سجلت الميزانية العامة لتركيا عجزاً يفوق 6 مليارات دولار في مارس (آذار) الماضي. بينما تكبد المستثمرون في صناديق الاستثمار خسائر نتيجة التراجع الحاد لسعر صرف الليرة التركية أمام سلة من العملات الأجنبية يقودها الدولار الأميركي.
وقالت وزارة الخزانة والمالية التركية، في بيان أمس، إن العجز في الميزانية بلغ 6.1 مليار دولار الشهر الماضي، حيث بلغت الإيرادات 8.15 مليار دولار، بتراجع بلغ 21 في المائة على أساس سنوي، بما في ذلك مدفوعات الفائدة التي بلغت 1.7 مليار دولار، بينما ارتفعت المصروفات بنسبة 13 في المائة إلى 14.3 مليار دولار.
وأظهرت الأرقام الرسمية أن النفقات غير المتعلقة بالفائدة بلغت 12.6 مليار دولار، وهو ما يمثل عجزاً بنحو 4.4 مليار دولار في الرصيد الأساسي، ولم تتلق الخزانة العامة للدولة أي عائدات أو تحويلات من إدارة الخصخصة أو دخل أموال من بيع الأراضي أو تراخيص شبكات الهواتف الجوالة «4.5 جي».
وأشار البيان إلى أن وزارة الخزانة والمالية اقترضت 1.13 مليار دولار من الأسواق المحلية أول من أمس، وتم طرح سندات حكومية بمبلغ 915 مليون دولار، تم تسويتها بتاريخ أمس وتستحق في 21 يونيو (حزيران) 2023.
في الوقت ذاته، كشفت أرقام رسمية عن تكبد المستثمرين في صناديق الاستثمار التركية خسائر متباينة خلال مارس الماضي، مدفوعة بتراجع حاد في الليرة التركية مقابل سلة من العملات الأجنبية، وهو ما أثر على مختلف قطاعات الاقتصاد المحلي في البلاد.
وقالت هيئة الإحصاء التركية، في بيان، إن المستثمرين سجلوا خسائر في استثماراتهم بقطاعات الفائدة على الودائع في القطاع المصرفي، إضافة إلى أدوات الدين المحلي الحكومي وبورصة إسطنبول للأوراق المالية، خلال مارس الماضي.
وأضاف البيان، أن الخسائر التي تكبدها المستثمرون في الفائدة على الودائع بالقطاع المصرفي بلغت 0.15 في المائة خلال مارس، مقارنة مع شهر فبراير (شباط) السابق عليه. بينما بلغت الخسائر في بورصة إسطنبول 19.89 في المائة تماشياً مع الهبوط الحاد في مؤشر البورصة خلال الشهر الماضي.
أما بالنسبة للخسائر التي تكبدها المستثمرون في أدوات الدين الحكومية التركية (سندات، أذونات، صكوك)، فبلغت 1.63 في المائة. وكانت الاستثمارات بالعملات الأجنبية هي الوحيدة التي حققت أرباحاً؛ إذ صعد معدل الربح الحقيقي الشهري للدولار والذهب بمعدل 3.61 في المائة و2.90 في المائة على التوالي.
وتراجع سعر صرف الليرة التركية حالياً إلى متوسط 6.75 ليرة للدولار، مقارنة مع متوسط 5.8 ليرة للدولار بنهاية العام الماضي. وشهد الاقتصاد التركي خلال 2019، والربع الأول من العام الحالي أزمات متعددة تمثلت في استمرار ضعف الليرة التركية، وظهور أزمة عقارات، وتراجع في البورصة، ومغادرة استثمارات نحو أسواق أكثر استقراراً.
وبحسب خبراء، فإن اقتصاد تركيا الذي يعتمد على الشركات الصغيرة والمتوسطة، بخاصة ما يتعلق بتشغيل الأيدي العاملة، سيعاني أزمات كثيرة إن أغلقت تلك الشركات أبوابها، وبخاصة على صعيد كفاية السوق الداخلية والبطالة وحتى الصادرات، رغم أن صادرات الشركات الصغيرة لا تتجاوز 10 في المائة من مجمل الصادرات التركية التي تجاوزت 180 مليار دولار العام الماضي.
وأوقف نحو 150 ألف شركة أنشطتها مع أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد وتم تسريح العاملين فيها.
وكان وزير الخزانة والمالية التركي برات ألبيراق قد كشف قبل يومين عن حزمة جديدة لدعم الشركات الصغيرة والأسر المتضررة من تفشي فيروس كورونا، مؤكداً أن حكومة بلاده ستقدم مساعدات نقدية إلى 2.3 مليون أسرة، إضافة إلى 2.1 مليون أسرة كان الرئيس رجب طيب إردوغان أعلن عنها سابقاً.
وقال، إن الحكومة خصصت قروضاً بقيمة 20 مليار ليرة، لنحو 23 ألف شركة، وإن 96 في المائة من الشركات التي ستستفيد من هذا القرض تصنف في فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما قدمت الحكومة حتى الآن دعماً إلى 55 ألف تاجر وحرفي بقيمة 25 ألف ليرة لكل منهم، وتجاوز إجمالي المبلغ المقدم لهم مليارَي ليرة، داعياً البنوك الخاصة إلى المشاركة في مكافحة تداعيات «كورونا» على الاقتصاد التركي.
وأطلق 13 بنكاً تركياً، العام الماضي، حزمة تمويل بقيمة 20 مليار ليرة تركية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. ويخشى مراقبون من عدم قدرة هذه الشركات على تسديد الديون، بعد أن تراجعت ساعات العمل والإنتاج ببعضها وتوقف بعضها الآخر عن العمل تماماً.
وبحسب هيئة التنظيم والرقابة المصرفية التركية، قفزت قيمة الديون المستحقة على الشركات الصغيرة والمتوسطة في تركيا بنسبة 17.7 في المائة، إلى 637 مليار ليرة العام الماضي، رغم انخفاض عدد الشركات المسجلة لدى القطاع المصرفي في ظل الانكماش الاقتصادي الذي أدى إلى إفلاس أكثر من 16 ألف شركة، وتقدم أخرى بطلبات لتسوية إفلاسها في ظل حالات تعثر كثيرة عن سداد الديون نتيجة أزمة الليرة التركية التي وقعت في أغسطس (آب) 2018، والتي تواصلت خلال العام الماضي، والمستمرة حتى الآن.