضاف إلى كل ذلك، ازمة الكهرباء الآخذة بالاعتضال (التحول إلى معضلة) او داء ليس من السهل معالجته، على الرغم من انه بات مطلباً دولياً لإجراء الاصلاحات.وبين سلسلة التشابكات والتجاذبات أصدر وزير المال يوسف خليل قراراً باعطاء مساعدة اجتماعية مؤقتة للعاملين في الادارات العامة مهما كانت مسمياتهم الوظيفية عن شهري ت2 وك1 بين شباط وآذار المقبلين.

وسط ذلك، رفضت جمعية مصارف لبنان مسودة خطة حكومية لمعالجة الأزمة المالية في البلاد تقترح إلغاء بعض الديون وتقليصا جزئيا للمدخرات في البنوك، قائلة إن ذلك سيؤدي إلى فقدان الثقة في القطاع المالي لفترة طويلة. وتنص مسودة خطة لسد فجوة ضخمة في النظام المالي، على إعادة 25 مليار دولار فقط من إجمالي 104 مليارات دولار من الودائع بالعملة الصعبة إلى المدخرين بالدولار الأمريكي. وسيتم تحويل معظم ما تبقى إلى الليرة اللبنانية على عدة أسعار صرف، أحدها من شأنه أن يمحو 75 بالمئة من قيمة بعض الودائع. وتبلغ القيمة التقديرية للخسائر في القطاع المالي، بحسب الخطة، 69 مليار دولار. وتحدد الخطة إطارا زمنيا مدته 15 عاما لسداد أموال جميع المودعين.

وقالت جمعية مصارف لبنان في بيان مكتوب «تشير هذه المسودة الافتراضية للخطة إلى أنها يمكن أن تقضي على ما يسمى ’الخسائر’ من أجل موازنة الدفاتر. هذا النهج… هو نهج تصفية وسيؤدي إلى فقدان الثقة بشكل دائم على مدى أجيال مقبلة».

وموافقة الجمعية ليست مطلوبة من أجل أن تتبنى الحكومة الخطة وتبدأ تنفيذها، لكن خبراء يقولون إن دعم القطاع المصرفي لها يمكن أن يساهم في حل الأزمة. وقالت الجمعية إنه لم يكن لها أي دور في صوغ هذه الخطة ولم تطّلع على نسخة رسمية منها. وقالت «إذا كان هذا صحيحا، فإن هذا النهج الوارد لمعالجة الخسائر التي حدثت في القطاع المالي غير مقبول على الإطلاق، ولن يؤدي بالتأكيد إلى تعويض انهيار الاقتصاد».

وقالت جمعية مصارف لبنان إنها لن تؤيد خطة من شأنها أن تؤدي إلى «خفض اسمي لودائع العملاء» أو القضاء تماما على حقوق المساهمين، لكنها منفتحة على تحمل بعض الخسائر من إعادة هيكلة السندات الدولية (يوروبوندز) وقروض القطاع الخاص. وكانت البنوك اللبنانية مقرضا رئيسيا على مدار عقود للحكومة، غير أن هدر الأموال والفساد أديا إلى الانهيار المالي في عام 2019.

كما اشارت الجمعية إلى «اعتراضها الشديد» على مقترح أن يحتفظ مساهمو البنوك بأغلبية الاسهم بالقطاع مقابل ضخ مليار دولار في رأسمال جديد. ولاحقاً، أوضح رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير أن ما نشر شكل اجتزاء من نص رد يبين بوضوح ومن السطر الأول عدم اضطلاع الجمعية على أي خطة معدة من قبل الحكومة وحتى عدم وجود خطة. اما الرفض فكان في معرض الافتراض حول ما سُـرّب وهو ينطلق من مبدأ الجمعية الداعي لحماية حقوق المودعين. وتمت الاشارة بوضوح ايضاً إلى أن ما سرب، ان كان صحيحا وكرد افتراضي، لا يشكل حلا للازمة الاقتصادية المتسارعة.

وقال متحدث باسم صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي إنه ليس بوسعه التعقيب على تقارير أفادت بأن الصندوق رفض جوانب من خطة الحكومة أثناء المحادثات التي بدأت في يناير كانون الثاني. وقال مسؤول لبناني إن صندوق النقد طلب من المسؤولين اللبنانيين «العمل على أجزاء من الخطة». وفي إطار الجهود المبذولة لسد الفجوة البالغة 69 مليار دولار في النظام المالي، تشير مسودة الخطة إلى إنقاذ كبار المودعين بما يصل إلى 12 مليار دولار، أو ما يعادل 72 بالمئة من الأسهم في القطاع المصرفي، وبالتالي تقليل المساهمين والدائنين إلى أقل من الثلث.

مصدراللواء
المادة السابقةياسين: قطاع ​النفايات يعاني من الأزمة
المقالة القادمةصندوق النقد… غير موافق