«موديز» تحافظ على نظرتها «المستقرّة» لمستقبل القطاع المصرفي اللبناني

أصدرت وكالة التصنيف الدولية «موديز» تقريراً حول نظرتها المستقبلية للقطاع المصرفي اللبناني، عللت فيه نظرتها المستقبلية «المستقرة» للقطاع لفترة الـ12 إلى 18 شهراً المقبلة.
وفي التفاصيل التي أوردها التقرير الاقتصادي الأسبوعي لبنك الاعتماد اللبناني فقد عزت الوكالة نظرتها المستقبلية هذه إلى توقعاتها لتحسّن خجول في النمو الاقتصادي، وخصوصاً بعد تشكيل الحكومة الجديدة، والتي أنعشت المودعين والمستثمرين بعد أشهر من الضبابية كذلك تعكس النظرة المستقبلية «المستقرة» للقطاع قدرة المصارف على استقطاب ودائع كافية لتلبية الحاجات التمويلية للقطاعين العام والخاص على السواء. في المقابل لفتت «موديز» إلى أهمية بدء الحكومة بتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتأمين مالية عامة مستدامة على الأمد الطويل وإعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني.
على صعيد البيئة التشغيلية للمصارف اللبنانية، وبالرغم من الاستقرار النسبي الذي تتسم به حالياً، علقت الوكالة على أنها لا تزال عرضة لتحديات عديدة. فقد توقعت «موديز» أن تتسارع وتيرة النمو الاقتصادي الحقيقي في لبنان من 1.0% في العام 2018 الى 1.3% في العام 2019 ، و1.5% خلال العام 2020، لتبقى رغم ذلك متواضعة. إذ ان تداعيات الإصلاحات والمشاريع الاستثمارية تستغرق وقتاً أطول لتتجلى.
وأشارت الوكالة الى ان هذه المشاريع، لاسيما تلك التي تنضوي تحت مظلة برنامج الاستثمار الرأسمالي، ترافقاَ مع الإصلاحات المالية المتوجبة إقرارها ستسمح للبنان بالاستفادة فعلياً من الأموال التي تم التعهّد بها في مؤتمر «سيدر» الذي عُقد في باريس في نيسان 2018. إلا أن اي تدهور في الأوضاع السياسية المحلية أو في البيئة الجيوسياسية بشكل يعيق جدول تطبيق الإصلاحات المنشودة من شأنه ان يحدّ بدوره من مستويات الثقة، ويشوّش على النشاط الاقتصادي، ويزيد من معاناة الشركات وأصحاب الأعمال من البنى التحتية المهترئة.
بالتوازي، رجحت «موديز» أنّ يظلّ العجز في الميزان التجاري وفي الموازنة مرتفعاً خلال الفترة المعنية. كما توقع التقرير استقراراً في نمو التسليف المحلي (مقارنة بانكماش بنسبة 3% خلال العام 2018) قبل ان يزيد بشكل خجول في نهاية الفترة المذكورة، وذلك بفعل معدلات الفوائد المرتفعة والركود الاقتصادي. غير ان الوكالة قد ارتقبت زيادة في الطلب على الاقتراض في ضوء الرزمة التحفيزية التي خصصها مصرف لبنان للعام 2019، والبالغة قيمتها 1.1 مليار د.أ. أيضاً.
في هذا السياق، سلّطت «موديز» الضوء على الأداء الجيد للقطاع السياحي بحيث ارتفع عدد السياح القادمين الى لبنان بنسبة 6% خلال العام 2018 الى نحو مليوني زائر، مع معدل إشغال للفنادق في حدود الـ65%. ومن المتوقع ان يستمر الانتعاش في الحركة السياحية خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً بعدما رفعت المملكة العربية السعودية حظرها لرعاياها من السفر الى لبنان. من جهة أخرى، ذكّرت الوكالة معاناة قطاع البناء والقطاع العقاري، واللذين تأثر بشكل كبير بالتوترات السياسية وتعليق القروض الإسكانية المدعومة من قبل مصرف لبنان.
