صَدّق مجلس الوزراء في جلسته التي انعقدت أمس في السرايا على موازنة 2024، والتي ستكون موضع التنفيذ فور نشرها في الجريدة الرسمية المتوقّع الاسبوع المقبل. في هذه الاثناء يَتحضّر تكتل الجمهورية القوية للطعن أمام المجلس الدستوري ببعض مواد موازنة 2024 بعد صدورها ونشرها.
الهرج والمرج الذي ساد الجلسة الاخيرة لمناقشة مشروع الموازنة في مجلس النواب، والذي اختلط فيه الحابل بالنابل في ما خَصّ التصديق على بعض مواد الموازنة وإسقاط غيرها من دون مبرّر او اجراء تغييرات وتعديلات على بعض البنود واقتراح بنود ضريبية في اللحظات الاخيرة، يجعل صدور الموازنة في الجريدة بنسختها النهائية موضع ترقّب لِتتّضِح فيها الصورة النهائية لِما أُقر. وكانت هذه الفوضى قد استدعت اعادة الاستماع الى تسجيلات ما حصل في الجلسة للتأكد مما صُدّق ومما أُسقط.
وفي ظل الترقب لصدور النسخة النهائية لموازنة 2024، فإنّ بعض بنودها كانت قد شَكّلت مسار جدل في الايام الاخيرة لا سيما منها الضريبة على الشركات المالية هل هي 17 او 25%؟ ضريبة اللحظات الاخيرة التي فرضت على الشركات التي استفادت من الدعم هل هي على ايرادات الشركات ام على ارباحها؟ هل هي غرامة ام ضريبة؟ هل يجوز فيها المفعول الرجعي؟
في هذه الاثناء، وأيّاً تكن الصيغة النهائية لمشروع الموازنة، تستعد بعض الكتل النيابية للطعن فيها، ومنها تكتل الجمهورية القوية، بحيث اشارت عضو لجنة المال والموازنة النائبة غادة ايوب لـ«الجمهورية» الى انه قبل الطعن ننتظر صدور الموازنة في الجريدة الرسمية. وإذ رفضت الكشف عن البنود المنوي الطعن فيها، قالت: «هذا القرار يتخذ في اجتماع التكتل، لكننا اطلعنا على النسخة الصادرة عن مجلس النواب، ويبقى ان نطّلع على النسخة النهائية التي ستصدر بها الموازنة في الجريدة الرسمية خصوصا انّ هناك تعديلات طرأت عليها من دون معرفة الاسباب».
ورأت ان «بعض النواب أثاروا فوضى متعمدة داخل جلسة اقرار الموازنة للايحاء انّ هذا الجو الذي كان سائدا في جلسات المناقشة أدى الى اختلاط الامور». وتابعت: «نحن ناقشنا في لجنة المال والموازنة على مدى 27 جلسة الموازنة بنداً بنداً، حذفنا الكثير من موادها وعدّلنا في البعض الآخر، لكن الملفت انّ هناك نواباً لم يشاركوا في ايّ من جلسات لجنة المال، وفجأة أتوا الى جلسة مناقشة الموازنة وبدأوا بتقديم طروحات جعلت النقاش احيانا غير بنّاء والتشريع يسوده جَو من الفوضى. ولا يجوز اليوم رفع الضرائب ومعدلات الرسوم أو اضافة نصوص لم تكن موجودة اصلاً في مشروع الموازنة من دون اي دراسة او مناقشة مع الجهات المعنية».
ضرائب اللحظات الاخيرة
ورداً على سؤال، أوضحت ايوب انّ اعادة الاستماع الى التسجيلات الصوتية لجلسة اقرار الموازنة أتت في سياق الحفاظ على الامانة. لذا، تمّت مقارنتها بمحضر الجلسة كي لا يكون هناك كلمة «صُدّق» في غير محلها. وكشفت ان هناك 5 مواد في مشروع الموازنة بقيت فيها بعض النقاط عالقة، منها:
– رفع ضريبة شركات الاموال الى 25%، فنحن بكل تأكيد ضد فرض هذه الضريبة عَدا عن انه من غير المقبول في جلسة هيئة عامة طرح زيادة الضريبة من 17% الى 25% وهم أصلاً يدفعون الى جانب هذه الضريبة ما نسبته 10% عن توزيع الارباح. انطلاقاً من ذلك تأتي هذه الزيادة غير منطقية، إذ إنه لدى دمج هاتين الضريبتين تصبح نسبة الضريبة شبيهة بتلك التي تدفع في بريطانيا، فأين اقتصادنا من اقتصاد بريطانيا؟ عدا عن انّ هذه الضريبة لو رفعت لن تدفع بأي شركة للمجيء والاستثمار في لبنان. المطلوب اليوم خلق توازن بين زيادة الضرائب وإدخال إيرادات الى الدولة وفي الوقت نفسه تحفيز الاقتصاد. وتؤكد ايوب انّ هذه المادة سقطت بالتصويت، الّا اننا تفاجأنا بالإعلام التأكيد على انها صُدّقت.
