تحاول مختلف أطراف قطاع المحروقات تحصيل أرباحها وضمان استقرارها من بيع المحروقات، تماشياً مع سعر صرف الدولار. ولضمان ذلك، طرح أصحاب المحطات والموزعين خلال اللقاء مع فياض إقرار شراء وبيع المحروقات من قبل المحطات بالليرة اللبنانية. فبهذه الحال تتجنب المحطات والموزعين الوقوع في خسائر قد تنجم عن ارتفاع سعر صرف الدولار. فالمخاطر التي تعانيها المحطات اليوم، حسب حديث ممثليها، تتمثل باستحصال الشركات المستوردة للنفط منها نسبة 10 في المئة من قيمة البنزين بالدولار الأميركي، وكامل سعر المازوت أيضاً بالدولار. ونظراً لكون التسعيرة المعتمدة من قبل الوزارة لبيع المحروقات محددة بالليرة اللبنانية حصراً، فذلك يرفع نسبة المخاطر بخسارة المحطات قيمة جعالتها على البنزين، عندما يرتفع سعر صرف الدولار. أما لجهة المازوت فللسبب عينه تمتنع المحطات منذ أكثر من الشهر عن بيع المازوت للمواطنين، إلا عبر الصهاريج وبالدولار الأميركي، فهل سيحذو البنزين حذو المازوت؟
في لقاء مع وزير الطاقة أمس، حصل تجاذب بين المحطات والشركات من جهة، وبين الطرفين ووزير الطاقة من جهة أخرى. فالمحطات تصر على توحيد عملة المبيع والشراء، بمعنى أن تشتري البنزين بالليرة وتبيعه للمواطنين بالليرة، للحفاظ على استقرار رساميلها وأرباحها، أو أن يتم دولرة المبيع كما الشراء، أي تسعير المازوت والبنزين بالدولار على غرار سعر الشراء. فما كان من الشركات المستوردة سوى رفض التعامل بالليرة، علماً أنها تشتري منتجات المحروقات بالدولار بنسبة 90 في المئة مؤمنة من قبل مصرف لبنان، و10 في المئة تفرض تأمينها على المحطات، في مقابل بيعها بالدولار حصراً. ما يعني أن الشركات تحافظ على ارباحها مهما ارتفع الدولار أو تراجعت نسب الدعم. فالأمر بالنسبة إليها محسوم، الشراء والمبيع بالدولار.
أمام إصرار الشركات وسطوتها على السوق، وقدرتها على التحكم به، تعجز وزارة الطاقة عن إدارة السوق أو حل الأزمة القائمة اليوم. وهو ما يدفع بأصحاب المحطات إلى التمسك بمطلب توحيد عملة الشراء والمبيع. الأمر الذي استدعى من الوزير فياض رفض دولرة تسعير البنزين رفضاً قاطعاً، على الرغم من أن قرار دولرة التسعير يعود إلى مجلس الوزراء وليس إلى وزير الطاقة منفرداً. وطرح فياض حلاً مؤقتاً للأزمة تمثلت بإدخال زيادة كبيرة على سعر المازوت والبنزين بشكل يضمن فيه تحقيق المحطات أرباح في حال ارتفع سعر صرف الدولار من جديد، إلى جانب وعد الوزير بالسعي والتفاوض مع المصارف، بهدف إعفاء المحطات من عمولة الـ1 في المئة التي تفرضها عليهم عند تحويل المستحقات للشركات بدل بضائعهم.
الحل الذي طرحه الوزير لم يلق استحساناً من أصحاب محطات المحروقات، الذين أصر بعضهم على دولرة التسعير، غير أنه استمهل توجههم إلى إقفال ابواب محطاتهم، وقرروا منحه فرصة إيجاد حلول ترضيهم وتحفظ أرباحهم، التي تقضم جزءاً منها الشركات المستوردة للنفط. أمام تجاذب الشركات والمحطات والموزعين على تحصيل وتحقيق الأرباح، وفي ظل عجز الوزارة عن ضبط إيقاع السوق، والسباق الحاصل بين المحروقات والدولار، أين المواطن من كل ذلك؟ وهل سيتمكن المستهلك اللبناني الذي يتآكل مدخوله بالليرة اللبناينة وتتقلص قدرته الشرائية على شراء صفيحة بنزين أو مازوت للتدفئة؟
ففي ظرف 48 ساعة فقط، ارتفع سعر صرف الدولار قرابة 2000 ليرة، ومعه ارتفعت أسعار المحروقات بشكل جنوني. فالمازوت وحده ارتفع خلال يومين (10100 ليرة+ 18440 ليرة) بقيمة 28500 ليرة، حتى بات سعر صفيحة المازوت متقارباً جداً مع سعر البنزين. ومرد ذلك إلى ترك هامش أرباح كبير للمحطات لحمايتها من ارتفاع جديد لسعر صرف الدولار. لكن الملفت بالأمر أن هذه الزيادة الهائلة لن تدفع بأصحاب المحطات إلى التراجع عن قرارها الرافض لبيع المازوت على المحطات. ما يعني أن المواطن سيستمر بمعاناة تأمين المازوت وارتفاع سعره.
وقد طرأت اليوم زيادة جديدة على أسعار المحروقات، بلغت 2300 ليرة على البنيزن 95 أوكتان، و2000 ليرة على البنزين 98 أوكتان، و18400 ليرة على المازوت و14900 ليرة على قارورة الغاز.. لتصبح الأسعار الجديدة على الشكل التالي: صفيحة البنزين 95 أوكتان 310800 ليرة، وصفيحة البنزين 98 أوكتان 319600 ليرة، وصفيحة المازوت 311000 ليرة، والغاز بـ266000 ليرة.