موجة كورونا الثانية تفقد مصر زخم السياحة الشتوية

تنذر الموجة الثانية من تفشي وباء كورونا بخسائر قياسية تنتظر قطاع السياحة في مصر، تزامنا مع ذروة الموسم السياحي خلال فصل الشتاء، الذي يعتمد على السياحة الشاطئية في المدن السياحية، خاصة الواقعة على البحر الأحمر.

قدّر المركز المصري للدراسات الاقتصادية خسائر قطاع السياحة بمصر نتيجة تداعيات الموجة الثانية من وباء كورونا بنحو 18 مليار دولار.

ورصد تقرير “متابعة آثار كوفيد – 19 على قطاع السياحة”، والذي أصدره المركز قبل أيام، سيناريوهات أكثر حدة لتأثير الأزمة على القطاع السياحي خلال الموجة الثانية، مقارنة بتداعيات الموجة الأولى، لأن الشهور المقبلة تعد ذروة الموسم السياحي في مصر، وكان العاملون في هذا القطاع يعوّلون على تعويض خسائرهم.

وتعتمد مصر على السياحة الشاطئية بشكل رئيسي، حيث تمثل نحو 85 في المئة من حركة السياحة الوافدة إلى مقاصدها السياحية، ويعد فصل الشتاء ذروة الحركة السياحية في شرم الشيخ ودهب والغردقة، وبعض المدن المطلة على البحر الأحمر، بسبب سطوع الشمس، والتي يخفت نجمها في معظم المقاصد السياحية العالمية.

وباتت مؤشرات تعاظم الخسائر ملموسة فعليا مع بدء عمليات الإغلاق في عدد من الدول الأوروبية، وفرض إجراءات احترازية صارمة، في الوقت الذي تستحوذ فيه السياحة الغربية على أكثر من نصف حجم السياحة الوافدة إلى مصر.

ورصد البنك المركزي المصري حزمة إنقاذ قيمتها 3.2 مليار دولار لإحلال وتجديد المنشآت السياحية التي تداعت جراء عمليات الإغلاق خلال الموجة الأولى للوباء، وخُصصت منها 192 مليون دولار لتمويل سداد رواتب وأجور العاملين بالقطاع السياحي لمساندة الشركات في الحفاظ على العمالة وعدم تشريدها.

وأجلت وزارة المالية سداد قيمة المبالغ المستحقة للتأمينات الاجتماعية لدى شركات السياحة لنحو 6 شهور من أجل تخفيف الضغوط المالية عليها.

وأمعنت القاهرة في رصد الحوافز، ومنحت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية تخفيضات على سعر الوقود الخاص بالطيران الذي يستهدف المقاصد السياحية في الغردقة وجنوب سيناء والأقصر وأسوان بنحو 10 سنتات على الغالون.

وتشمل التخفيضات الطيران الداخلي والخارجي، حيث يعد نشاط الطيران من العوامل المؤثرة في تنشيط قطاع السياحة في مصر.

ورغم عودة حركة الطيران خلال الفترة الماضية، إلا أن معاناة شركات الطيران مستمرة، وبلغت خسائر الشركة القابضة لمصر للطيران 190 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة التي توقفت فيها حركة الطيران، فيما تتحمل الشركة خسائر تصل لنحو 45 مليون دولار منذ بدء عودة حركة الطيران في يوليو الماضي.

ورفع الاتحاد العربي للنقل الجوي تقديراته لخسائر الاقتصاديات العربية، بسبب تأثير كورونا على قطاع السفر والسياحة إلى نحو 194 مليار دولار، بدلا من توقعات سابقة قدرت بنحو 130 مليار دولار.

وقال باسم حلقة نقيب السياحيين، لـ”العرب”، إن القطاع السياحي المصري بدأ يتأثر سلبا بالموجة الثانية لكورونا، إذ توقفت حركة الطيران المتجهة إلى مصر من دول عديدة، وتعد المحرك الأساسي للسياحة، وهو مؤشر يزيد من تفاقم الخسائر.