أما في ما يتعلق بالمخاطر المالية، فقد ذكرت «موديز» أن تعرّض المصارف الكبير والمتزايد (التوظيفات في الأدوات السيادية تشكل 55% من موجودات المصارف وسبعة أضعاف أموالها الخاصة الرئيسية (Tier 1 capital) مع نهاية العام 2018 للديون السيادية (علماً أن نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي قد بلغت 141% في نهاية العام 2018) يُعتبر أحد المخاطر الرئيسية للمصارف، والتي يرتبط تصنيفها الائتماني ارتباطاً وثيقاً بالتصنيف السيادي للبنان. وقد توقعت «موديز» أن يبقى العجز في الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مرتفعاً على الرغم من تراجع تدريجي من 10.5% في العام 2018 الى 9.5% في العام 2019 ومن ثم الى 9% في العام 2020.
وبالنسبة إلى ودائع الزبائن لدى المصارف، رأت «موديز» استمراراً في قدرة المصارف اللبناينة على جذب الودائع (وخصوصاً من قبل المغتربين)، والتي من المتوقع ان تزيد بـ6.5 مليار د.أ. في العام 2019، في مقابل ارتفاع بلغ 5.6 مليار د.أ. في العام السابق، لتساهم بذلك في سدّ عجز الموازنة والميزان الجاري وفي المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد. بالتوازي، من المرتقب ان يستمر جذب الودائع في ظل معدلات الفائدة المرتفعة التي تقدمها المصارف في ضوء العائدات الجيدة التي باتت تتقاضاها على توظيفاتها مع البنك المركزي، دائماً بحسب الوكالة.
وأشادت «موديز» بقدرة المصارف على المحافظة على نمو الودائع حتى في أحلك الظروف، بحيث اقتصرت ردة فعل المودعين بتحويل أموالهم الى الدولار الأميركي في الإطار عينه، أوضحت الوكالة أن مخاطر اي تباطؤ مستقبلي في تدفق الودائع تعوّض عنها الاحتياطات الكبيرة لدى مصرف لبنان (بلغت الموجودات بالعملة الأجنبية 32.5 مليار د.أ. مع نهاية العام 2018)، والتي تشكّل أيضاً حصناً متيناً لحماية استقرار سعر صرف العملة الوطنية.
وعلى صعيد الملاءة، اعتبرت «موديز» أن نِسَب كفاية رأس المال لدى المصارف اللبنانية «متواضعة» في ظل تعرّض المصارف الكبير للديون السيادية والبيئية المعقدة التي تعمل فيها. في المقابل، إن امتثال المصارف اللبنانية بمتطلبات «بازل 3 « يساهم في النظرة المستقبلية «المستقرة» لنِسَب كفاية رأس المال خلال فترة الـ12 إلى 18 شهراً المقبلة. أما لجهة الربحية، فقد ذكرت «موديز» أن المصارف اللبناينة ستكون تحت ضغط عوامل كثيرة مثل: ارتفاع كلفة الودائع، ومحدودية فرص الأعمال الجديدة، وتزايد عبء تكوين المؤونات. إلا أن الهندسات المالية التي أطلقها مصرف لبنان ساهمت في دعم إيرادات المصارف، والتي من المتوقع أن ترتفع مع نهياة الفترة المدروسة إذا ما تم إنجاز الإصلاحات والاستثمارات المطلوبة. كذلك من المرتقب أن تؤدي عودة الاستقرار السياسي في البلاد إلى خفض معدلات الفائدة على الودائع.
المادة السابقةدهسها القطار بسبب صورة “سيلفي”!​​​​​​​
المقالة القادمة6 شركات عربية بيعت بالملايين​​​​​​​ غلى غرار صفقة “أوبر” و”كريم”