موازنة محاسبية تُخفي الضرائب في طياتها: انعكاس أكيد على اللبنانيين

تعتبر موازنة 2024 محاسبية بإمتياز، فهي وإن كانت “أفضل الممكن” إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من الضرائب والرسوم التي حتماً ستثقل كاهل المواطنين، وحتى الساعة لا أحد يعرف الى أي مدى يُمكن أن تؤثّر على إرتفاع الأسعار وتصيب الناس مباشرةً بحياتهم اليومية. وكأن لا يكفي المواطن اللبناني ما عاناه منذ بداية الأزمة اللبنانية لناحية فقدان أمواله لتأتي الضرائب وتكمل على ما تبقّى…

“تتضمّن الموازنة مجموعة أخطاء خصوصاً في الأرقام”. هذا ما يؤكده الخبير الإقتصادي جاسم عجاقة، مشيراً عبر “النشرة” الى أن “ثلاثة عوامل أساسية تحدّد الفرضيات فيها: سعر صرف الدولار مقابل الليرة، سعر النفط والنمو الاقتصادي… فلنفترض أن سعر النفط إرتفع عالمياً، ماذا نفعل”؟ مضيفا: “الارقام المتعلقة بالنفقات ليست دقيقة كالاموال التي ستدفع لموظفي الدولة ليست واردة فيها، فمن أين سيتمّ الدفع لهم”؟.

يتطرّق عجّاقة الى الإيرادات، لافتاً الى أنه “حتى تقديراتها ليست دقيقة، فهل نضحك على بعضنا، أين حلّت مشكلة المودعين؟ ماذا سنفعل بالتهريب و”إقتصاد الكاش”، كيف يُمكن أن نحصّل الضرائب عليه؟ أين اصلاح القطاع العام”؟. ويتابع الشرح قائلا أن “مواد الموازنة الطبيعية هي 12 الى 13 مادة أما الضرائب فيها فتصل الى حدود 76 مادة، والصعوبة في الأمر أنها كلّها على النشاط الاقتصادي وبما أن النشاط الرسمي الاقتصادي بتراجع فبالتالي سيتمّ ضربها لصالح التهرّب الضريبي واقتصاد “الكاش”.

بدوره الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، يشدّد على أن “الموازنة سترفع الأسعار بالحدّ الأدنى بين 12 الى 25%، كيف ذلك؟!. مثلاً لم يتمّ رفع البنزين ولكن تمّ رفع رسم الميكانيك وهذا الامر حتماً سينعكس على السلعة”، مضيفاً: “الإقتصاد اللبناني مترابط والاسعار تتأثر بعدة عوامل، وحتى النقل والتأمين ارتفع عالمياً وهذا حتما سيكون له مفاعيله أيضاً”. يلفت شمس الدين الى أن “المفارقة أن الضرائب فرضت على الطاقة الشمسية الّتي كانت العام الماضي معفاة منها في حين أن الأملاك البحريّة لم تطلها الزيادات”. لا يوافق عجاقة على فكرة أن زيادة الضرائب سترفع الأسعار كثيراً أو بالأحرى يعتبر أنه لا يجب أن ترفعها لأنها وضعت على نشاط اقتصادي غير موجود ولكن يذكّر بجشع التجاّر، معتبرا أنهم “سيستغلون الظرف ويلجأون فوراً الى الزيادات”.

“عادةً عندما يعاني أيّ بلد من الأزمات لا تفرض الضرائب على النشاط الإقتصادي بل على الموارد غير المستخدمة في الإقتصاد”. هنا يعطي عجاقة المثال على ذلك عبر “الأملاك البحريّة والنهريّة”، مشيراً أيضاً الى أن “هذه الموازنة لم تعالج قضية القطاع العام والدين العام الّذي تشكّل ودائع اللبنانيين 85% منه”، مشدداً على أن “الديون والأموال صرفها المسؤولون ولكن أموال الناس لا تزال موجودة في الدولة”، مؤكداً أن “إشكالية الدين العام يجب أن تكون مُعالجة في الموازنة”.

إذاً، يجب أن ننتظر لنرى كيف ستنسحب الضرائب المجنونة على السوق اللبناني ليبقى الأهمّ أن الموازنة هي “لسرقة” الناس وافقارهم.

مصدرالنشرة - باسكال أبو نادر
المادة السابقةبعضها يتهدده الإفلاس… كيف ستدفع الديون دولاً إلى «موت مالي بطيء»؟
المقالة القادمةالدولة تتحول إلى “دراكولا” ضرائب.. ولا أموال لزيادة الرواتب