موازنة عام 2021: إبراء ذمّة رأس المال

من أصل 111مادة في مشروع الموازنة العامة لعام 2021، هناك 64 مادة تتعلق بالضرائب، أي ما نسبته 58% من الموازنة. هذه تُعدّ سابقة في تاريخ الموازنات في لبنان. وللوهلة الأولى، توحي هذه المواد بأننا أمام نظام ضريبي جديد يهدف إلى تعزيز العدالة الضريبية، وتحقيق التوازن والاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي والاجتماعي، ويسعى إلى تحفيز النمو والتنمية، فضلاً عن معالجة العجز المالي والدين العام، وإطفاء خسائر الدولة ومصرف لبنان وتوزيعها على من استفاد من مكاسب ومغانم الحكم وفوائد الدين العام التي تجاوزت كل الحدود القانونية النقدية والاقتصادية… لكن المفاجأة، أن المواد الضريبية في هذه الموازنة تؤدّي إلى تعميق الانهيار والعجز وتُفاقم الخلل الاقتصادي والاجتماعي وتشرّع الفساد المالي

بموجب مشروع موازنة 2021، يحاولون أيضاً تمرير ضرائب وإعفاءات. يختلط الأمر حتى على العارفين والعالمين بالضرائب، حول ما يقصده وزير المالية بالضريبة: ضريبة فعلية أم إعفاء وإبراء ذمّة؟ لنأخذ مثلاً «ضريبة التضامن الوطني» التي فُرضت استثنائياً لمرة واحدة على قيمة كل حساب دائن مفتوح لدى المصارف العاملة في لبنان كما في 31/10/2020. هل هي ضريبة فعلية، أم إعفاء وإبراء ذمّة؟

تطاول هذه الضريبة كل الحسابات الدائنة المفتوحة لدى المصارف بالعملات الأجنبية (دولار أميركي) أو بالعملة اللبنانية ابتداءً من مليون دولار أميركي، ومليار ونصف مليار ليرة لبنانية. أما معدّل الضريبة فقد حُدّد بـ1% على كل حساب تبلغ قيمته مليون دولار ولا يتجاوز 20 مليون دولار، و1.5% عن كل ما يزيد عن 20 مليون دولار أميركي حتى 50 مليوناً، و 2% عن كل ما يزيد عن 50 مليون دولار (أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية).

في الواقع، إن أصحاب الحسابات الذين سيخضعون لضريبة التضامن الاجتماعي هم كبار المودعين الذين يمثّلون 1% من إجمالي المودعين، ويملكون نحو 47% من محفظة ودائع بلغت 73 مليار دولار في 28/12/2019، وهم أيضاً كبار المستفيدين من فوائد الدين العام التي تجاوزت حتى 31/12/2019 الـ86 مليار دولار.

في الحقيقة، هي إبراء ذمّة لهؤلاء عما كسبوه من فوائد مفرطة الارتفاع سدّدتها الحكومات لأصحاب سندات الدين العام، وهي كانت سبباً أساسياً في الانهيار المالي والنقدي وتعثّر الدولة عن سداد ديونها!

شروع موازنة 2021 يتّسم بعدم استقرار التشريع الضريبي خلافاً للقواعد العامة للضريبة. فهو تضمّن تقسيط الضرائب والرسوم وإجراء تسوية على الضرائب المعترض عليها، فضلاً عن إعفاء من الغرامات الضريبية بصورة استثنائية ولمرة واحدة. في الواقع، تكاد موازنة عامة منذ عام 2017 ولغاية اليوم لا تخلو من تكرار لهذه البنود.

ومن اللافت أيضاً، أن وزارة المال تدعو إلى مزيد من دولرة الاقتصاد. إذ تطلب من أرباب العمل اقتطاع الضريبة على رواتب وأجور مستخدميها بالعملة ذاتها التي دُفعت فيها تلك الرواتب على أن تُحتسب الضريبة على أساس سعر الصرف المحدّد من مصرف لبنان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى استيفاء الرسوم من دوائر المفوضيات السياسية والقنصليات بالدولار الأميركي أو بعملة البلد التي تتواجد فيه.

 

للاطلاع على المقال كاملا:

http://www.al-akhbar.com/Issues/299608