وأضاف، أن المنشآت السياحية لم تعوّض خسائرها منذ عودة العمل خلال شهر يوليو الماضي، بعد قرار الحكومة بإنهاء إجراءات مواجهة جائحة كورونا، إذ إن قرار الحكومة يقضي بأن لا تتعدى نسبة الإشغالات بالمنشآت حاجز 50 في المئة وفقا لقرار مجلس الوزراء، وهذه النسبة غير كافية لتعويض خسائر الشركات

وشهدت المقاصد السياحية في محافظات، البحر الأحمر وجنوب سيناء ومرسى مطروح، عودة تدريجية للحركة السياحية خلال الشهور الماضية، وما لبثت الحياة تعود إلى الأقصر وأسوان خلال شهر سبتمبر الماضي حتى جاءت الموجة الثانية للوباء بتداعيات وخيمة على القطاع.

ومع تفاقم الأوضاع بدأت الأنظار تترقب خطى شركات الأدوية العالمية لطرح لقاح فعال لمواجهة الوباء أملا في إنقاذ موسم السياحة الرئيسي خلال فصل الشتاء.

وتفاقمت أوضاع السياحة الثقافية، وباتت الأكثر تضررا، خاصة آثار ومعابد مدينتي الأقصر وأسوان، فضلا عن الاكتشافات الجديدة في منطقة سقارة.

وانعكس تراجع الحركة السياحية على انخفاض الإيرادات، حيث تراجعت بنحو 55 في المئة خلال النصف الأول من 2020، مقارنة بنفس الفترة من عام 2019، وذلك يرجع للتدهور الكبير للإيرادات في الربع الثاني من العام الذي شهد ذروة الأزمة.

وانخفضت إيرادات مصر خلاله بنحو 87 في المئة محققة 305 مليون دولار، مقارنة بالربع السابق، وبنحو 90 في المئة مقارنة بالربع المناظر من عام 2019.

وقال أحمد الشيخ، رئيس شعبة السياحة والفنادق بالغرفة التجارية بجنوب سيناء، إن خسائر قطاع السياحية لا تزال تتواصل نتيجة توقف حركة الطيران، لاسيما من الأسواق الرئيسية التي تعتمد عليها مصر، مثل ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا.

وأشار، لـ”العرب”، إلى أن الحركة السياحية في مصر تعتمد حاليا على الرحلات القادمة من أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا، فيما تأتي رحلات من أسواق أخرى، ولكن لمرة واحدة في الشهر، ولا أحد يعلم مدى استمرارها الشهور المقبلة.

ورغم تعقد أوضاع القطاع السياحي، غير أن مؤشرات التعافي وفقا للمركز المصري للدراسات الاقتصادية لن تكون قبل النصف الأول من العام المالي المقبل.

وتشير التوقعات إلى قدوم نحو 3 ملايين سائح بما يمثل نسبة 48 في المئة من السياحة المعتادة خلال عام 2018 لأنه كان عام انطلاق السياحة المصرية، وبالتالي تحقيق إيرادات سياحية تصل لنحو 900 مليون دولار.

وسوف يظل ذلك مرهونا بظهور مصل فعال لعلاج الفايروس، وإزالة الدول قيودها على الطيران، مع استحواذ النقل الجوي على 95 في المئة من حركة السائحين.

وفي الأجل المتوسط، يُتوقع أن يكون عام 2024- 2025 هو عام ازدهار كبير للسياحة المصرية، حال ظهور مصل فعال، وإثبات جدواه في علاج الفايروس، حيث يكون قد تم استخدام المصل لنحو 3 سنوات.

وبالتالي ظهور نتائجه الإيجابية، والتمكن من السيطرة على المرض، وتعافى الاقتصاد وعودة الدخول إلى مستوياتها المعتادة إلى حد كبير، ما يسمح بحدوث تطور ملموس في قطاع السياحة، الذى يعد من الأنشطة الترفيهية.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةهيونداي وإنيوس تعززان اقتصاد الهيدروجين
المقالة القادمةكيرا.. روبوت مصري في مواجهة كوفيد – 19