حافظت وكالة التصنيف الدولية “موديز” على تصنيف لبنان الائتماني السيادي عند C وعلى النظرة المستقبلية المستقرّة، علماً أن هذا التصنيف يعكس احتمالية كبيرة بأن تتخطى خسائر حاملي سندات اليوروبوندز نسبة الـ 65%، كما وعرضت أبرز نقاط القوة وأهم التحديات التي تراها ذات صلة لتحديد وتعليل هذا التصنيف السيادي. وتجلت نقطة القوة الوحيدة في التزام الدول المانحة بدعم لبنان شريطة تطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي.
اختصرت وكالة “موديز” في تقريرها التحدّيات القائمة كالتالي: التعرض الآخذ بالارتفاع لأزمة اقتصادية ومالية واجتماعية حادة كما وضعف المؤسسات ونظام الحوكمة وهو ما يؤخّر الدعم الخارجي واندثار القوة الشرائية جرّاء التراجع الكبير في سعر الصرف والارتفاع الملحوظ في مستويات التضخم. وأشارت الوكالة إلى أن النظرة المستقبلية المستقرة تشير إلى أنها لا ترتقب أي تحسّن في تصنيف لبنان في المدى القريب.
وأشارت الوكالة أيضاً، كما ورد في التقرير الاقتصادي الأسبوعي لبنك الاعتماد اللبناني، إلى أن تصنيف لبنان سيبقى على حاله إلا إذا تم تطبيق إصلاحات جوهرية على مدى سنوات عدة من جهة كما وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكية الدين كالنمو الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة أخرى وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.
المعايير المعتمدة
من منظار آخر، يجدر التوضيح أن التصنيف الذي تمنحه وكالة “موديز” يأتي بناءً على نتائج مسجلة على أربعة مستويات، وهي: القوّة الاقتصادية، قوّة المؤسسات والحوكمة، القوة المالية، والتعرّض لمخاطر الأحداث.
وسجّل لبنان نتيجة “caa2” في معيار القوة الاقتصادية نظراً للانكماش الاقتصادي الكبير وتراجع مستويات الدخل بما دفع بنسبة 80% من المواطنين إلى ما دون خط الفقر، و 36% دون خطّ الفقر المدقع.
في السياق عينه، أشار التقرير إلى أنه من ناحية إيجابية ساهمت تحويلات المغتربين بدعم مستويات الدخل بالنسبة إلى القوة المؤسساتية. سجّل لبنان نتيجة “ca”، ما يعكس الضعف في بيئة الحوكمة وذلك في ظلّ ضعف فعالية السياسة المالية للدولة، خاصة لناحية المستوى الضعيف للإيرادات. كما ويعكس هذا التصنيف تخلّف لبنان عن دفع سندات اليوروبوندز، أما على صعيد القوة المالية، فقد نال لبنان نتيجة ca”، وهي نتيجة تعكس دين الدولة الكبير الذي قد يتسبب بخسائر كبيرة للدائنين في حال تعثرت الدولة في الدفع. أخيراً، حصل لبنان على نتيجة Ca في معيار التعرض لمخاطر الأحداث، نظراً لمخاطر السيولة والتعرض الخارجي الكبير كما وتعرض القطاع المصرفي الكبير للدين السيادي.
الوضع الإئتماني
تفاقمت حدة التوتّرات مع إسرائيل منذ 2 تشرين الأول 2024، بما تسبّب بعدد كبير من الوفيات والجرحى وبدمار في البنى التحتية. وأشارت وكالة “موديز” إلى أن هذا النزاع زاد حدة الوضع الإئتماني الضعيف في البلاد، وعرقل قدرة الحكومة على الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي. وبحسب البنك الدولي، فإن أضرار الحرب الأخيرة تقدّر بـ 3,4 مليار ات دولار. كما وقدّر الخسائر الاقتصادية بـ 5,1 مليارات دولار (والتي أدّت إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في لبنان للعام 2024 بنسبة 6,6 %).
وذكرت وكالة التصنيف أيضا أنه تم إحراز بعض التقدّم في الإصلاحات النقدية والمالية، مثل وقف مصرف لبنان تمويله للخزينة وشبه التوحيد لأسعار الصرف، واستقرار الكتلة النقدية، وتعديل سعر الصرف لاحتساب تعرفة الجمارك وضريبة القيمة المضافة، لتتماشى مع سعر السوق. إلا أن وكالة “موديز” ذكرت بأن هذه السياسات غير كافية لإحراز تعافٍ كامل من الأزمة. بالتفاصيل، أشارت الوكالة إلى أن الودائع في المصارف لا تزال مجمّدة كما وأن القطاع المصرفي لا يزال غير قادر على منح تسليفات.
واعتبرت الوكالة أن الموافقة على موازنة العام 2024 في وقتها المحدّد خطوة أولى مهمّة، إلا أنّها اعتبرت أن جهوداً أكبر مطلوبة لتحسين المالية العامة. وذكرت وكالة “موديز” أيضاً أنّ التقدّم في بعض الإصلاحات الإساسية الأخرى (كالحوكمة والشفافية والمحاسبة) لا تزال محدودة.