لم يعد مهماً ما يتمّ التداول به أو الإعلان عنه من قبل الحكومة أو المجلس النيابي عن الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي كشرطٍ أساسي من أجل مساعدة لبنان على الخروج من الأزمة. وبعد مرور أيامٍ معدودة على ردّ رئيس الجمهورية ميشال عون، قانون رفع السرية المصرفية، والتأخير الفاضح في إقرار قانون الكابيتال كونترول، يستعد المجلس النيابي لمناقشة وإقرار مشروع قانون الموازنة للعام الحالي وبتأخيرٍ تجاوز مدة 9 أشهر، وإنما من دون أية توقعات بالنسبة لموقف صندوق النقد منه، خصوصاً وأن هذا المشروع وبحسب الخبراء الإقتصاديين والماليين، لا يعكس الواقع الحقيقي للواردات ولحجم الإنفاق وللمالية العامة، وبالتالي قد لا يؤدي الهدف المنشود منه وهو استمرار المفاوضات مع صندوق النقد الذي يصرّ على إقرارها. فهل ستواجه الموازنة المصير نفسه الذي واجهه قانون الكابيتال كونترول وتصبح “لزوم ما لا يلزم”؟
رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، وجد أن موازنة 2022، قد فقدت هدفها ومصداقيتها وواقعيتها، إذ كان من المفترض أن تُناقش في العام 2021، وأن تحدد طبيعة الرسوم والضرائب وواردات الخزينة كما النفقات والإصلاحات ومجالات تخفيف الإنفاق الرسمي. وكشف مارديني لـ “ليبانون ديبايت”، أنه لم يعد من معنى لهذه الموازنة إذ أنها وهمية بعدما شارف العام الحالي على الإنتهاء، وذلك سواء أقرّها المجلس النيابي كما هي أو أدخل تعديلات عليها، كونها أصبحت فعلاً “لزوم ما لا يلزم”.
لكن مارديني حرص على التأكيد بأن طريق إقرار مشروع الموازنة في المجلس النيابي سالكة، والسبب الوحيد هو أن صندوق النقد يطالب بها، وإن كانت خالية من أي خطة إصلاحية.وفي هذا المجال، أوضح أنه من الأجدى أن يبادر المجلس النيابي إلى إلغاء كل الزيادات على الرسوم، ولكن عليه أن يبادر إلى تسجيل النفقات الجديدة والمساعدات الإجتماعية التي أّقرّت لموظفي القطاع العام، وعندها، تصبح الموازنة حقيقية وواقعية وتعكس حقيقة المالية العامة للعام الحالي.
أمّا بالنسبة للتعديلات التي كانت مطروحة في موازنة 2022، فيقترح مارديني، أن يجري ترحيلها إلى موازنة 2023، ولكن شرط أن يبدأ العمل والنقاش فيها منذ العام الحالي وليس في العام المقبل، لأنه في هذه الحالة فقط، سيكون المجلس منطقياً وصريحاً وواضحاً مع الرأي العام ومع صندوق النقد، لأن الموازنة عندها، ستعكس الحقيقة ولن تكون وهميةً.
ورداً على سؤال عن الموقف المرتقب من صندوق النقد، يشير مارديني، إلى أن الصندوق لم يتطرق إلى تفاصيل الموازنة لجهة الإصلاح، ولم يضع أية شروط مسبقة، بل أكد على وجوب إقرارها على أن يأتي البحث بها لاحقاً بعد توقيع الإتفاق، ولكن بعد الإتفاق، سيتوقع الصندوق أن تتضمن موازنة 2023 إصلاحات معينة.