موظفو القطاع العام لن تخدعهم الحكومة: زيادة هزيلة للرواتب

تستمر الحكومة بسلوك الطريق عينه في معالجة الأزمات، طريق الهروب إلى الأمام. تتعامل مع ملف القطاع العام منذ بداية الأزمة على طريقة “الترقيع”. فكل زيادة على أجور القطاع العام يقابلها تعديلات بالرسوم والضرائب، تحت عنوان تأمين التمويل، في حين أن أزمة تراجع القدرة الشرائية للرواتب ترتبط بشكل مباشر بالارتفاع الهائل للتضخم الذي يأكل أي زيادات على الرواتب مهما بلغت، ما لم يتم التعامل مع الأزمة الاقتصادية من كافة جوانبها.

وبعد قرابة العام ونصف العام من إضراب موظفي القطاع العام وتوقفهم عن العمل، والمطالبة بزيادة الأجور بما يتناسب وسعر الصرف، أقدمت الحكومة على طرح زيادة أجور القطاع العام في جدول أعمال جلستها المزمع عقدها يوم غد الثلاثاء 18 نيسان، آملة فض إضراب القطاع العام. لكن توجّه القطاع العام لا يبدو أنه سيلبّي آمال الحكومة. فموظفو الإدارة العامة والعسكريون المتقاعدون وعموم العاملين في القطاع العام، سينفذون اعتصاماً يوم غد في وسط بيروت، تزامناً مع انعقاد مجلس الوزراء، رافعين مطالبهم البعيدة كل البعد عما هو مطروح على طاولة مجلس الوزراء.

طروحات عشوائية في مجلس الوزراء

لم تتعامل السلطة يوماً مع أزمة رواتب القطاع العام كجزء من سلسلة أزمات، يرتبط حلها بسلة واحدة، إنما تصر على زيادة الرواتب بشكل غير مدروس، كما حصل أكثر من مرة، ومن غير المتوقع أن تنهي الزيادات المقترحة إضراب القطاع العام. لا بل من المتوقع أن تدفع بالليرة إلى مزيد من الانهيار نتيجة تعاظم التضخم.

أدرجت الحكومة على جدول أعمال جلستها يوم غد، بنداً ينص على “مشروع مرسوم يرمي الى تعيين الحد الأدنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل ونسبة غلاء المعيشة”. وآخر يتضمن زيادة في الأجور وبدلات النقل والمعاشات لموظفين القطاع العام والمتقاعدين من المؤسسات العسكرية والأمنية.

لم توضح الحكومة في البنود الواردة في جدول أعمالها تفاصيل اقتراحات الزيادات. الأمر الذي يفتح الباب على نقاشات قد لا تنتهي في جلسة الغد ولا تصل إلى نهاية مرضية.

بالنسبة إلى زيادة الحد الأدنى لأجور المستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل، فليس واضحاً ما إذا كان مجلس الوزراء سيناقش ويقر الزيادة الصادرة عن لجنة المؤشر في 13 كانون الثاني أم الصادرة في 30 آذار. ففي الأولى أقرت لجنة المؤشر زيادة على الحد الأدنى للأجور ليصبح 4.5 مليون ليرة. وفي الثانية أقرت لجنة المؤشر زيادة على الحد الأدنى للأجور ليصبح 9 ملايين، وبدل نقل 250 ألف ليرة لليوم الواحد. لكن الملفت أن القرارين أحيلا إلى الحكومة ولم يصدر مرسوم لأي منهما.

لا اتفاق واضحاً

أما بالنسبة إلى زيادة الرواتب للقطاع العام، فالأمر يزيد تعقيداً. إذ لا توجد صيغة واضحة لدى الحكومة فيما خص زيادة الرواتب. بل أمامها العديد من المقترحات أبرزها مقترح وزارة المالية، ويقوم على زيادة 3 و4 رواتب للموظفين في الخدمة الفعلية، وراتبين أو 3 رواتب للمتقاعدين، على أن لا تفوق الزيادات على رواتب الموظفين في الخدمة الفعلية عن 200 دولار.

مسألة الزيادة على الرواتب بالنسبة إلى الحكومة هو أمر متفق عليه. لكن لا اتفاق حتى اللحظة على حجم الزيادة، ولا على تمويلها. وحسب المصادر فإن الزيادة ستكون مشروطة بالتمويل، ما يعني “أننا بتنا أمام خيارين: إما تعليق الزيادات واستمرار حال الشلل في القطاع العام أو استئناف عمل القطاع العام مقابل المزيد من فرض الرسوم والضرائب لتغطية زيادة الرواتب”.

لكن ما يغيب عن بال الحكومة هو السؤال التالي، هل فعلاً سيعود موظفو القطاع العام إلى العمل في حال إقرار الزيادة المطروحة اليوم أي 3 و4 رواتب؟

لا عودة عن الإضراب

“لا عودة عن الإضراب طالما أن طروحات الزيادة على الرواتب بعيدة عن المطالب”، على ما تؤكد رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر في حديثها إلى “المدن”. وتصرّ نصر أن موظفي القطاع العام لن يقبلوا بإعطاء الزيادات بالليرة اللبنانية، ما لم تكن الزيادة مربوطة بسعر صرف محدد وثابت لليرة، فمهما بلغت الزيادات سواء 4 رواتب أو 5 أو 6 لا فرق فهي قطعاً ستذوب بعد فترة بفعل التضخم وارتفاع سعر الدولار.

وتوضح نصر أن تحرك الموظفين غداً لرفع الصرخة بأن الإضراب مستمر ما لم تكن الزيادات واقعية “لا نريد بدل انتاجية بل زيادة على أساس الراتب. ولن نقبل ببدل نقل 400 ألف ليرة، إنما ببدل نقل على شكل ليترات بنزين وفق المسافات وبعد مقار العمل. ولن نقبل إلا بتغطية استشفائية كاملة”. وتلفت نصر إلى أن الإضراب ليس خياراً اليوم، إنما هو أمر واقع فرضته السلطة على الموظفين، وهو أشبه بإضراب قسري. فموظفو القطاع العام عاجزون عن الوصول إلى مراكز عملهم.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةسقف الدين الأميركي… أزمة موقوتة في وجه العالم
المقالة القادمةصناعة لبنان وزراعته تحت وطأة الأزمة.. هل من حوافز؟