– البند المتعلق بالضريبة على الشركات التي استفادت من الدعم. وفي السياق تقول ايوب: انّ هذه الضريبة اثارت جدلاً ايضاً داخل الجلسة لأنها طرحت في اللحظات الاخيرة، ولم يكن هناك نص مكتوب موزّع على النواب لنعرف ما اذا كانت مفروضة على رقم الاعمال او الأرباح. وفي هذا البند تحديداً نترقّب النص الرسمي الذي سينشر في الجريدة الرسمية لنبني على الشيء مقتضاه. كل النواب يوافقون على انه يجب محاسبة مَن استفاد من الدعم على حساب الشعب اللبناني، انما يجب ان يكون هناك إطار قانوني له. فالتشريع في اللحظات الاخيرة، رغم ان النية حسنة، ادى الى هذه الفوضى.
– كذلك هناك جدل يدور حول المادتين 56 و 57 اللتين تتعلقان بإعادة تقييم مخزون الشركات، فقد سقط البحث فيهما في نهاية الجلسة ولا نعرف اذا كان قد سقط سهواً او هناك خطأ مادي او لم يصوّت عليهما في آخر الجلسة باعتبار انه تم التصديق عليهما. نحن كنا ننتظر التسجيلات لمعرفة سبب إسقاطهما، هل اعتبر انه لم تتم مناقشتهما أم تم التصويت عليهما وإسقاطهما؟
وقالت: لو اننا لسنا نتعاطى مع حكومة تصريف اعمال لكان موقفنا رفض مناقشة هذه الموازنة وحجب الثقة عن الحكومة، لكن اليوم بعدما هَددتنا الحكومة بالتالي: إمّا درس مشروع الموازنة ومناقشته وامّا اصدارها بمرسوم. ارتأينا درس الموازنة لأنّ الضرائب والرسوم التي كانت واردة على متنها هستيرية وهدفها إفقار الشعب.
إسقاط سعر الصرف
امّا عن اللغط الذي حصل حول سعر الصرف، وإسقاط القوات تمرير دولار 25 الفاً، تؤكد ايوب أنه وفقاً للقانون ليس لمجلس النواب اي علاقة بتحديد سعر الصرف. وقانون النقد والتسليف ينصّ صراحة على ان هذا الامر يتم تحديده من قبل وزير المالية ومصرف لبنان وفقاً لسعر السوق، أي وفقاً للعرض والطلب. وتابعت: هدفنا الاساسي معارضة اي هيركات بنصّ قانوني على اموال المودعين، وعدم التفرقة بين اموال قديمة واخرى جديدة، وتثبيت انه يحقّ للمودع استرداد امواله بالعملة التي وضعت فيها وبالقيمة نفسها. تابعت: نعم نحن عارَضنا هذا التوجّه لأنّ مخاطره كبيرة بحيث انه يعطي انطباعاً بأنّ اموال المودعين فقدت قيمتها. اما عن توجّه وزير المالية لتحديد دولار المصارف بـ15 الفاً، فقالت: فليتحمّل مسؤولية قراره أمام المودعين.
كيف ستتحضر القطاعات التي استفادت من الدعم لمواجهة الضريبة المفروضة؟
فور صدور الموازنة في الجريدة الرسمية، تدخل الضريبة على الشركات التي استفادت من الدعم حيّز التنفيذ، فكيف تتحضّر هذه الشركات لمواجهتها؟ هل تعوّل على الطعن بها من قبل النواب أم على إرجاء إصدار آلية تنفيذها؟
في السياق، يجزم رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ«الجمهورية» انه لا يمكن التعويل على وعود بعدم إصدار مراسيمها التطبيقية او آليتها التنفيذية لأنّ ذلك يكون بمثابة سيف مُسلط علينا، بل ما نقوم به اليوم كهيئات اقتصادية وكنقابات معنية بالموضوع، نقابات مستوردي المحروقات والمواد الغذائية والدواجن والمواشي والافران والمطاحن والادوية والمستلزمات الطبية، أنه بدأنا بالتوجّه الى الكتل النيابية لتقدم طعناً بهذه الضريبة.
ولدى سؤاله اذا كانت الضريبة ستفرض على ايرادات الشركات او ارباحها؟ قال بحصلي: النواب لا يعرفون على ماذا صوّتوا، لذا نحن في انتظار النص النهائي لهذه الضريبة ليبنى على الشيء مقتضاه.